لم يقفِ الأمر عند العين فحسب؛ فمن آثار زبيدة أيضاً المصانع، والبِرَك، والآبار، والمنازل التي من بغداد إلى مكّة، وممّا يُنسَب إليها بناءُ مسجد زبيدة أمّ جعفر في بغداد، وكان قريباً من مسجد معروف الكرخي، وكان هذا المسجد واسعاً وطيد البُنيان قويّ الأركان، غير أنّه لم يبقَ من ذلك المسجد إلا خبر زبيدة. الوَرَع كانت زبيدة ورِعةً؛ يُسمَع من غرفتها صوت القرآن الكريم كدويّ النحل، فضلًا عن أنّها كانت تصِل الفُقَراء، وتجود بالمال عليهم وعلى العلماء وأرباب التّقوى والصلاح، وذكر المُؤرّخون أنّها دفعت في إحدى حجّاتها ألف ألف دينار، ووصل ما دفعته في ستّين يومًا إلى 45 ألف درهمٍ، فأرسل إليها أحد موظّفيها الحساب، فأنكرت عليه ذلك وقالت: (ثواب الله بغير حساب). الكرم عندما وضعت زبيدة محمّداً الأمين، قال مروان بن أبي حفصة في ذلك: لله دَرُّكِ يا عقيلةَ جعفر ماذا ولدت من النّدى والسّؤدد؟ إنَّ الخلافةَ قد تبيَّن نورُها للنّاظرين على جَبين محمَّدِ إنّي لأَعلَمُ أنّهُ خليفةٌ إنْ بيعةٌ عُقِدَت وإنْ لمْ تُعْقَدِ فأمر الرّشيد لمروانَ بن أبي حفصة بثلاثة آلاف دينارٍ، أمّا زبيدة فأمرت أن يُحشى فوه بالجواهر، فبلغت قيمة هذه الجواهر عشرة آلاف درهمٍ.
حوّلت عاصمة حكمها إلى مركز للعلوم والثقافة، وأحيت طريق الحج إلى مكة، ونفذت مشروعا غير مسبوق لتوزيع المياه في مكة المكرمة، حتى أنها قالت ردا على التكلفة المرتفعة للمشروع " اعمل ولو كلفت ضربة الفأس دينارا ". لم تنقطع تلاوة القرآن في قصرها، وأناقتها كانت مصدر إلهام، ودورها في حكم البلاد معروف للجميع، وليس هذا كل شيء عن الأميرة زُبَيدة زوجة هارون الرشيد، ابنة أبو جعفر المنصور. زبيدة زوجة هارون الرشيد - موقع وتد التعليمي. ابنة للمنصور وزوجة للرشيد كانت "أمة العزيز بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور" الملقبة بـ "زبيدة" من أهم نساء الدولة العباسية، فهي حفيدة مؤسس الدولة العباسية الخليفة أبو جعفر المنصور من ابنه جعفر، وزوجة الخليفة هارون الرشيد، ووالدة الخليفة الأمين. لكن أهميتها لم تنبع من حسبها ونسبها، فقد صنعت مجدها الخاص في الثقافة والعلم والسياسة، وكانت رائدة في مجال البناء، إذ صممت إمدادات المياه في مكة المكرمة، وطريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة، وحتى اليوم بقي اسمها خالدا على أعمالها. راعية العلم والأدب كانت "زبيدة"، وهو الاسم الذي داعبها به جدها المنصور طوال طفولتها لجمالها وشدة بياضها حتى التصق بها، ذات جمال وشجاعة وحكمة أحاطتها بالاحترام والإعجاب، ووفقا لمنظمة " وايس مسلم وومن " Wisemuslimwomen، كانت زبيدة شاعرة، راعية للثقافة والفنون، تقدر العلماء والشعراء والأدباء، وقدمت مبالغ كبيرة من المال لتحويل بغداد إلى عاصمة علوم وثقافة تجذب رموز العلوم المختلفة.
المصادر: – الأعلام (3/42). موسوعة هارون الرشيد، الدكتور سعدي ضنَّاوي. الديارات، أبو الحسن الشابشتي. رحلة ابن جبير. سير أعلام النبلاء (10/241/رقم 64). النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة (2/213). وفيات الأعيان (2/314).
Details Category: القصص زبيدة رحمها الله وهي امرأة هارون الرشيد رحمه الله عملت عملا كبيرا أجرت الماء من أرض بعيدة إلى عرفات يقال له ماء زبيدة لولا هذا الماء لهلك كثير من الحجاج، هي عملت ذلك لوجه الله رأت مناما، فقصت لمعبر عالم يعرف التعبير فقال لها تعملين عملا ينتفع به الناس فأجرت هذا الماء من أرض بعيدة تحت الأرض، إلى الآن هذا الماء موجود، في الماضي نساء الملوك كن يعملن مبرات فيها خدمة كبيرة للمسلمين، اما اليوم صار التنافس بينهن في بناء القصور وما أشبه ذلك.
