كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15) وقوله ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) أي لهم يوم القيامة منزل ونزل سجين ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم قال الإمام أبو عبد الله الشافعي في هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ. وهذا الذي قاله الإمام الشافعي رحمه الله في غاية الحسن وهو استدلال بمفهوم هذه الآية كما دل عليه منطوق قوله ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) القيامة 22 ، 23 وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الدار الآخرة رؤية بالأبصار في عرصات القيامة وفي روضات الجنان الفاخرة وقد قال ابن جرير محمد بن عمار الرازي: حدثنا أبو معمر المنقري حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون ثم يحجب عنه الكافرون وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية أو كلاما هذا معناه
وقال أكثر المفسرين: عن رؤيته قال الحسن: لو علم الزاهدون العابدون أنهم لا يرون ربهم في المعاد لزهقت أنفسهم في الدنيا. قال الحسين بن الفضل: كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته. وسئل مالك عن هذه الآية فقال: لما حجب [ الله] أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه. وقال الشافعي - رضي الله عنه -: في قوله: " كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " دلالة على أن أولياء الله يرون الله. ===> الــــمـــحـــــجــــوبــــون - هوامير البورصة السعودية. ﴿ تفسير الوسيط ﴾ قال الآلوسى: " كلا " ردع وزجر عن الكسب الرائن ، أو بمعنى حقا " إنهم ". أى: هؤلاء المكذبين ( عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُون) لا يرونه - سبحانه - وهو - وعز وجل - حاضر ناظر لهم ، بخلاف المؤمنين ، فالحجاب: مجاز عن عدم الرؤية ، لأن المحجوب لا يرى ما حجب ، و الحجب المنع ، والكلام على حذف مضاف. أى: عن رؤية ربهم لممنوعن فلا يرونه - سبحانه -. واحتج مالك - رحمه الله - بهذه الآية ، على رؤية المؤمنين له - تعالى - ، من جهة دليل الخطاب ، وإلا فلو حجب الكل لما أغنى هذا التخصيص. وقال الشافعى - رحمه الله -: لما حجب - سبحانه - قوما بالسخط دل على أن قوما يرونه بالرضا.. ﴿ تفسير ابن كثير ﴾ وقوله ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) أي لهم يوم القيامة منزل ونزل سجين ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهمقال الإمام أبو عبد الله الشافعي في هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ.
القول في تأويل قوله تعالى: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ( 15) ثم إنهم لصالو الجحيم ( 16) ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون ( 17)). يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما يقول هؤلاء المكذبون بيوم الدين ، من أن لهم عند الله زلفة ، إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون ، فلا يرونه ، ولا يرون شيئا من كرامته يصل إليهم. وقد اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) فقال بعضهم: معنى ذلك: إنهم محجوبون عن كرامته. ذكر من قال ذلك: حدثني علي بن سهل ، قال: ثنا الوليد بن مسلم ، عن خليد ، عن قتادة ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) هو لا ينظر إليهم ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم. حدثني سعيد بن عمرو السكوني ، قال: ثنا بقية بن الوليد ، قال: ثنا جرير ، قال: ثني نمران أبو الحسن الذماري ، عن ابن أبي مليكة أنه كان يقول في هذه الآية ( إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال: المنان والمختال والذي يقتطع أموال الناس بيمينه بالباطل. القرآن الكريم - تفسير الطبري - تفسير سورة المطففين - الآية 15. وقال آخرون: بل معنى ذلك: إنهم محجوبون عن رؤية ربهم. حدثني محمد بن عمار الرازي ، قال: ثنا أبو معمر المنقري ، قال: ثنا عبد الوارث [ ص: 290] بن سعيد ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن في قوله: ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية ، أو كلاما هذا معناه.
