صحف ابراهيم وموسى} كقوله في سورة النجم: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى. ألا تزر وازرة وزر أُخْرَى. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى. وأن سعيه سوف يرى. ثم يجزاه الجزاء الأوفى. وأن إلى ربك المنتهى} الآيات إلى آخرهن؛ وهكذا قال عكرمة في قوله تعالى: {إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى} يقول: الآيات التي في {سبح اسم ربك الأعلى}، وقال أبو العالية: قصة هذه السورة في الصحف الأولى، واختار ابن جرير أن المراد بقوله: {إنّ هذا} إشارة إلى قوله: {قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى. بل تؤثرون الحياة الدنيا. ان هذا لفي الصحف الاولى صحف ابراهيم وموسى. والآخرة خير وأبقى}، ثم قال تعالى: {إن هذا} أي مضمون الكلام {لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى} وهذا الذي اختاره حسن قوي، وقد روي عن قتادة وابن زيد نحوه، واللّه أعلم. اكسب ثواب بنشر هذا التفسير
صحف إبراهيم وموسى هي الكتب السماوية التي أنزلها الله عز وجل على كل من سيدنا إبراهيم وسيدنا موسى عليهما السلام، وهي ما ذُكِرت في أكثر من موضع في القرآن الكريم ووضحها وبينها كثير من العلماء والمفسرين. ما المقصود بالكتب السماوية الكتب السماوية هي الكتب التي أنزلها الله سُبحانه وتعالى على رسله وأنبيائه، والتي تحتوي على عِبَر أو عظات أو تعاليم تخص الرسالة التي كُلِّف ذلك النبي بحملها، ويُشار عادة بكلمة الكتب السماوية إلى صحف سيدنا إبراهيم، والزبور الذي أُنزِل على سيدنا داوود، والتوراة التي أُنزِلت على سيدنا موسى، والإنجيل الذي أُنزِل على سيدنا عيسى، وأخيرًا وآخرًا القرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى على خاتم المرسلين مُحمَّد صلى الله عليه وسلم. مواضع ذِكر صحف إبراهيم وموسى في القرآن الكريم ذُكِرت عبارة صحف إبراهيم وموسى في القرآن الكريم في أكثر من موضع، نذكر منها الآتي: قال تعالى في سورة آل عمران: (( قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)) صدق الله العظيم.
السؤال: المعروف أن الكتب السماوية المنزلة هي أربعة: التوراة، الزبور، الإنجيل، القرآن، فماذا عن صحف إبراهيم وموسى التي جاء ذكرها في القرآن الكريم؛ الآيتان رقم: 18، 19 من سورة (الأعلى). أرجو إعطائي نبذة وتعريفًا عن هذه الصحف المطهرة؟ الجواب: قد أخبر الله سبحانه أنه أرسل رسله بالبينات والزبر، كما قال : وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ [النحل:43-44]. والزبر هي: الكتب. كتب صحف إبراهيم وموسى - مكتبة نور. وقال سبحانه في سورة (الحديد): لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ الآية [الحديد:25]، ونص سبحانه على صحف إبراهيم وموسى في سورة (سبح اسم ربك الأعلى)، وبين سبحانه من هذه الكتب والصحف: التوراة المنزلة على موسى، والزبور المنزل على داود، والإنجيل المنزل على عيسى، والقرآن المنزل على محمد ﷺ. وليس للعباد من العلم إلا ما علمهم الله إياه في كتابه، أو على لسان رسوله ﷺ. والله ولي التوفيق [1]. مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز (24/ 323).
أمّا موسى عليه السلام فقد اختصه الله سبحانه وتعالى بدعوة بني إسرائيل، وانزل عليه التوراة كما أنزل عليه رسائل سماها الله صحفاً وهي احد الكتب السماوية، واجمع بعض آهل العلم على إن التوراة تختلف عن صُحف موسى. ولكن ذهب الإمام القرطبي للقول بأن المقصود في قوله تعالى " إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى* صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى" هو الكتب السماوية التي اختص الله بها إبراهيم وموسى، وليست الألفاظ بعينها في هذه الصحُف، أي قصد المعنى دلالة على ما انزله الله من كتب سماوية. فقد اختص الله سبحانه وتعالى صحُف إبراهيم وموسى لتدليل على فضلهما، وان جميع الكتب السماوية الأخرى متفقة على ما جاء في صحفهما. واشتملت على سلسة من المواعظ والأحكام، ومما اشتملته كما جاء على لسان النبي صلى الله عليه وسلم عندما سأله أبا ذر عن صحُف إبراهيم، فدلل النبي على آتها أمثال ومواعظ حول الظلم وما له من أثار، وان يتجنب الإنسان الظلم الأخر حتى لو كان كافر، وعلى الإنسان العاقل أن يكون حفظاً للسانه، مراقباً كلامه، عاد لزمانه. أما صحف إبراهيم عليه السلام هي الصحف التي أنزلها الله على نبيه إبراهيم عليه السلام ؛ غالب ما جاء فيها ـ كما قال أهل العلم ـ مواعظ وحكم وعبر.