فقلب إبن آدم ما سُمى قلباً، إلا من تقلبه السريع، وتلونه الحثيث، فكان من اللازم المتعين إحياؤه بالصلاة، والطاعة ودوام الذكر والمراقبة. ما سُمي القلب إلا من تقلبهِ *** فحاذر القلب من سوءٍ وتقلابِ وقد جاء في الحديث الصحيح قوله عليه الصلاة والسلام: (إنه ليُغان على قلبي، فأستغفر الله سبعين مرة في اليوم) وفي قوله (ربطنا) احتمالية طروء الفك والاختلال للرباط بفعل المعاصي ، وقطع الشهوات، فالله يوفق المرء للطاعة، وينبهه، ويحذر خطوات الشيطان، لعداوته الأبدية، فإنه يرصده على كل طريق، فإذا ما نسي واتبع هواه، واغتر بالأماني الشيطانية، انحلت عقد ذلك الرباط، وبدا الحبل المحكم، ينفك خيطاً خيطاً، حيث ينتهي تماماً، وتبيت مقاومته الإيمانية ضعيفة هزيلة، يسقط عند أول اختبار شديد، فيتعين الانتباه ودوام الحذر. قال تعالى: (خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء:71] وقال سبحانه: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) [الحج:78] دمتم بود
•* ولجمال* هذا* الرباط* جعلهم* يقدمون* مرضاة* الله* على* كل* شيء* ويؤثرونه* على* كل* الملاذ* ،* غير* مبالين* بزينة* فاخرة،* أو* نفائس* فاتنة* «وكذلك* الإيمان* إذا* خالطت* بشاشته* القلوب» * كما* في* حديث* هرقل* المشهور*. •* ويتولد* مع* هذا* الرضا* وتلكم* القناعة* بصحة* الطريق* حب* العمل* والتضحية،* وعدم* الانجراف* إلى* مراتع* الهوى* كما* قال* السحرة* التائبون* {لن* نؤثرك* على* ما* جاءنا* من* البينات* والذي* فطرنا* فاقضِ* ما* أنت* قاضٍ} *) سورة* طه)*. •* انحلال* الرباط* ويبوسة* شعيراته* وخيوطه* راجع* إلى* سبل* التقصير* والهوان،* والضعف* في* مجاهدة* الهوى*. وربطنا على قلوبهم....! - ملتقى الخطباء. ( {وجاهدوا* في* الله* حق* جهاده} *) سورة* الحج)*. •* ويمتلك* بعض* الناس* مؤهلات* هذا* الرباط* فلا* يستعملها* في* الدعوة* والنفع* والبلاغ* ،* فيطول* عليها* الأمد،* وتصاب* بالذبول* والتلوث*. •* وتمتحن* أربطة* اهل* الإيمان* بالدنيا* ومفاتنها،* والأزمات* وشدائدها،* والمناصب* وابتزازاتها،* والشهوات* وغوائلها*( «حُفت* الجنة* بالمكاره* وحفت* النار* بالشهوات» *.
• اللهم اربط على قلوبنا وثبتنا على دينك حتى نلقاك، يا سميع الدعاء....
ففي غزوة بدرٍ طرأَ على فريقٍ من المؤمنين هذا الخوف و القلق، حين علموا بما سيواجهونه من اَعداد و عُدَّة قريش، و خرجوا للمواجهة ﴿كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ" (الانفال: 6). فكان مما مَنَّ اللهُ به عليهم هو اقتلاع هذا الرجز و "ربط" قلوبهم بحبل الإيمان: ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾ (الانفال: 11) و علاوة على السكينة فإن هذا الرباطُ على القلبِ يُولّد في المؤمن الشجاعة ليصدَع بما أمره الله، فيزيل من قلبه احساس الخوف فيقتدي بالرسل و الأنبياء ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ (الأحزاب: 39).