إن الإنسان دائمًا يبحث عن الأنس والأمان فهما أساسا الراحة و الحياة الهادئة ، و لا يتحقق هذان الاثنان إلا بالثقة في الله الواحد الأحد ، و حسن الظن بالله تعالى هو السبيل الوحيد للراحة و الطمأنينة و السكينة ، فإن الإنسان عندما يثق في أقدار الخالق سبحانه و تعالى و يوكله أمور حياته كبيرها و صغيرها يستطيع أن يحيا مرتاح البال ، فإنه يعلم أن ربه قادر على تدبير أموره وحل مشكلاته ، و قد كان دائمًا حسن الظن بالله أحد أعظم العبادات القلبية ، التي ترفع صاحبها درجات و درجات في القرب من الله سبحانه وتعالى. معنى حسن الظن بالله حسن الظن بالله يعني التوقع الحسن لكل ما يقدره الله من أقدار ، فهو توقع كل جميل من الله سبحانه وتعالى و التيقن من وجود حكمة في القدر. ثمرات حسن الظن بالله مما لا شك فيه أن المؤمن القوي الذي يلزم حسن الظن بالله يجني العديد من الثمرات لحسن ظنه بالخالق سبحانه وتعالى منها: – تقوية الإيمان و التمسك بتعاليم الدين و تأكيد مبدأ الربانية والتوحيد لله تعالى الواحد الأحد. معني حسن الظن بالله صيد الفوايد. – التمسك بأحكام الشريعة فمن أحسن ظنه بالله أيقن أن شريعته وأحكامه هي أحسن الأحكام ولا يمكنه استبدالها بأي قوانين وضعية أخرى.
[1] انظر: مقاييس اللغة (3/ 462)، التعريفات للجرجاني (144). [2] انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (5/ 7). [3] انظر: إكمال المعلم (8/ 172). [4] انظر: شرح رياض الصالحين (3/ 335). [5] انظر: تفسير الرازي (27/ 557). [6] انظر: صحيح مسلم (2877). [7] انظر: شرح رياض الصالحين (3/ 335). [8] انظر: الجواب الكافي (ص: 28). [9] انظر: الجواب الكافي (ص: 13 - 15) مختصرًا. [10] انظر: تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبدالغني المقدسي (167). [11] انظر: الجواب الكافي (ص: 24). [12] انظر: الداء والدواء (44 - 50). [13] انظر: المفهم شرح مسلم (7/ 5). [14] انظر: صحيح البخاري (9/ 121)، صحيح مسلم (4/ 2061). معني حسن الظن بالله للشيخ خالد الراشد. [15] انظر: تفسير ابن كثير (7/ 158). [16] انظر: تفسير الثعلبي (6/ 281)، تفسير البغوي (5/ 327). [17] انظر: صحيح البخاري (5/ 4)، صحيح مسلم (4/ 1854).
والله أعلم
[٢] فضل حسن الظنّ بالله إنّ حسن الظنّ بالله تعالى من العبادات القلبيّة التي حثّ عليها الدين العظيم، ورغّب بها، فإنّ لها من الفضل الكثير، وفيما يأتي بيانٌ لبعض ذلك الفضل: [٣] يُعدّ حسن الظنّ بالله تعالى مظهراً من مظاهر حُسن عبادة المسلم ، قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ حُسنَ الظَّنِّ بِاللهِ، من حُسنِ عِبادةِ اللهِ). [٤] إنّ من أحسن الظنّ بالله تعالى، أعطاه الله ظنّه وسؤله، قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الحديث القدسيّ الذي يرويه عن ربّه: (قال اللهُ تعالى: أنا عند ظنِّ عبدِي بي، إنْ ظنَّ خيراً فلهُ، وإنْ ظنَّ شرّاً فلهُ). [٥] مواطن حسن الظنّ بالله ممّا لا شك فيه أنّ على المؤمن أن يحسن ظنّه بالله تعالى في كلّ موطنٍ، وفي كلّ حالٍ، فلا حول ولا قوة للمؤمن إلّا بالله تعالى، ولكنّ حسن الظنّ به سبحانه يتأكّد في مواطن عديدةٍ، منها: [٣] عند الموت: ففي الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (لا يموتنَّ أحدكم إلا وهو يحسنُ الظنَّ باللهِ عزَّ وجلَّ) ، [٦] وممّا يُذكر أنّ حاتم بن سليمان قال: (دخلنا على عبد العزيز بن سليمان وهو يجود بنفسه، فقلت: كيف تجدك؟ قال: أجدني أموت، فقال له بعض إخوانه: على أية حال رحمك الله؟ فبكى، ثمّ قال: ما نقول إلّا على حسن الظن بالله، قال: فما خرجنا من عنده حتّى مات).
[٣] كيفيّة حُسن الظن بالله حسن الظن بالله ليس بالأمر السهل، وليس كذلك بالأمر الصعب، إنما ينبغي على المسلم أن يقوم ببعض الأمور حتى يصل إلى القدرة على إحسان الظن بالله، ومن الأمور التي ينبغي على المسلم فعلها لأجل ذلك ما يأتي: [٤] فَهم معاني أسماء الله الحسنى وإدراك صفاته، والإلمام بكل ما يُحيط بتلك الأسماء والصفات، والاطّلاع التام على مِقدار حكمة الله سبحانه وتعالى، وقدرته في خلق الخلق وإيجادهم، وحكمته في العطاء والمنع، وحكمته فيما يُصيب العبد من مصائب وابتلاءات وهموم، وحكمته في كلّ ما يمرّ بالعبد من خيرٍ وشر، وأنّ الله هو وحده المُتصرّف بذلك والقادر عليه. اجتناب المنكرات والآثام والمعاصي، والتوبة على ما اقترف من ذنوب وخطايا، فأنّ المُسلم إذا عصى الله ثم استغفره فإنّه يُدرك جيداً أنّ الله سيغفر له ما كان منه؛ لندمه على ما أذنب، وتوبته الصادقة، وعزمه ألا يعود إليه، فيكون قد وصل إلى إحسان الظن بالله. الإقبال إلى الله بحسن العمل، والسعي لإدراك أعلى المنازل في الجنة، والثقة بأن الله سيدخله في جنّته ويُنجيه من عذابه إذا ما هو قام بما أمره بالقيام به وامتنع عما حرمه ونهاه عنه، وألا يطلب الأجر والثزاب على ما يفعل إلا من الله وحده، وأن يعتقد يقيناً أن الله -سبحانه وتعالى- سيثيبه على ذلك إن التزم به، وأنه سيغفر له إن استغفره وتاب إليه.
عند عِظَم الدَّين: الله يقضي الدين عن المَدين بحسن ظنّه به، وتوكله عليه بطرقٍ ليست بحسبانه.