قال الزمخشريٌّ: كونهم محجوبين عنه تمثيل للاستخفاف بهم وإهانتهمº لأنه لا يرد على الملوك إلا المكرَّمين لديهم، ولا يُحجب عنهم إلا المبانون عنهم. وقال إبن عاشور: \"جملة: \" إنهم عن ربهم يومئذٍ, لمحجوبون \" وما عطف عليها ابتدائية وقد اشتملت الجملة ومعطوفاها على أنواع ثلاثة من الويل وهي الإهانة، والعذاب، والتقريع مع التأييس من الخلاص من العذاب. فأما الإهانة فحجبُهم عن ربهم، والحجب هو الستر، ويستعمل في المنع من الحضور لدى الملك ولدى سيد القوم، قال الشاعر الذي لم يسمّ وهو من شواهد «الكشاف»: إذا اعتروا باب ذي عُبِّيَّه رجِبوا والناسُ من بين مَرجوب ومَحجوب وكلا المعنيين مراد هنا لأن المكذبين بيوم الدين لا يرون الله يوم القيامة حين يراه أهل الإيمان. ويوضح هذا المعنى قوله في حكاية أحوال الأبرار: \" على الأرائك ينظرون \". ومن هذا يتضح أن معنى(محجوبون) ممنوعون عن رؤيته - سبحانه وتعالى - وذلك لما يلي: 1. إثبات الحجب عن الله للكفار تنفي الحجب عن المؤمنين... والمؤمن بطبيعة الحال غير محجوب عن الله بمعنى رحمته وهذا يؤكد أن القصد هو إثبات رؤية الله. 2. بما أن الحجب إهانة للكافر ونفيه عن المؤمن تشريف له، وهذا التشريف في الفردوس هو شرف رؤية الله - سبحانه وتعالى -.
﴿كَلا﴾ رَدْعٌ وزَجْرٌ عَنِ الكَسْبِ الرّائِنِ أوْ بِمَعْنى حَقًّا ﴿إنَّهُمْ﴾ أيْ: هَؤُلاءِ المُكَذِّبِينَ ﴿عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ لا يَرَوْنَهُ سُبْحانَهُ، وهو عَزَّ وجَلَّ حاضِرٌ ناظِرٌ لَهم بِخِلافِ المُؤْمِنِينَ فالحِجابُ مَجازٌ عَنْ عَدَمِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأنَّ المَحْجُوبَ لا يَرى ما حُجِبَ أوِ الحَجْبُ المَنعُ، والكَلامُ عَلى حَذْفِ مُضافٍ؛ أيْ: عَنْ رُؤْيَةِ رَبِّهِمْ لَمَمْنُوعُونَ فَلا يَرَوْنَهُ سُبْحانَهُ. واحْتَجَّ بِالآيَةِ مالِكٌ عَلى رُؤْيَةِ المُؤْمِنِينَ لَهُ تَعالى مِن جِهَةِ دَلِيلِ الخِطابِ وإلّا فَلَوْ حُجِبَ الكُلُّ لَما أغْنى هَذا التَّخْصِيصُ. وقالَ الشّافِعِيُّ: لِمّا حَجَبَ سُبْحانَهُ قَوْمًا بِالسُّخْطِ دَلَّ عَلى أنَّ قَوْمًا يَرَوْنَهُ بِالرِّضا. وقالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ: لَمّا حَجَبَ عَزَّ وجَلَّ أعْداءَهُ سُبْحانَهُ فَلَمْ يَرَوْهُ تَجَلّى جَلَّ شَأْنُهُ لِأوْلِيائِهِ حَتّى رَأوْهُ عَزَّ وجَلَّ، ومَن أنْكَرَ رُؤْيَتَهُ تَعالى كالمُعْتَزِلَةِ قالَ: إنَّ الكَلامَ تَمْثِيلٌ لِلِاسْتِخْفافِ بِهِمْ وإهانَتِهِمْ؛ لِأنَّهُ لا يُؤْذَنُ عَلى المُلُوكِ إلّا لِلْوُجَهاءِ المُكَرَّمِينَ لَدَيْهِمْ، ولا يُحْجَبُ عَنْهم إلّا الأدْنِياءُ المُهانُونَ عِنْدَهم كَما قالَ: ؎إذا اعْتَرَوْا بابَ ذِي عُبِّيَّةٍ رُجِبُوا والنّاسُ مِن بَيْنِ مَرْجُوبٍ ومَحْجُوبِ أوْ هو بِتَقْدِيرِ مُضافٍ؛ أيْ: عَنْ رَحْمَةِ رَبِّهِمْ مَثَلًا لَمَحْجُوبُونَ.