العلم بالخير فالذي لم ينتفع بعقله في معرفة الحق والعمل به، ومعرفة الباطل واجتنابه، والعلم بالخير والمسارعة إليه والعلم بالشر وبغضه والابتعاد عنه، فهو من الخاسرين، فمن عطل عقله عمّا خلقه الله له شقي في الدنيا وخزي في نار جهنم، ولا ينفعه ما تمتع به في الدنيا، ولا يدرك الإنسان مدى نعمة العقل التي وهبه الله إياها إلا بعد رؤيته لحالات ممن ابتلوا بفقدان هذه النعمة، حيث هناك العديد من التائهين في الشوارع من الذين حرموا هذه النعمة يفترشون التراب، ويكتسون بلون الأرض لما يلتصق بهم من وأوساخ وتظهر أجسادهم عارية. جميع الحقوق محفوظة لصحيفة الاتحاد 2022©
وحُكي أن جماعة منَ النصارى تحدَّثوا فيما بينهم، فقال قائل منهم: ما أقل عقول المسلمين، يزعمون أن نبيَّهم كان راعيًا للغنم، فكيف يصلح راعي الغنم للنبوَّة؟! فقال له آخر من بينهم: أما هم، فوالله أعقل منَّا؛ فإن الله بحكمته يسترعي النبي الحيوان البهيم، فإذا أحسن رعايته والقيام عليه، نقله منه إلى رعاية الحيوان الناطق؛ حكمة من الله وتدريجًا لعبده، ولكن نحن جئنا إلى مولود خرج من امرأة، يأكُل ويشرب، ويبول ويبكي، فقلنا: هذا إلهنا الذي خلق السموات والأرض، فأمسك القوم عنه [9].
وقال رحمه الله: (وصفوة القول أن الإسلام لا يعذر العقل الذي ينزل عن حق الإنسان رهبة للقوة أو استسلاما للخديعة، ولا حدود لذلك إلا حدود الطاقة البشرية ولكنها الطاقة البشرية عامة كما تقوم بها الأمم ولا ينتهي أمرها بما يكون للفرد من طاقة لا تتعداه) (المرجع السابق ص/33). وقد علم فقهاء المسلمين أهمية العقل والتفكير فعقد الإمام أبو حنيفة رحمه الله جلسات للعصف الذهني مع طلابه لإقداح الذهن للتفكير والإبداع وإنشاء الحلول الأصيلة. وألف الإمام ابن تيمية رحمه الله كتاب (صريح المعقول وصحيح المنقول) أو (درء تناقض العقل و الشرع) ويكفي الإسلام احتراما للعقل أن يسقط التكليف عن الإنسان بذهاب عقله وغيابه وتعطيله بالنوم وغيره. فإذا المتشدقين بالعقلانية، واتهام الإسلام بالتناقض مع العقل لو درسوا الإسلام و آيات التفكير والعقل في القرآن الكريم لتعلموا أنه لا تعارض بين صريح المعقول وصحيح المنقول، وأن التفكير فريضة إسلامية كما ورد في الآيات القرآنية.
وعقل الرشد: وهو أن يحسن الإنسان التصرُّف، وسمِّي إحسان التصرُّف عقلاً؛ لأنَّ الإنسان عقل تصرفه بما ينفعه [13]. قال - تعالى -: ﴿ كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 73]، وقال - تعالى -: ﴿ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 44]، أفلا يكون لكم عقول تدركون بها خطأكم وضلالكم؟!