كان يمكن في غير القرآن أن يقول: "أحصوا العدة واتقوا الله" لكن كلمة ربكم جاءت هاهنا لأن الربّ فيه معنى التربية وفيه معنى التوجيه وفيه معنى الرعاية فالمربي يرعى من يربّي. فإذن اعلموا أن هذا الحكم هو من رعاية هذا الربّ سبحانه وتعالى. (اتقوا الله) تخويف من الله أي خافوا الله، ثم (ربكم) الذي يعلّمكم فجمع بين التخويف وبين هذه اللمسة لقلوب المؤمنين أن هذا الحكم ليس قاسياً عليكم، ليس لإيذائكم، ليس للإضرار بكم. فخافوا من الله أن تخالفوه واعلموا أنه لخيركم من مربٍّ (واتقوا الله ربكم). لاحظ الواو في (وأحصوا، واتقوا) كان يمكن أن يقول في غير القرآن "ولا تخرجونهن" لكن حذف الواو كأنه ابتدأ كلاماً جديداً لبيان أهمية ما سيأتي بعده (لا تخرجوهن). سبب نزول سورة الطلاق - سطور. الواو للعطف فيها ربط لكنه كأنه قال قفوا، هناك شيء، قال (لا تخرجونهن من بيوتهن) لم يقل: ولا تخرجونهن، كأنه حكم مهم إشارة إلى أهميته. ثم قال (لا تخرجوهن من بيوتهن) قال بيوتهن مع أنها بيوتهم والبيت للرجل لكن سماه: من بيوتهن إشارة إلى شدة التصاقها بالبيت، لا تخرجها هذا بيتها، لا تخرجونهن من بيوتهن لا يجوز لك أن تُخرج المطلقة من بيتها. أدب القرآن أن تبقى في بيتها. (ولا يخرجن) هي أيضاً لا تغادر البيت وتبقى وهذا نوع من التقريب: تبقى في البيت وهو في البيت وهي لا تخرج وقد يكون هذا سبباً في إعادة الألفة ممكن صار إصرار بسبب من الأسباب وانتظر لوقت الطهر وبقي مصراّ على الطلاق وبعض العلماء يقولون هذا حكم (لا تخرجوهن) نهي و (ولا يخرجن) هذا نفي أريد به النهي إلا إذا اتفقا من غير إرهاق.
[٦] كما أورد مقاتل في تفسيره أنّ سبب نزول الآية السابقة أنّ خلاد بن النعمان سأل عن عدّة النساء اللواتي انقطع عنهن الحيض، وعدّة مَن لم تحض، وعدّة الحبلى؛ وذلك بعد نزول آية {وَٱلْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٍۢ ۚ}؛ [٧] فنزلت الآية السابقة. [٦] كما ويمكنك التعرّف على ما ورد في فضل سورة الطلاق بالاطلاع على هذا المقال: فضل سورة الطلاق ما سبب تسمية سورة الطلاق بهذا الاسم؟ فقد سمّيت تلك السورة بسورة الطلاق بسبب ما ورد فيها من أحكام الطلاق وعدتّه، كما افتتحت بقوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}. [٨] [٩] ويمكنك قراءة المزيد حول سورة الطلاق وما تحويه من مقاصد بالاطلاع على هذا المقال: مقاصد سورة الطلاق المراجع [+] ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم ، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1471، صحيح. ^ أ ب أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي ، كتاب أسباب النزول ت زغلول ، صفحة 456-457. اللمسات البيانية في آية سورة الطلاق (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ (1) – Albayan alqurany. بتصرّف. ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر ، الصفحة أو الرقم:1471 ، صحيح. ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي ، صفحة 265-266.
الرسول (صلى الله عليه وسلم) لما يتصرف بشيء، لما يخاطَب بحكم إلا إذا كان دلّ دليل على أن ذلك الحكم خاص به. ليس هناك خلط في النص القرآني (إذا طلقتم النساء) كأنه قال يا أيها النبي ويا أتباع النبي. تفسير قوله تعالى ..فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة.. - إسلام ويب - مركز الفتوى. وقد يكون للتعظيم أنه لما تخاطب تقول: أنتم ذكرتم كذا، لكن هذا ليس مراداً بقدر ما هو مراد للتنبيه أنه لما ينادى النبي (صلى الله عليه وسلم) المؤمنون ينتبهون فيذكر لهم الحكم العام. الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يتصرف أحياناً ويقول كلاماً – حتى نفهم كثيراً من الأحاديث التي قد يُشكل فهمها على القارئ – لما يقول كلاماً هذا معناه أنه يريد أن يعلّم المسلمين. في الحديث الصحيح في الترمذي وابن ماجه وأحمد " عن أنس في الترمذي وعن جابر في مجمع الزوائد: عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "، قالوا: يا رسول الله! آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: " نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبه كيف يشاء ". كيف فهمها الصحابة؟ هل أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) يدعو لنفسه (ثبت قلبي)؟ ما دخل أنه يخاف علينا بالدعاء؟ فهِم أنس أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما يقول شيئاً معناه تعلّموا هذا ورددوه، فلما قال الحديث كأنه يقول قولوا هذا واحفظوه معي.
بتصرّف. ↑ محمد عمر حويه، كتاب نزول القران الكريم وتاريخه وما يتعلق به ، صفحة 51-52. بتصرّف. ^ أ ب وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي ، صفحة 279. بتصرّف. ↑ سورة البقرة ، آية:228 ↑ سورة الطلاق، آية:1 ↑ وهبة الزحيلي، التفسير المنير للزحيلي ، صفحة 261. بتصرّف.
