رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين معالم الحياة الطيبة الكريمة التي لا تصنعها الثروات والممتلكات والمناصب الكبرى، بل تصنعها الكلمة الصادقة والسمعة الطيبة، والالتزام الديني والأخلاقي، والوفاء بالعهود والمواثيق التي يلتزم بها الإنسان. وأوضح لنا صلوات الله وسلامه عليه في العديد من التوجيهات والوصايا الكريمة التي تزخر بها كتب السنة أن التكالب على الأموال والثروات والجري وراء المناصب، وإذلال النفس، لن يحقق للإنسان ما يصبو إليه من أمن واستقرار وسعادة، بل تصنع الحياة الطيبة علاقات مودة وتعاون ورحمة ووفاء وإخلاص وتفان في خدمة الآخرين واحترام للعهود والمواثيق التي قطعها الإنسان على نفسه، ذلك أن من شأن هذا الالتزام وذاك الحرص أن يضاعف من الثقة والتقدير بين الناس، فيطمئن كل منهم للآخر، ولا يفكر في خيانته أو الغدر به، أو التفريط في حقوقه. لذلك حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على نشر القيم الإنسانية الرفيعة التي ترسي مبادئ المحبة والمودة وتوثق العلاقة بين الناس وأولاها أهمية كبيرة في توجيهاته ووصاياه الكريمة، وفي مقدمة هذه القيم قيمة الوفاء وذلك لما لها من أثر عميق ودور كبير في حياة الناس.
تفسير وترجمة الآية
﴿ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮂ ﴾ التفسير والترجمة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) ﴾ يا أيها الذين آمنوا بالله واتبَعوا رسوله، لا يأخذ بعضكم مال بعض بالباطل، كالغصب والسرقة والرشوة وغيرها، إلا أن تكون الأموال أموال تجارة صادرة عن تراضي المتعاقدين، فيحل لكم أكلها والتصرف فيها، ولا يقتل بعضكم بعضًا، ولا يقتل أحدكم نفسه، ولا يُلْقِ بها إلى التهلكة، إن الله كان بكم رحيمًا، ومن رحمته حَرَّم دماءكم وأموالكم وأعراضكم.
وقد انطلق الرسول في احتفائه بقيمة الوفاء العظيمة التي يحتاج المسلم في كل أحواله إلى التسلح بها من احتفاء القرآن الكريم، حيث جاء استعمال هذا المفهوم في آياته على وجوه متعددة، فهناك وفاء بعهد الله، وهناك وفاء بالعهد على نحو مطلق، وهناك وفاء بالعقود، أو وفاء في الكيل والميزان، أو وفاء بالنذر، كما جاء في مفهوم الوفاء في آيات قرآنية كثيرة في مقابل نقض المواثيق. وهذا يدلنا كما يقول علماء الأخلاق على اتساع مساحة الوفاء في منظومتنا الإسلامية، فالأمر لا يتعلق بعلاقة بين صديقين فحسب، وإنما الأمر يشمل جميع العلاقات بين الأفراد والجماعات والشعوب ويتجاوز الدائرة الضيقة بين فردين إلى دائرة أوسع تشمل الإنسانية كلها. الوفاء.. ماذا يعنى؟ (الوفاء) و(الإيفاء) هو الإتيان بالشيء وافياً، يقال في اللغة: (وفي) (يفي) بالعهد أو بالوعد أي: حافظ عليه وأتمه، والقرآن الكريم يقول: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود... ، أي حافظوا على عهودكم المؤكدة، ومنها ما ألزمكم الله تعالى به وعقده عليكم من التكاليف، ومنها ما تعقدونه في ما بينكم من عقود المعاملات، والأمانات ونحوها مما يطالب المسلم شرعاً بالوفاء به وفاء كاملاً غير منقوص.
وترتبط قيمة الوفاء في التصور الإسلامي كما يقول د. زقزوق بالصدق والتقوى، ولذلك جاء حديث القرآن الكريم في وصف الموفين بعهودهم والصابرين بأنهم الذين صدقوا وبأنهم المتقون: أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون. أنواع كثيرة ويقسم بعض العلماء الوفاء إلى أنواع كثيرة منها: الوفاء مع الله، فعلى المسلم أن يكون وفياً بعهده مع الله في أن يعبده وحده لا يشرك به شيئاً، وأن يبتعد عن طريق الشيطان الذي يدفعه إلى ارتكاب المعاصي. الوفاء بالعقود والعهد، فالإسلام يوصي باحترام العقود وتنفيذ الشروط التي تم الاتفاق عليها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم. الوفاء بالكيل والميزان، فالمسلم يفي بالوزن فلا ينقصه لأن الله تعالى قال: أوفوا بالمكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم. الوفاء بالنذر، فالمسلم مطالب بالوفاء بنذره وأداء ما عاهد الله عليه، ومن صفات أهل الجنة أنهم يوفون بالنذر، يقول الحق سبحانه وتعالى: يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً. الوفاء بالوعد، فالمسلم مطالب بأن يفي بوعده ولا يخلفه، والرسول يحذر من الإخلاف بالوعد ويعتبره من أخلاق المنافقين، فيقول: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.
كأس رابطة المحترفين الإنجليزية 2019/2020 النهائي بطل المسابقة: Manchester City مانشستر سيتي إنجلترا
فضلًا شارك في تحريرها. ع ن ت