الإرهاصات لا تكون دائما تنفيسات عن الكبت، وإفراغ للشحنات! تعمل بعض أجهزة المخابرات على (تفريغ) الشحنات الشعبية بوسائل متعددة، كالمظاهرات المحدودة، الأفلام والتمثيليات التي تتضمن نقدا للنظام، وغيرها من النماذج المخابراتية المعروفة، والمتبعة بين أجهزة المخابرات في العالم، دون أن يكون فيها إبداع أو (ذكاء)! ، ولعل نظام مبارك كان يتبع هذه السياسة في النصف الثاني من حكمه، فظهر بصورة الرئيس الذي يعطي (مساحة) وحرية، وسمح بالنقد المحدود، ونحو ذلك… غير أن هذه الطريقة قد تكون سلاحا مضادا للنظم الاستبدادية، فبالرغم من أنه ثبت نجاعتها ونجاحها في بعض الصور والفترات؛ إلا أنه في بعض الصور الأخرى ظهرت هذه الإرهصات كوسائل (شحن) وليس (تفريغ)، كما أنها أعطت (الثوار) والشعوب خبرة في التعامل والتعاطي مع الأجهزة القمعية، الذي أدى في النهاية لنجاح تلك الثورات. نيران صديقة (مسلسل) - ويكيبيديا. إن الحسابات الأرضية التي تتخذ من المقدمات و(البمئنات) أساسا لعملها قد لا تتفطن لعوامل (الطفرات السماوية)، لماديتهم المفرطة، وعدم إيمانهم بالغيب (الميتافيزيقا)… وقد كانت صورة ما حدث في مصر في 6 إبريل 2008م مع عمال المحلة صورة من صور (الشحن) والتلامس بين الشعوب المقهورة، وبين الأجهزة الاستبدادية، تم فيها (كسر) حاجز خوف تم تكوينه لعقود، وأكسب (الثائر) مهارات وخبرات التعامل مع المستبد، وتطورت هذه الإرهاصات شيئا فشيئا إلى أن حدثت ثورة 25 يناير 2011م، أي بعد أقل من ثلاث سنوات من هذه الإرهاصة، كانت خلالها تتكامل وتتطور إلى أن خرجت عن سيطرة الأجهزة القمعية.
ما من حياة ثقافية من دون حياة نقدية، بل ومن دون ازدهار لحركة نقدية تطال كل الظواهر السلبية في الثقافة. وإذا كان النقد الذي يخص تدبير مجال الثقافة يبدو في الكثير من الأحيان قاسيا، فإنه يبدو أيضا طبيعيا، لأن الأمر يتعلق بتدبير علاقات مع كُتاب، لكل مزاجه الخاص، ومع ناشرين مشتتين برغم قلتهم على عدد كبير من الاتحادات. نيران غير صديقة ايجي بست. وفوق ذلك، نحتاج جميعا إلى صحافة ناقدة يمكنها أن تلتقط هفوات مشهد ثقافي حديث ما زال يبحث عن ترسيخ ديناميته، وأن تساهم في خلق وعي نقدي لدى القارئ. وهو وعي نحتاج إليه في زحمة فيض المعلومات الثقافية وتعدد المتدخلين في المجال الثقافي، كتابا كانوا أو ناشرين أو مؤسسات، وأيضا في زحمة مشهد يتزايد فيه الإنتاجُ الثقافي، بمستوياته القوية والهشة. خلال السنوات التي قضيتها على رأس مديرية الكتاب، جمعني أكثر من سجال نقدي مع أكثر من مهني. بل إنني بدأتُ عملي بنقاش طويل على صفحات الجرائد مع جمعية تضم ناشرين مغاربة كانت تنوي مقاطعة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وسينتهي النقاش باقتناعها بضرورة المشاركة. سنة بعد ذلك، سيجمعني سجال آخر مع الكاتب عبدالصمد بلكبير، تبادلنا خلاله عددا من الردود عبر الصحف.
مصطلح درجت على استخدامه قوات التحالف على جبهات القتال في حرب (تحرير الكويت ـ الخليج الثانية) كلّما أُسقطت إحدى مقاتلاتها، أو تعرض أحد معسكراتها للقصف، أو سقط عدد من جنودها بقذيفة سلاح الحلفاء، ولأسباب مختلفة، منها أخطاء تكتيكية عسكرية، كانت تدرج تحت هذا البند من (المسكنات) المبررات! يعود هذا المصطلح للتداول في يوميات المجتمع السعودي في أسعد وأبهج مناسباته بكلّ أسف ومرارة! مع الأفراح والليالي الملاح! وعلى مدار العام ومواسم العطل، التي عادة ما تكثر فيها مناسبات الزواج، اعتدنا قراءة أخبار الصحف المحلية التي تزف أنباء سقوط العديد من القتلى والجرحى من أهل العروسين والمدعوين، بدلاً عن زفّة العريس والعروس! وقد تعدت ويلات النيران الصديقة محيط الفرح وموقعه الجغرافي وخطوط السلامة والأمان؛ لتطول القابعين في منازلهم في أمان الله! كما حدث لضحية ذاك السلوك العبثي الذي راحت ضحيته امرأة ما برحت منزلها ذاك المساء الحزين بمدينة الطائف مؤخراً! دون ذنب أو جريرة سوى أن منزلها يقع بجوار قصر الأفراح التي بثت الأتراح إلى ما جاور القصر من المنازل الآمنة وأهلها سيِّئي الحظّ بوابل من رصاص طائش! نيران غير صديقة | حسن الوزاني | صحيفة العرب. لم يفرِّق مَن أطلقه بين الفرح والترح!
بينما كان ليون بْلوي يصف الروائي إميل زولا بالخنزير، أما الشاعر الفرنسي بودلير فقد كان قاسيا مع مواطنته الروائية جورج ساند التي كان يعتبرها امرأة غبية وثرثارة ومسحورة. كما وقف على ذلك الباحثان الفرنسيان بوكيل وكيرن في كتابهما المثير "تاريخ أحقاد الأدباء". من أين تأتي هذه القدرة الكبيرة على الحقد على الآخرين، خصوصا إذا كان الحاقد كاتبا يُفترض فيه الانتصار للاختلاف ولقيم المحبة؟ اسألوا علماء النفس.