و (عسى) من الله واجبة، فتكون الآية وعداً من الله أن من صبر ابتغاء وجه الله على ما يكرهه، واحتساباً لثواب الله، بأن يجعل الله فيه خيراً كثيراً. قال ابن عباس: هو أن يعطف عليها، فيرزق منها ولداً، ويكون في ذلك الولد خير كثير. • قال القرطبي: قوله تعالى (فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ) أي: لدمامة أو سوء خلق من غير ارتكاب فاحشة أو نُشُوز؛ فهذا يندب فيه إلى الاحتمال، فعسى أن يَؤول الأمر إلى أن يرزق الله منها أولاداً صالحين. • وقال ابن الجوزي: قوله تعالى (فعسى أن تكرهوا شيئاً) قال ابن عباس: ربما رزق الله منهما ولداً، فجعل الله في ولدها خيراً كثيراً. وقد نَدَبت الآية إِلى إِمساكِ المرأة مع الكراهة لها، ونبَّهت على معنيين. أحدهما: أن الإِنسان لا يعلم وُجوهَ الصلاح، فرب مكروهٍ عاد محموداً، ومحمودٍ عاد مذموماً. يا ايها النبي اذا طلقتم النساء. والثاني: أن الإِنسان لا يكاد يجد محبوباً ليس فيه ما يكره، فليصبِر على ما يكره لما يُحِبُ. (زاد المسير). • وقال السعدي: أي ينبغي لكم -أيها الأزواج- أن تمسكوا زوجاتكم مع الكراهة لهن، فإن في ذلك خيرًا كثيرًا، من ذلك امتثال أمر الله، وقبولُ وصيته التي فيها سعادة الدنيا والآخرة، ومنها أن إجباره نفسَه -مع عدم محبته لها- فيه مجاهدة النفس، والتخلق بالأخلاق الجميلة، وربما أن الكراهة تزول وتخلفها المحبة، كما هو الواقع في ذلك، وربما رزق منها ولداً صالحاً نفع والديه في الدنيا والآخرة، وهذا كله مع الإمكان في الإمساك وعدم المحذور.
الرسول كان يتصرف أحياناً ويقول كلاماً - حتى نفهم كثيراً من الأحاديث التي قد يُشكل فهمها على القارئ - لما يقول كلاماً هذا معناه أنه يريد أن يعلّم المسلمين. في الحديث الصحيح في الترمذي وابن ماجه وأحمد " عن أنس في الترمذي وعن جابر في مجمع الزوائد: عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثر أن يقول: " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك "، قالوا: يا رسول الله! آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف علينا؟ قال: " نعم، إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله يقلبه كيف يشاء ". كيف فهمها الصحابة؟ هل أن الرسول يدعو لنفسه (ثبت قلبي)؟ ما دخل أنه يخاف علينا بالدعاء؟ فهِم أنس أن الرسول عندما يقول شيئاً معناه تعلّموا هذا ورددوه، فلما قال الحديث كأنه يقول قولوا هذا واحفظوه معي. كان يكثر من الدعاء ففهم الصحابة أنه يعلّمهم. ولذلك لما يقول: إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة، أي تعلّموا، استغفروا ولا يعني أنه حاشاه كان يُكثر من الخطأ فيكثر من الاستغفار. هذه فرصة لبيان هذه الجزئية. (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن): إذا طلقتم معناه إذا باشرتم أو قاربتم التطليق، إذا نويتم أن تطلّقوا ليكن التطليق وهنّ مستقبلات العدة لأنه لما يطلقها ستلتزم بعدة، أشهر معينة، إما بالحيض أو بإنتهاء الحيض (القُرء إما الحيض وإما الطهر) وهي مستقبلة لما سوف تعدّه، أما وهي في داخل الحيض لا يجوز.
وقد رواه الإمام أحمد من طريق أخرى بلفظ آخر فقال: حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا مجالد حدثنا عامر قال: قدمتُ المدينة فأتيتُ فاطمة بنت قيس، فحدثني أنّ زوجَها طلّقها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سرية، قالت: فقال لي أخوه: اخرجي من الدار. فقلت: إنّ لي نفقةً وسكنى حتى يحلّ الأجل. قال: لا. قالت: فأتيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقلتُ: إنّ فلانًا طلقني، وإنّ أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة. فقال له: "ما لك ولابنة آل قيس؟" قال: يا رسول الله، إنّ أخي طلّقها ثلاثًا جميعًا. قالت: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انظري يا بنت آل قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأةِ على زوجها ما كانتْ له عليه رجعةٌ، فإذا لم يكن له عليه رجعةٌ فلا نفقةَ ولا سكنى". وذكر تمام الحديث. اه من ابن كثير. فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف أي: فإذا بلغت المعتداتُ أجلهن، أي شارفن على انقضاءِ العدة، وقاربن ذلك، ولكنْ لم تفرغ العدة الكلية، فحينئذٍ إما أنْ يعزمَ الزوج على إمساكها، وهو رجعتُها إلى عصمة نكاحه، والاستمرار بها على ما كانت عليه عنده "بِمَعْرُوفٍ" أي: محسنًا إليها في صحبتها، وإمّا أن يعزم على مفارقتها "بِمَعْرُوفٍ" أي: من غير مقابحة ولا مشاتمة ولا تعنيف، بل يطلّقها على وجه جميل حسن".