ت + ت - الحجم الطبيعي يقول الله تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله، وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون) (الحشر: 21). يقول الخازن: وهذا تمثيل لأن الجبل لا يتصور منه الخشوع والخشية إلا أن يخلق الله تعالى له تمييزًا وعقلاً يدل على أنه تمثيل: (وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون)، أي الغرض من هذا التمثيل التنبيه على فساد قلوب هؤلاء الكفار وقساوتها وغلظ طباعهم. ويرى الزمخشري في متناول تفسيره لهذه الآية أن هذا تمثيل وتخييل كما مر في قوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة). تفسير قوله تعالى (لَوْ أَنزَلْنَا هَـذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ ). وقد دل عليه قوله: (وتلك الأمثال نضربها للناس)، والغرض توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وقلة تخشعه عند تلاوة القرآن، وتدبر القرآن، وتدبر قوارعه وزواجره: (وتلك الأمثال) إشارة إلى هذا المثل وإلى أمثاله في مواضع من التنزيل. وذهب البيضاوي والنيسابوري إلى ما ذهب إليه الزمخشري من أن هذه الآية تمثيل وتخييل، وأن المراد توبيخ الإنسان على قسوة قلبه وعدم اتعاظه وانتفاعه بالقرآن. فلو كان للجبل عقل يميز به مع أنه علم في القساوة لخشع وتشقق من خشية الله، فكيف بالإنسان الذي منحه الله عقلاً وإدراكًا وفكرًا؟ ويقول أحد الباحثين: بل إن الجبل ليخر خشية من الله وقرآنه، وهذا مثل تجسيمي تربوي يورده الله جل جلاله لتبصير أولي الألباب بخشية الله كما ورد في آية الحشر رقم 21.
وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: أي لو أنزلنا هذا القرآن يا محمد على جبل لما ثبت ولتصدع من نزوله عليه ، وقد أنزلناه عليك وثبتناك له وقويناك عليه ، فيكون على هذا من باب الامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله سبحانه ثبته لما لا تثبت له الجبال الرواسي. لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون : Islamiyatsb : Free Download, Borrow, and Streaming : Internet Archive. ثم أخبر سبحانه بربوبيته وعظمته ، فقال: هو الله الذي لا إله إلا هو وفي هذا تقرير للتوحيد ودفع للشرك عالم الغيب والشهادة أي عالم ما غاب من الإحساس وما حضر ، وقيل: عالم السر والعلانية ، وقيل: ما كان وما يكون ، وقيل: الآخرة والدنيا ، وقدم الغيب على الشهادة لكونه متقدما وجودا هو الرحمن الرحيم قد تقدم تفسير هذين الاسمين. هو الله الذي لا إله إلا هو كرره للتأكيد والتقرير لكون التوحيد حقيقا بذلك الملك القدوس أي الطاهر من كل عيب ، المنزه عن كل نقص ، والقدس بالتحريك في لغة أهل الحجاز السطل ، لأنه يتطهر به ، ومنه القادوس لواحد الأواني التي يستخرج بها الماء. قرأ الجمهور القدوس بضم القاف. وقرأ أبو ذر ، وأبو السماك بفتحها ، وكان سيبويه يقول: سبوح قدوس بفتح أولهما ، وحكى أبو حاتم عن يعقوب أنه سمع عند الكسائي أعرابيا فصيحا يقرأ " القدوس " بفتح القاف.
عبدالباسط عبد الصمد_ لوانزلنا هذا القرأن على جبل - Vidéo Dailymotion Watch fullscreen Font
وذكر روايات تؤيد رأيه ثم قال: ويوضح تعالى ذكره أن هذه الأشياء يشبهها للناس، وذلك تعريفه جل ثناؤه إياهم أن الجبال أشد تعظيمًا لحقه منهم مع قساوتها وصلابتها وقوله لعلهم يتفكرون. يقول: يضرب الله لهم هذه الأمثال ليتفكروا فيها فينيبوا وينقادوا للحق. والذين يتلقون القرآن بقلوب خاشعة وأفئدة مطمئنة تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله، ويحسون تغيرًا في مجرى حياتهم، وليس المجال هنا مجال إسهاب عن عظمة القرآن وتأثيره في النفوس ويكفي أن نضرب الأمثلة، ألم يحول القرآن عمر بن الخطاب من رجل كافر إلى مؤمن؟ من متوعد ومهدد إلى رجل هين لين؟ من عدو لله ورسوله إلى محب لله ورسوله؟ لقد كان سبب إسلامه كما حدثنا المؤرخون والعلماء سماعه للآيات الأولى من سورة طه، وماذا حدث له بعد أن سمع الآيات الأولي من سورة الطور؟ لقد مرض وعاده الناس في بيته شهرًا. لو انزلنا هذا القران على جبل لرايته خشعا. هذا أثر القرآن في النفوس كما يؤثر المغنطيس بالجسم فيجذبه إليه، وكما تترك الكهرباء أثرها فيما اتصلت به، عندما نتلقاه بطبيعتها وحقيقتها. وعلماء الغرب الذين يستجيبون للقرآن رغم الحدود والسدود التي وضعت أمامهم، والنماذج كثيرة وعديدة تبين لنا مدى تأثير القرآن في النفوس، أما الذين اسودت وجوههم وقلوبهم معًا، فقد مسخت فطرتهم ولم ينتفعوا بهدي القرآن وكان الجبل الأصم أشد منهم تأثرًا وخشية.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (لَوْ أَنزلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ)... الآية، يعذر الله الجبل الأصمّ، ولم يعذر شقيّ ابن آدم، هل رأيتم أحدًا قط تصدّعت جوانحه من خشية الله (وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ) يقول تعالى ذكره: وهذه الأشياء نشبهها للناس، وذلك تعريفه جلّ ثناؤه إياهم أن الجبال أشدّ تعظيمًا لحقه منهم مع قساوتها وصلابتها. وقوله: (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) يقول: يضرب الله لهم هذه الأمثال ليتفكروا فيها، فينيبوا، وينقادوا للحق.