فكل حالة تقيم لوحدها والله عز وجل هو أعلم بخلقه، وسيحاسب كل بعمله يوم القيامة ، أما ما يهمنا فقد جاء واضحًا في الآيات، فكلما كان الإنسان أقرب للحالة الأولى كان أقرب لقبول توبته، وكلما كان أقرب للحالة الثانية كان أبعد عن قبول توبته. متى يغلق باب التوبة امام العبد | المرسال. الآيتان تتكلمان عن معيارين أساسيين: ارتكاب المعصية في لحظة جهل (ومثلها لحظة الضعف التي تنسي المرء الحلال والحرام) وسرعة التوبة والعودة إلى الله، هذه المعادلة التي تردع المؤمن عن ارتكاب المعصية في حال وعيه أنها معصية، لأنه قد لا يغفر له لو تاب حتى لو كان قبل وفاته، وتشجع العاصي على سرعة العودة إلى الله والتوبة، فكلما كان أسرع كان أقرب للقبول. وأخيرًا فإن من فوائد هذه الآيتين أنه ليس من شأننا أو من عملنا أن نحاسب الناس على أفعالهم، وأن ندخل فلانًا وعلانًا النار والجنة، فالمعايير التي تدخل النار والجنة ليست مكتملة بين أيدينا، كما المعايير التي تدخل فلان في رحمة الله وتقبل توبته وتخرج علان من رحمة الله ليست موجودة لدينا كلها، وإنما نحن مأمورون بتبيان الحلال والحرام للناس. نحن دعاة ولسنا قضاة نقول للناس سارعوا إلى التوبة، ونبين لهم هذا حرام يقود إلى النار وذاك حلال وواجب يؤدي إلى الجنة ، لكن لا نتورط في تقييم الناس ومحاكمتهم على أفعالهم، إلا طبعًا ما يختص بالحدود والعقوبات والتعزير فذلك شأن آخر، إنما القصد هنا محاكمة إيمانهم وصدق إخلاصهم والتزامهم بالدين.
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النساء: إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً، وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تُبْتُ الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً. في هاتين الآيتين الكريمتين يبين الحق سبحانه وتعالى من تقبل منهم التوبة، ومن لا تقبل توبتهم. والتوبة: هي الرجوع إلى الله تعالى، وإلى تعاليم دينه بعد التقصير فيها مع الندم على هذا التقصير والعزم على عدم العودة إليه. والمراد بها هنا قبولها من العبد، أما المراد من الجهالة في قوله: يعملون السوء بجهالة الجهل والسفه بارتكاب ما لا يليق بالعاقل، لا عدم العلم، لأن من لا يعلم لا يحتاج إلى التوبة. والمعنى: إنما قبول التوبة كائن أو مستقر على الله تعالى لعباده الذين يعملون السوء ويقعون في المعاصي بجهالة، أي يعملون السوء جاهلين سفهاء، لأن ارتكاب القبيح مما يدعو إليه السفه والشهوة، لا مما تدعو إليه الحكمة والعقل. 8-تابع التوبة ، متى لا تقبل التوبة - الشيخ أحمد حطيبه - الطريق إلى الله. الوعد الحسن وبدأ سبحانه الآية الكريمة بإنما الدالة على الحصر، للإشعار بأن هؤلاء الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب، هم الذين يقبل الله توبتهم ويقيل عثرتهم.