[ ص: 185] قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: والتأويل الأول عليه الناس؛ ويحتمل أن يكون المراد بقوله: لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ؛ الأمم؛ كما قدمنا؛ ويحتمل أن يكون المراد الأنبياء؛ لا سيما وقد تقدم ذكرهم وذكر ما أنزل عليهم؛ وتجيء الآية مع هذا الاحتمال في الأنبياء تنبيها لمحمد - صلى اللـه عليه وسلم -؛ أي: فاحفظ شرعتك ومنهاجك لئلا يستزلك اليهود؛ وغيرهم في شيء منه. والمتأولون على أن الشرعة والمنهاج في هذه الآية لفظان؛ بمعنى واحد؛ وذلك أن الشرعة والشريعة هي: الطريق إلى الماء؛ وغيره مما يورد كثيرا؛ فمن ذلك قول الشاعر: وفي الشرائع من جلان مقتنص... بالي الثياب خفي الصوت مندوب أراد: في الطرق إلى الماء؛ ومنه: الشارع؛ وهي سكك المدن؛ ومنه قول الناس: "وفيها يشرع الباب"؛ والمنهاج أيضا: الطريق؛ ومنه قول الشاعر: من يك في شك فهذا نهج... ماء رواء وطريق نهج أراد: واضحا؛ والمنهاج بناء مبالغة في ذلك. وقال ابن عباس ؛ وغيره: شرعة ومنهاجا ؛ معناه: سبيلا؛ وسنة. قال القاضي أبو محمد - رحمه الله -: ويحتمل لفظ الآية أن يريد بالشرعة: الأحكام؛ وبالمنهاج: المعتقد؛ أي: وهو واحد في جميعكم؛ وفي هذا الاحتمال بعد. والقراء على "شرعة"؛ بكسر الشين؛ وقرأ إبراهيم النخعي ؛ ويحيى بن وثاب: "شرعة"؛ بفتح الشين.
قال مجاهد: أي: محمد صلى الله عليه وسلم مؤتمن على القرآن. قوله تعالى: فاحكم بينهم بما أنزل الله يوجب الحكم; فقيل: هذا نسخ للتخيير في قوله: فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وقيل: ليس هذا وجوبا ، والمعنى: فاحكم بينهم إن شئت; إذ لا يجب علينا الحكم بينهم إذا لم يكونوا من أهل الذمة ، وفي أهل الذمة تردد وقد مضى الكلام فيه ، وقيل: أراد فاحكم بين الخلق; فهذا كان واجبا عليه. قوله تعالى: ولا تتبع أهواءهم فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى: ولا تتبع أهواءهم يعني لا تعمل بأهوائهم ومرادهم على ما جاءك من الحق; يعني لا تترك الحكم بما بين الله تعالى من القرآن من بيان الحق وبيان الأحكام. والأهواء جمع هوى; ولا يجمع أهوية; وقد تقدم في " البقرة ". فنهاه عن أن يتبعهم فيما يريدونه; وهو يدل على بطلان قول من قال: تقوم الخمر على من أتلفها عليهم; لأنها ليست مالا لهم فتكون مضمونة على متلفها; لأن إيجاب ضمانها على متلفها حكم بموجب أهواء اليهود; وقد أمرنا بخلاف ذلك. ومعنى عما جاءك على ما جاءك. لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا يدل على عدم التعلق بشرائع الأولين.
ويقول ابن كثير في تفسيره للآية أن قوله: (شرعة ومنهاجا) أي: سبيلا وسنة، وروى ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد أيضا وعطاء الخراساني عكسه: ( شرعة ومنهاجا) أي: سنة وسبيلا ، لكنه رجح الأول، مؤكدًا أن الشرعة وهي الشريعة أيضا ، هي ما يبتدأ فيه إلى الشيء ومنه يقال: " شرع في كذا " أي: ابتدأ فيه. وكذا الشريعة وهي ما يشرع منها إلى الماء. أما " المنهاج ": فهو الطريق الواضح السهل ، والسنن: الطرائق ، فتفسير قوله: ( شرعة ومنهاجا) بالسبيل والسنة أظهر في المناسبة من العكس. محتوي مدفوع
والحاكم (3046) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ومسند ابن الجعد (2026). [5] البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما (3533)، والكتاني، تحقيق منير الغضبان: التراتيب الإدارية في نظام الحكومة النبوية ص82. [6] البخاري: كتاب المغازي، باب قصة أهل نجران (4121). [7] الأقرصَةُ: جمع قُرْصٍ وهو الرغيف. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة قرص 7/70. [8] نَبِيّ: كل ما ارتفع من الأَرض، وفسَّروه بمائدة من الخوص، انظر: النووي: المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 14/8، وابن منظور: لسان العرب، مادة نبا 15/301. [9] الأُدُم: جمع الأُدْم وهو ما يؤكل بالخبز أَيَّ شيء كان. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة أدم 12/8. [10] مسلم: كتاب الأشربة، باب فضيلة الخل والتأدم به (2052). [11] أحمد (12669)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين. قصه عن تعاون الرسول مع اصحابه سرا. والبيهقي (11724). [12] صَنَعَ سُورًا: أَي طعامًا دعا الناس إِليه. انظر: ابن حجر العسقلاني: فتح الباري 7/399، وابن منظور: لسان العرب، مادة سور 4/384. [13] حَيَّ هَلاً بِكم: أَي ابْدَأ بكم وعَجِّلْ، وهي كلمة استدعاء فيها حثٌّ، أي هلمُّوا مسرعين.
↑ سورة النساء، آية: 80. ↑ سورة الأحزاب، آية: 56. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2421، صحيح. ^ أ ب ت علي بادحدح، دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح ، صفحة 15-19، جزء 62. بتصرّف. ↑ سورة الأحزاب، آية: 21. ↑ سورة آل عمران، آية: 31. ^ أ ب عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني ، صفحة 11-16، جزء 203. بتصرّف. ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي بن كعب، الصفحة أو الرقم: 2457، حسن صحيح. ↑ سورة الأحزاب، آية: 6. قصة قصيرة عن تعاون الرسول مع أصحابه الكرام - موقع المزيد. ↑ ابن رجب الحنبلي (1996م)، فتح الباري شرح صحيح البخاري (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية - المدينة المنورة: مكتبة الغرباء الأثرية، صفحة 49، جزء 1. بتصرّف.
ذات صلة أجمل قصص الصحابة مع الرسول أجمل قصص الصحابة أجمل قصص الرسول مع أصحابه اسْتَوِ يَا سَوَادُ تتحدَّث هذه الواقعة عن الصحابيِّ سوادِ بن غَزِيَّةَ الأنصاريِّ يوم بدرٍ، حيث كان النَّبيُّ -عليه الصلاة والسلام- يتفقَّد المُقاتلين ويُسوِّي الصُّفوف، وكان سوادُ مُتقدِّماً خطوةً عن باقي الجُند، ممّا جعل الصَّف غير مستوٍ، فأرجعه النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى الوراء بواسطة سهمٍ بلا نصلٍ كان يحمله ويسوِّي به الصُّفوف، فقال سواد للرَّسول إنّه أوجعه ويريد أن يقتصَّ منه. [١] ولم تُغضب هذه الشَّكوى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، بل على العكس قَبِل القصاص وكشف عن بطنه وأمر سواداً بأن يأخذ حقّه فيضربه بالسَّهم كما فعل له، وإذا بسوادٍ يُقبِل على النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ويُقبِّل بطنه الشَّريفة! فعجب النَّبيُّ من فعله وسأله لِم صنع ذلك، فأخبر سوادٌ -رضي الله عنه- رسول الله أنّ وقت الحرب والقتال قد حلَّ، فأراد أن يكون آخر عهدٍ له في هذه الدنيا هو أن يمسَّ جلدُه جلدَه -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فدعا له رسول الله بالخير.
حديث يتكلم عن التعاون للاطفال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة. ومن يسر على معسر يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة ومن ستر مسلماً ستره الله. فى الدنيا والآخرة والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه))
تعاون الصَّحابة رضوان الله عليهم في بناء المسجد النبوي: - عندما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لبني النَّجار: ((يا بني النَّجار ثامنوني بحائطكم هذا، قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلَّا إلى الله، فقال أنسٌ: فكان فيه ما أقول لكم قبور المشركين، وفيه خربٌ وفيه نخلٌ، فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين، فنُبِشَت، ثمَّ بالخرب فسوِّيت، وبالنَّخل فقطِّع، فصفُّوا النَّخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه الحجارة، وجعلوا ينقلون الصَّخر وهم يرتجزون والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم معهم، وهو يقول: اللَّهمَّ لا خير إلَّا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة)) [694] رواه البخاري (428)، ومسلم (524). تعاون الأنصار مع المهاجرين بعد الهجرة: - قال عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه: ((آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الرَّبيع، فقال لي سعد: إنِّي أكثر الأنصار مالًا، فأقاسمك مالي شطرين، ولي امرأتان، فانظر أيتهما شئت حتى أنزل لك عنها، فإذا حلَّت تزوجتها، فقلت: لا حاجة لي في ذلك، دلُّوني على السُّوق، فدلُّوني على سوق بني قينقاع، فما رحت حتى استفضلت أقِطًا [695] الأقط: شيء يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل.