رواه البخاري ( 6147) ومسلم ( 950) ، وبوَّب عليه النسائي في سننهِ ( 1931): " باب الاستراحةُ من الكفارِ ". قال النووي – رحمه الله -: معنى الحديث: أن الموتى قسمان: مستريح ومستراح منه ، ونصب الدنيا: تعبها ، وأما استراحة العباد من الفاجر معناه: اندفاع أذاه عنهم ، وأذاه يكون من وجوه ، منها: ظلمه لهم ، ومنها: ارتكابه للمنكرات فإن أنكروها قاسوا مشقة من ذلك ، وربما نالهم ضرره ، وإن سكتوا عنه أثموا. واستراحة الدواب منه كذلك لأنه كان يؤذيها ويضربها ويحملها ما لا تطيقه ويجيعها في بعض الأوقات وغير ذلك. "اذكروا محاسن موتاكم".. هل هو حديث صحيح.. وهل تؤثر شهادة الن | مصراوى. واستراحة البلاد والشجر: فقيل: لأنها تمنع القطر بمصيبته قاله الداودي وقال الباجي لأنه يغصبها ويمنعها حقها من الشرب وغيره. " شرح مسلم " ( 7 / 20 ، 21). 4. وقد سجد علي رضي الله عنه لله شكراً لمقتل " المخدَّج " الخارجي لما رآه في القتلى في محاربته له. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: وقاتل أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه الخوارجَ ، وذكر فيهم سنَّة رسول الله المتضمنة لقتالهم ، وفرح بقتلهم ، وسجد لله شكراً لما رأى أباهم مقتولاً وهو ذو الثُّدَيَّة. بخلاف ما جرى يوم " الجمل " و " صفين " ؛ فإن عليّاً لم يفرح بذلك ، بل ظهر منه من التألم والندم ما ظهر ، ولم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك سنَّة بل ذكر أنه قاتل باجتهاده. "
وفي الآية بيان أن إهلاك أعداء الله تعالى من نعَم الله على المسلمين التي تستوجب ذِكراً وشكراً. 2. عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: مَرُّوا بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَجَبَتْ) ثُمَّ مَرُّوا بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ ( وَجَبَتْ) فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا وَجَبَتْ ؟ قَالَ: ( هَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَهَذَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَوَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ). رواه البخاري ( 1301) ومسلم ( 949). حديث اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم. قال بدر الدين العيني – رحمه الله -: فإن قيل: كيف يجوز ذكر شر الموتى مع ورود الحديث الصحيح عن زيد بن أرقم في النهي عن سب الموتى وذكرهم إلا بخير ؟ وأجيب: بأن النهي عن سب الأموات غير المنافق والكافر والمجاهر بالفسق أو بالبدعة ، فإن هؤلاء لا يحرُم ذكرُهم بالشر للحذر من طريقهم ومن الاقتداء بهم. " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " ( 8 / 195). 3. عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ فَقَالَ: ( مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ) ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؟ فَقَالَ: ( الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ ، وَالْبِلَادُ ، وَالشَّجَر ُ، وَالدَّوَابُّ).
وهذا أثنيتُم عليه شراً، فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض". ففي هذا الحديث لم ينه النبي صلى الله عليه وسلم صحابته عن ذكر مساوئ المتوفى الثاني، بل بيّن لهم أن مصداقيتهم فيما عرفوا عنه من سيئات ستكون شهادة وحجة عليه يوم القيامة، وبالتالي سينال العقاب الذي يستحق، فلو كان النهي عن ذكر مساوئ الموتى مطلق، ويؤخذ على عمومه لما أقرّهم عليه الصلاة والسلام على ذلك. صحة حديث اذكروا محاسن موتاكم. وكذلك ورد تعارض بين هذه الأحاديث، والحكم المفهوم من قوله سبحانه وتعالى: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)؛ فيُفهم النهي أو حرمة ذكر المساوئ والسلبيات في هذه الآية عن الحديث السلبي بشكل عام، إلا في حالة التعرض للظلم، حيث يجد المظلوم نفسه مضطرا للتظلم، وطلب النصرة والإنصاف والعدل من الآخرين، أو تحذيرهم من التعرض لنفس ما تعرض هو له. وبناءا على هذا التعارض بين الأدلة، يمكن القول أن الأدلة المانعة عن ذكر مساوئ الموتى لا تطلق بشكل عام، وإنما ورد فيها التخصيص عند التعلق بحقوق الآخرين. فقد اتفق الفقهاء على قاعدة في الحقوق تقول: "حقوق العباد مبنية على المشاحة (أي المطالبة)، وحقوق الله مبنية على المسامحة". ولذلك علّق الدكتور حسام الدين عفانة على عموم هذه الاحاديث قائلا: يرى كثير من أهل العلم أن عموم هذه الأحاديث مخصوص.
وهل يحرّم الشرع بيان ذلك للناس؟! لا ندعي أننا نقف على باب الجنة ونملك تصاريح الإذن بالدخول، والعياذ بالله، وإنما ندعوا إلى إعطاء صاحب كل موقف مكانه المناسب، فثمة فرق بين الحكم على المصير الأخروي لشخص، وبين بيان مواقفه الدنيوية. نسأل الله السلامة _____________________________________________ *كاتب أردني، وباحث في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا المقال لا يعبر عن موقف أو راي الجزيرة مباشر وإنما يعبر عن رأي كاتبه