أمّا الدليل على نصاب الغنم فهو قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وفي سائِمَةِ الغنَمِ في كُلِّ أربعينَ شاةً شاةٌ إلى عشرينَ ومائَةٍ، فإذا زادَتْ واحدةً فشاتانِ إلى المائتينِ، فإذا زادَتْ علَى المائتَيْنِ ففيها ثلاثٌ إلى ثلاثِمائةٍ، فإِنْ كانَتِ الغنمُ أكثَرَ مِنَ ذلِكَ ففِي كُلِّ مائةِ شاةٍ شاةٌ، ليس فيها شيءٌ حتَّى تبلُغَ المائَةَ. ولَا يفرَّقُ بينَ مُجْتَمِعٍ، ولَا يُجْمَعُ بينَ مُتَفَرِّقٍ، مخافَةَ الصدقَةِ، وما كان مِنْ خليطَيْنِ، فإِنَّهما يتراجعانِ بالسَّوِيَّةِ، ولَا يؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ ولَا ذاتُ عَوَارٍ منَ الغَنَمِ، وَلَا تَيْسُ الغنَمِ إلَّا أنْ يشاءَ المصَّدِقُ) ، وقد حصل إجماعُ الأُمّة على ذلك. شروط زكاة الغنم إنّ لوجوب الزكاة في الغنم العديد من الشروط، وهي فيما يأتي: بُلوغ النّصاب المُقرّر لها من قِبل الشرع، ويبدأ كما ذكرنا عند بُلوغها من العدد أربعين، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (وإذا كانت سائمةُ الرجلِ ناقصَةً من أربعينَ شاةً شاةً واحدةً فليس فيها شئ). نصاب الزكاة. حولان الحول عند صاحبها؛ أي بقاؤها عنده سنةً كاملة، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (لا زكاةً في مالٍ حتى يحولَ عليه الحولُ).
انتهى بتصرف يسير. وعند المالكية أن الواجب عليك إخراج شاة وسط بين الخيار والشرار. ص407 - كتاب شرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين اللهيميد - نصاب الغنم - المكتبة الشاملة. قال في الفواكه الدواني: وَلَا: يَجُوزُ أَنْ تُؤْخَذَ فِي الصَّدَقَةِ السَّخْلَةُ: أَيْ الصَّغِيرَةُ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَ إنْ كَانَتْ تُعَدُّ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ، فَإِذَا وُجِدَ عِنْدَهُ عِشْرُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَوَلَدَتْ كَمَالَ النِّصَابِ وَلَوْ قَرُبَ الْحَوْلِ وَجَبَ شَاةٌ وَسَطٌ، وَ كَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤْخَذَ الْعَجَاجِيلُ: جَمْعُ عِجْلٍ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ التَّبِيعِ فِي صَدَقَةِ الْبَقَرِ وَلَا الْفُصْلَانُ فِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ، وَالْفَصِيلُ مَا دُونَ ابْنِ الْمَخَاضِ. وَإنْ كَانَتْ تُعَدُّ عَلَيْهِمْ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ وَلَوْ كَانَتْ مَوَاشِيهِ كُلُّهَا سِخَالًا أَوْ عَجَاجِيلَ أَوْ فُصْلَانًا لَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ، وَيُكَلَّفُ شِرَاءُ الْوَسَطِ لِقَوْلِ خَلِيلٍ: وَلَزِمَ الْوَسَطُ وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوْ الشِّرَارُ. انتهى. إلا أن تشاء الصدقة بأكثر مما يلزمك أو أفضل فلك أجر الزائد، وأما ما ينشأ عن هذه الماشية من نماء منفصل كالسمن ونحوه فلا زكاة فيه إلا أن يعد للتجارة فتجب فيه زكاة عروض التجارة.
جاء في الروض مع الحاشية: ولو لم يبلغ النتاج أو الربح نصابًا، فإن حولهما حول أصليهما فيجب ضمها إلى ما عنده إن كان نصابًا. لقول عمر: اعتد عليهم بالسخلة ولا تأْخذها منهم. رواه مالك، ولقول علي: عد عليهم الصغار والكبار، قال في المبدع وغيره: ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة، وقول الفقهاء عامة، ولأن السائمة تختلف وقت ولادتها، فإفراد كل واحدة يشق، فجعلت تبعًا لأمهاتها، ولأنها تابعة لها في الملك، فتتبعها في الحول. انتهى. فإذا حال الحول وكان بعضها صغارا وبعضها كبارا فإن الواجب عليك أن تقوم ما تملكه من الغنم وتخرج شاة وسطا بالنظر إلى قيمة المالين. قال في الروض مع الحاشية: وإن اجتمع صغار وكبار، وصحاح ومعيبات، وذكور وإناث أُخذت أُنثى صحيحة كبيرة، على قدر قيمة المالين أي الصغار والكبار وما عطف عليها، وفاقًا، فيقوم كبارًا ويعرف الفرض، ثم صغارًا كذلك، ثم يؤخذ بالقسط، وكذا صحاح ومعيبات، أو ذكور وإناث؛ فلو كانت قيمة المخرج إذا كان النصاب كبارًا صحاحًا عشرين، وقيمته إذا كان صغارًا مراضًا عشرة، وكان النصف من هذا والنصف من هذا، وجب إخراج صحيحة كبيرة قيمتها خمسة عشر. نصاب الغنم في الزكاة. انتهى. وقال في مغني المحتاج: ولو تبعضت ماشيته إلى صغار وكبار فقياس ما تقدم وجوب كبيرة بالتقسيط.
