فلم يجبهم مالك- خازن جهنم- لمدة قدرها أربعين عام، وبعدها أجابهم قائلًا: (إِنَّكمْ مَاكِثونَ). بعد ذلك نادى الكفار ربهم، فقالوا: (رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ). فتركهم فترة تعادل قدر الدنيا، ثم قال لهم تبارك وتعالى بعد هذه الفترة الطويلة: (اخْسَئوا فِيهَا وَلا تكَلِّمونِ). مقالات قد تعجبك: تفسير: قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا عند أبي بكر بن عبد الله عن أبي بكر بن عبد الله، قال: أهل النار ينادون أهلَ الجنة فلا يردون عليهم فترة لا يعلمها إلا الله، ثم يشار إليهم أن أجيبوهم. وقد منعت الرَّحمة والرحم، فيرد سكان الجنة: يا أصحاب النار، حل عليكم غضبٌ من الله. إعراب قوله تعالى: قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين الآية 106 سورة المؤمنون. يا أصحاب النار، حلت عليكم لعنةٌ من الله، يا أصحاب النار، لا سعديكم ولا لبيكم. ماذا تقولون؟ فيردون: ألم نكن لكم في الحياة الدنيا آباء وأبناء وإخوان وعشيرة. فيردون: نعم، فيقولون لهم: (أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ). ثم إن أصحاب النار يستنجدون بخزنة جهنم، أن يدعوا الله يخفف يومًا عنهم من عذاب النار.
وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض، فأطبقت عليهم. قال عبد الله بن المبارك في حديثه: فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر أنه قال: فذلك قوله: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، أنه قال: فوالذي أنـزل القرآن على محمد، والتوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، ما تكلم أهل النار كلمة بعدها إلا الشهيق والزَّعيق في الخلد أبدا، ليس له نفاد. قال: ثني حجاج، عن أبي معشر، قال: كنا في جنازة ومعنا أبو جعفر القارئ، فجلسنا، فتنحى أبو جعفر، فبكى، فقيل له: ما يبكيك يا أبا جعفر؟ قال: أخبرني زيد بن أسلم أن أهل النار لا يتنفسون. وقوله: ( وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ) يقول: كنا قوما ضَلَلْنا عن سبيل الرشاد، وقصد الحقّ.
ذمُّ الشهوات والملذات من قبل الله تعالى إذ أطلق عليها اسم شقوة، لأنَّ الشهوات هي التي ستؤدي إلى الشقاء والهلاك في النهاية. وفي الآية توجيهٌ من الله تعالى إلى عدم إيثار وتقديم الشهوات على طاعته تعالى، فإنَّ من آثرَ الشهوة والمعصية على طاعة الله سيكون مصيره كأولئك الأشقياء في نار جهنم. الإنسان مخيَّر في حياته الدنيا، ويجب عليه أن لا يختار طريق الشهوات والملذَّات، ولذلك عبَّر الأشقياء عن ذلك بقولهم: غلبت علينا شقوتنا، لأنَّهم كانوا مخيرين واختاروا الضلال والعصيان على الهدى والطاعة. إنَّ الشهوة والضلال تغلبُ على كلِّ من لم يتحرَّى في حياته البحث عن الحق، حتى وإن كان الحقُّ ظاهرًا جليًّا، إلا أنَّ أولئك يتغاضون عن الحق ولا يعبأون به. إنَّ علم الله تعالى يسبق فعل المجرمين الأشقياء، فقد علمَ تعالى أنّهم سيقعون في الضلال قبل أن يقعوا فيه بسابق علمه. المراجع [+] ↑ سورة المؤمنون، آية:1 ↑ "سورة المؤمنون" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-03. بتصرّف. ↑ سورة المؤمنون، آية:106-108 ↑ سورة المؤمنون، آية:106 ↑ سورة غافر، آية:49 ↑ سورة غافر، آية:50 ↑ سورة الزخرف، آية:77 ↑ سورة المؤمنون، آية:106-107 ↑ سورة المؤمنون، آية:108 ↑ "تفسير الطبري" ، ، اطّلع عليه بتاريخ 2020-06-03.