وقالت زُبَيْدَة للمأمون عند دخوله بغداد: أهنيك بخلافة قد هنأت نفسي بها عنك قبل أن أراك، وإن كنت قد فقدت ابناً خليفةً لقد عُوِّضت ابناً خليفةً لم ألده، وما خسر من اعتاض مثلك وثكلت أم ملأت يدها منك، وأنا أسأل الله أجراً على ما أخذ وإمتاعاً بما عوض. ما قيل فيها: – قال ابن تَغْري بَرْدي: "أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانةً ومعروفاً … وكانت مع هذا الجمال والحشمة فصيحةً لبيبةً عاقلةً مدبِّرةً". وقال الرَّحالة ابن جبير: "هذه المصانع والبِرَك والآبار والمنازل التي من بغداد إلى مكة هي آثار زُبَيْدَة ابنة جعفر بن أبي جعفر المنصور زوج هارون الرشيد وابنة عمه؛ انتدبت لذلك مدة حياتها، فأبقت في هذا الطريق مرافق ومنافع تعمُّ وفد الله تعالى كل سنة من لدن وفاتها الى الآن، ولولا آثارها الكريمة في ذلك لما سُلِكَت هذه الطريق، والله كفيل بمجازاتها، والرضا عنها". الحرم الشريف- مكة المكرمة – نهاية القرن 19 – مكتبة الكونغرس وفاتها: – توفيت زبيدة بنت جعفر ببغداد، في شهر جمادى الأولى، سنة 216هـ، ورآها عبد الله بن المبارك في المنام فقال لها: ما فعل الله بك؟ قالت: غفر لي الله بأول معول ضُرِبَ في طريق مكة، قال: قلت ما هذه الصفرة في وجههك؟ قالت: دفن بين ظهرانينا رجل يقال له: بشر المَرِيْسِيُّ، فزفرت جهنم عليه زفرة فاقشعر لها جسدي، فهذه الصفرة من تلك الزفرة.
فضائلها:- وقد كان لها مائة جارية يحفظن القرآن، ولكل واحدة ورد عشر القرآن، وكان يُسمَع في قصرها دويٌّ كدوي النحل من قراءة القرآن. ذكرها الحريري في إحدى مقاماته، حيث قال: "ولو حبتك شيرين بجمالها وزُبَيْدَة بمالها". مظاهر بذخها:- أورد كتاب موسوعة هارون الرشيد ؛ بعض مظاهر البذخ التي بدت على تصرفات زبيدة بنت جعفر حينما أصبح الرشيد خليفة ، وفيما يلي بعض تلك المظاهر: أصبحت تقوم بمشاريع عامة على حسابها الخاص ( المسعودي في مروج الذهب). ارتدت من حلي الذهب ما يجعلها تستند إلى جاريتين أثناء سيرها. أول من اتخذ القباب من الفضة والأبانوس والصندل وكلاليبها من الذهب والفضة، ملبَّسة بالوشي والسمّور والديباج وأنواع الحرير. اتخذت الخفاف المُرصَّعة بالجواهر، وشمع العنبر. نوادرها: – أحضرت زبيدة بنت جعفر، راوية العرب الأصمعي وقالت له: إن أمير المؤمنين استدعاني، وقال: هلمي يا أم نهر، فما معنى ذلك؟ فقال لها: إن جعفراً في اللغة هو النهر الصغير وأنت أم جعفر. الأصمعي إمام اللغة، كان من أعظم أئمة العلم في العصر العباسي، ومن أوثق الناس في اللغة وأسرعهم جواباً. ووقع بين الرشيد وبين زُبَيْدَة شرٌّ، فتهاجرا، فعمل داود بن رزين مولى عبد القيس شعراً وهو: زمـــــنٌ طـيِّـــبٌ ويــــومٌ مـطيــــر … هــذه روضةٌ وهذا غدير إنَّمَــا أمُّ جعفـر جنَّــةُ الخُلْــد.. رضاهـــا والسَّخط منها السَّعير أنت عبـــدٌ لهـــا ومـــولى لهـــذا.. الخلـــق طرّاً وليس في ذا نكير فاعتذر يا خليفــــة الله في الأرض.. إليهـــا وتركُ ذاك كبير فصار إليها عندما وقف على الأبيات، وسألت عن سبب مجيئه فعرفت، وأوصلت إلى داود مائة ألف درهم في وقتها وأضعافها بعد ذلك.
المرأة، هي نصف المجتمع، بل هي ركنه وعماده، التي تقوم عليه الأمجاد والحضارات، فكما يقال: وراء كل رجل عظيم امرأة، وجاء الإسلام ليعطي للمرأة حقوقها وكرامتها، فانخرطت في ميادين الحياة، لتقدم الخير الكثير، والإنجازات العظيمة التي تنفع بها المجتمع، وتصلح من شأنه، وفي هذا المقال، نقدم نموذجاً رائعاً، وواقعاً حياً، لامرأة عاشت لأجل غيرها، تقدم الكثير والكثير، لتحقيق الخير والنفع على الإسلام والمسلمين. حديثنا عن السيدة زبيدة، زوجة الخليفة هارون الرشيد، من هي؟ وابنة من تكون؟ وماذا قدمت للإسلام؟ إنّها السيدة أم الأمين أمة العزيز بنت جعفر بن أبي جعفر المنصور أول خلفاء الدولة العباسيةو"زبيدة" لقب لها، أطلقه عليها جدها أبو جعفر المنصور، لأنها كانت بيضاء ونقية كالزبدة، فنادها لتدليلها بهذا اللقب. تزوجها الخليفة هارون الرشيد في شهر ذي الحجة، من سنة مئة وخمس وستين، وأسكنها قصره الواسع الفسيح، حتى كان لها من الجواري مائة جارية، جميعهم كانت تحفظهم القرآن، فيسمع من قصرها صوت كدوي النحل، من تلك القراءة، يرجع نسب زبيدة إلى بني هاشم، ولقد حظيت بميزة، لم تكن لأحد غيرها وهي أنها الهاشمية الوحيدة التي أنجبت خليفة، وهو الأمين محمد بن هارون الرشيد.