وإن كان الغش مساوياً للذهب أو الفضة ولم يبلغ صافيهما نصاباً تجب الزكاة احتياطاً. وأما الذهب المخلوط مع الفضة فإن بلغ الذهب نصاباً زكى الجميع زكاة الذهب سواء كان غالباً أو مغلوباً لأنه أعز وأنفع للفقير، وإن لم يبلغ الذهب نصاباً، فإن بلغت الفضة نصابها زكى الجميع زكاة الفضة ما لم يكن الذهب الذي خالط الفضة أكثر قيمة منها وإلا كان الكل ذهباً. وتضم قيمة عرض التجارة للثمنين ويضم أحد الثمنين للآخر. زكاة الدين: الدين ثلاثة أقسام: قوي ومتوسط وضعيف. فالدين الذي هو بدل عن مال قسمان: إما أن يكون ذلك المال لو بقى في يده تجب زكاته أو لا يكون كذلك، فبدل القسم الأول هو القوي، وما لا تجب فيه الزكاة لو بقي في اليد هو المتوسط، فتجب الزكاة عند قبض أربعين درهماً أي خمس النصاب من الدين القوي وهو مال التجارة والقرض فيخرج عنه كلما قبض شيئاً، وأما الدين المتوسط وهو غير مال التجارة كثمن عبيد خدمته ودين موروث ونحوهما مما هو مشغول بحوائجه الأصلية فتجب في الأصح عند قبض مائتي درهم منه. وأما الدين الضعيف فهو بدل غير مال كمهر ودية وخلع فتجب زكاته عند قبض مائتي درهم وحولان الحول بعد القبض. إلا إذا كان عنده ما يضم الدين بأقسامه الثلاثة إليه فيصير بمنـزلة ما استفيد أثناء الحول من التجارة فيضمه إلى ما عنده ويزكيه، ولا تجب في دين على مقر مليء لا يمكن تحصيله منه أو معسر أو مفلس.
(لاَ تُبَشِّرْهُمْ. فَيَتَّكِلُوا): أي لا تبشرهم فيعتمدوا على ذلك إذا أخبرتهم. (تَأَثُّما): أي خشية الوقوع في الإثم، وهو إثم كتمان العلم. رابعاً: من فوائد الحديثين: الفائدة الأولى: حديث معاذ فيه بيان عظم كلمة التوحيد وبيان فضلها، حيث بين النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث حقين وكلاهما مرتبط بكلمة التوحيد: الأول: حق الله على العباد: وهو أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فلا يكفي فقط العبادة لأن الكفار كانوا يصرفون شيئا من العبادة لله تعالى لكنهم يشركون معه غيره، ولذلك لابد من عبادة الله تعالى مع عدم إشراك غيره معه. وهذا سمي حقاً، لأنه حتم لازم واجب على العبد تجاه ربه جل وعلا. والثاني: حق العباد على الله تعالى: وهو أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا، وهذا فضل عظيم من الكريم جل جلاله، ولماذا سمي هذا حقا على الله تعالى مع إيماننا بأنه لا ملزم له سبحانه ولا موجب عليه فهو لا شك ليس لزوم وإيجاب، ولذا اختلف في معنى ذلك على أقوال أظهرها قولان: قيل: سمي حقا من باب المقابلة، لما قيل للأول حق قيل لهذا حق أيضا وهذا من فضل الله تعالى ولطفه على عباده جل وعلا. وقيل: إن معنى الحق هنا أي المتحقق الثابت والخير والثواب الواقع الذي لا تردد معه.
التوحيد ""حق الله على العباد " الأخلاق الجميلة داخلة في علم التوحيد قال العلاَّمة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: حُسْنُ الخُلُق هذا هو مادة الأخلاق الجميلة كلِّها،وقد اتفق الشرع والعقل على حسنه، ورفعة قدره، وعلو مرتبته، ومداره على قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف] ، أي خذ ما تيسر وعفى وتسهل من أخلاق الناس، ولا تطالبهم بما لا تقتضيه طباعهم، ولا تسمح به أخلاقهم. هذا فيما يأتيك منهم. وأما ما تأتي إليهم فالأمر بالعرف، وهو نصحهم وأمرهم بكلِّ مستحسن شرعاً، وعقلاً وفطرة، وأعرض عمن جهل عليك بقوله أو فعله، فللَّه ما أحلى هذه الأخلاق وما أجمعها لكلِّ خير. وقال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت ، ويُمِدّه الصبرَ والحلمَ وسعةَ العقل.
لقد بين النبي صلوات الله وسلامه عليه في حديثه لمعاذ رضي الله عنه حقين وكلاهما مرتبط بكلمة التوحيد، الأول: حق الله على العباد، وهو أن يعبدوه سبحانه ولا يشركوا به شيئا، فالتوحيد هو أول وأعظم واجب على العباد، وهو أعظم المأمورات التي أمر الله بها، وما مِنْ أمة قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلا وبعث الله عز وجل فيها رسولا، وكلهم متفقون على عبادة الله وحده لا شريك له. وقد جعل الله التوحيد شرطا في دخول الجنة، ومانعا من الخلود في النار، قال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}(المائدة:72)، فالحق الأول في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه هو حق الله على عباده وذلك بعبادته وتوحيده سبحانه كما قال صلى الله عليه وسلم: (فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئا).