الرضا جوهر حياة الإنسان ومقومها الذي يكسبها القوة والقدرة على المواصلة والنهوض، فقد يخفق الإنسان مرة تلو مرة لكن بنفس راضية مطمئنة، يستشعر معها ومن خلالها أنه ليس ثمة يأس، وإنما عود وبدء من جديد من خلال الرضا بما قدر عليك وما قدر لك. أقولها بأعلى صوتي: "ولكم في الرضا حياة يا أولي الألباب".
[7] السّعادة في الإسلام لا تقتصرُ السّعادة في الإسلام على المعنى الماديّ منها فقط، وإنْ كانت الأسباب المادية عنصراً من عناصر السّعادة، بل ركّزت على الجانب المعنويّ لكونه أثراً يأتي من السّلوك الصحيح والقويم. تشملُ السّعادة في الإسلام مَرحلتين، هما: [8] السّعادة الدنيوية: أتى الإسلام بضَوابط وشرائع تكفلُ للإنسان سعادته في الدّنيا، لكنّه يُقرّ بأنّ الحياة الدّنيا ما هي إلا دربٌ للوصول للآخرة، وأن عليه أن يسعَى للعمل الصّالح في الدنيا للوُصول لسعادة الآخرة، فقد قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) ، [9] وقال تعالى: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا). [10] السعادة الأخرويّة: هي السّعادة التي تتّصف بالكمال والديمومة والخلود، وهي ما يجنيه المرء جراء عمله الصالح في حياته الدّنيا، وفيها يقولُ تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ، [11] كما يقول تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ).
[٣] تُعدّ السعادة مفهوماً مجرّداً لا ينحصرُ بنطاقٍ حسيّ ولا عقلانيّ، بل يتجاوز ذلك إلى ما هو خياليّ، ومن هُنا تكمنُ صعوبة حصره وضبطه في بضع كلمات تصفه، ولذلك يقول الفيلسوف الفرنسيّ نيكولا شامفور (بالإنجليزية: Nicolas Chamfort): (السعادة ليست بالأمر الهيّن، فمن الصعب أن نعثُر عليها في دواخلنا، ومن المُستحيل أن نعثر عليها في الخارج). [٤] يُعرِّفُ أرسطو السّعادة بأنها (اللذة، -أو على الأقل أنها تكون مرتبطة ارتباطاً وثيقاً باللذة- واللذة بدورها يتمّ تفسيرها باعتبارها غياباً واعياً للألم والإزعاج) حيثُ يحصرُ الفضيلة بالتّأمُّل والفلسفة في التفكير، ويصلُ أخيراً إلى أنّ الحياة التي تتصّف بالسّعادة هي الحياة التي تُعنى وتتمحور حول النشاط العقليّ، أمّا سبينوزا فيقول في كتابه الأخلاق: (السعادة هي الغبطة التي ندركها حينما نَتحرّر من عبوديّة الأهواء ومن الخرافات والأحكام المسبقة). [٣] تطرّقت خبيرتا السّعادة لارا كور وديبرا ريكوود لمعنى السّعادة، فقالت كور: (السعادة من وجهة نظري هي القُدرة على تجربة أوسع نطاق من العواطف والمشاعر بطريقة صحية)، كما قالت ريكوود: (السعادة هي الشّعور بالرضا في ظلّ غياب القلق أو الاضطراب أو تعكّر المزاج).