ويرى الجمهور أن حد حرم المدينة ما بين ثور إلى عير. عن علي رضي الله عنه مرفوعا: " حرم المدينة ما بين ثور إلى عير ". رواه البخاري ( 6374) ومسلم ( 1370). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بين لابتيها حرام ". رواه البخاري ( 1774) ومسلم ( 1372). واللابة الحرة, وهي أرض تركبها حجارة سود ، وللمدينة لابتان شرقية وغربية, وهي بينهما. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والثاني: حرم عند جمهور العلماء وهو حرم النبي صلى الله عليه وسلم من عير إلى ثور ، بريد في بريد ، فإن هذا حرم عند جمهور العلماء ، كمالك والشافعي وأحمد ، وفيه أحاديث صحيحة مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم. " مجموع الفتاوى " ( 27 / 15). واختلف العلماء في تضعيف الصلاة في المسجد النبوي هل يكون في المسجد الذي كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم دون ما زاد عليه أو تدخل الزيادة إلى حدود الحرم. وقد ذهب النووي – من الشافعية – وابن عقيل – من الحنابلة – إلى الأول ، وقد تمسكوا بظاهر اللفظ " في مسجدي هذا " ، وذهب إلى الثاني: شيخ الإسلام ابن تيمية ، وولي الدين العراقي – من الشافعية – وغيرهما ، واستدل بعضهم على هذا الحكم بأحاديث وآثار ، لكنها غير صحيحة ، والأصح منه: الاستدلال بفعل السلف ، وهو إن لم يكن إجماعاً فهو شبه إجماع.
[4] شاهد أيضًا: من الذي بنى المسجد الأقصى؟ كم تعادل الصلاة في المسجد الحرام إنّ السؤال كم تعادل الصلاة في المسجد النبوي دائمًا ما ترتبط بالسؤال عن أجر الصلاة في المسجد الحرام، فالصّلاة حول الكعبة في المسجد الحرام أفضل الصّلوات، فهي تعدل مائة ألف صلاةٍ فيما سواها من المساجد، فقد روى الصحابي الجليل جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاةٌ في مسجدي أفضلُ من ألفِ صلاةٍ فيما سواه إلا المسجدَ الحرامِ وصلاةٌ في المسجدِ الحرامِ أفضلُ من مئةِ ألفِ صلاةٍ فيما سواه". [5] وقد ورد عن أهل العلم أنّها تتضاعف حتّى في بقيّة الحرم وليس فقط في المسجد الحرام، ولكنّ الصّلاة في المسجد حول الكعبة هو الأفضل والأكيد والله أعلم.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن المسجد الحرام يعم جميع الحرم ، وإن كان للصلاة فيما حول الكعبة ميزة وفضل لكثرة الجماعة وعدم الخلاف في ذلك ، ولكن الصواب هو القول الثاني ، وهو أن الفضل يعم ، وأن المساجد في مكة يحصل لمن صلى فيها التضعيف الوارد في الحديث. وإن كان ذلك قد يكون دون من صلى في المسجد الحرام الذي حول الكعبة ؛ لكثرة الجمع وقربه من الكعبة ، ومشاهدته إياها ، وخروجه من الخلاف في ذلك ، ولكن ذلك لا يمنع من كون جميع بقاع مكة كلها تسمى المسجد الحرام ، وكلها يحصل فيها المضاعفة إن شاء الله. " مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز " ( 4 / 130). سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: هل من صلى في الساحة التي خلف المسعى يكون أجره مثل الذي صلى بجوار الكعبة ؟. أما الصلاة في الساحة: فإذا اتصلت الصفوف بأن امتلأ المسجد حتى وصلت الصفوف إلى الساحة: فهؤلاء يُرجى لهم أن يكونوا مثل الذين في المسجد في الأجر ، وأما إذا كان المسجد خالياً وفيه مكان: فإن الصلاة في هذه الساحة ليست كالصلاة في المسجد الحرام ، فلا يكون لمن صلى فيها مائة ألف صلاة ؛ لأنها منفصلة عن المسجد ، بينها وبين المسجد شارع واسع – كما تعرفون –. " الباب المفتوح " ( 546).