لمّا خلق الله الإنسان هيأ له من الأسباب ما يجعله يضمن بقاءه على هذه البسيطة من الطّعام والشراب؛ ولأجل ذلك سخَّرَ لهُ الأرضَ وما عَليها من دواب وهوام وأنعام؛ وهيّأ له السّبل التي تُساعده على استغلال الأرض واستخراج خيراتها؛ فأنزَلَ الأمطارَ، وأنبتَ الأشجارَ، وساقَ له الرِّزقَ بكافّة أحواله، وبعد كل ذلك ضمن له أن يُوفّر له رزقه الذي كتبه له إن هو سعى في طلب رزقه ولم يجلس ينتظره حتى يأتيه، ويُقدم لكم في هذا المقال أحاديث عن الرزق الحلال. احاديث علي بن ابي طالب عن الرزق. لا تستبطِئوا الرِّزقَ فإنَّه لن يموتَ العبدُ حتَّى يبلُغَه آخِرُ رزقٍ هو له فأجمِلوا في الطَّلبِ: أَخْذِ الحلالِ وتَرْكِ الحرامِ. يا أيُّها النَّاسُ لا تحمِلنَّكم العُسرةُ على طلبِ الرِّزقِ من غيرِ حِلِّه ، فإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: اللَّهمَّ تَوفَّني فقيرًا ، ولا تَوفَّني غنيًّا واحشُرْني في زُمرةِ المساكينِ ، فإنَّ أشقَى الأشقياءِ من اجتمع عليه فقرُ الدُّنيا ، وعذابُ الآخرةِ. يا أيُّها النَّاسُ إنَّ الغنَى ليس عن كثرةِ العرَضِ ولكنَّ الغنَى غنَى النَّفسِ وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يؤتي عبدَه ما كتب له من الرِّزقِ فأجمِلوا في الطَّلبِ خُذوا ما حلَّ ودعوا ما حُرِّم.
رواه مسلم رواه ثوبان مولى رسول الله صلّى الله عليهِ وسلّم: "الدعاءُ يردُّ القضاءَ، و إنَّ البرَّ يزيدُ في الرزقِ، و إنَّ العبدَ ليحرمَ الرزقَ بالذنبِ يصيبُهُ. احاديث عن الرزق - الجواب 24. رواده أبي الدرداء في صحيح الألباني: " إنَّ الرزقَ لَيَطْلُبُ العبدَ أكْثَرَ مِمَّا يطلبُه أجلُهُ" رواه جابر بن عبد الله في صحيح الألباني عن الرسول صلى الله عليه وسلم: " لا تَستبطِئُوا الرِّزقَ ، فإنَّهُ لمْ يكنْ عبدٌ لِيموتَ حتى يَبلُغَهُ آخِرُ رِزقٍ هوَ لهُ ، فاتَّقُوا اللهَ ، وأجْملُوا في الطَّلَبِ ، أ خذُ الحلالِ ، وتركُ الحرامِ. عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى الله عليهِ وسلّم أنه قال: " مَن سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، أوْ يُنْسَأَ له في أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ. "
صلة الرَّحم تجلب الرّزق وقطعها سببٌ لمنع الرزق فمن يصل رحمه يصله الله ويرزقه، ويزيد البركة في ماله ويرزقه من حيث لا يحتسب، قال عليه الصّلاة والسّلام: (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه ويُنسَأَ له في أجَلِه فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه). وإنّ من أبرز ما يُصيب قاطع الرحم نتيجةً لما قام به من القطيعةُ لرحمه أن يمنع عنه الرزق، ويُصيبه الهمّ والغمّ، وتُنزَع البركة من ماله.
الذّنوب سببٌ لمنع الرزق: فقَد يُحرَمُ العبدُ الرزق مع أنّه مكتوبٌ له، بسبب ذنبٍ أذنبه أو معصيةٍ أصابها، فقد روى ثوبانَ مولى رسولِ الله عن الرَّسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ أنَّه قال: (إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)؛ فيكون ارتكاب المعاصي والذُّنوبِ سبباً في حرمان الرزق بناءً على النصّ السّابق، أو أنّ العبد يأخذ رزقه لكنّه يُحرَمُ برَكتَه، فلا يأتيهِ رِزقَهُ الذي كتبه الله له إلَّا مُنغَّصاً لا بركة فيه. كما أنّ الزّنا كذلك من المعاصي التي تستوجب منع الرزق، فعَن عبد الله بن عمر -رضِيَ اللهُ عنهُ- عن رَسولِ اللهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ- أنَّه قال: (الزِّنا يورِثُ الفقرَ)، حيث إنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قَرَن الزِّنا بالفَقر في أكثَرِ من مَوضِعٍ، وفي الحديث السابق خصوصاً ممّا يُشير إلى دور الزّنا في منع الرزق. الرّبا يمنع الرزق وينسف الحلال: فعن عَمرو بن العاصِ -رضِيَ الله عنهُ- عن رَسولِ الله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّهُ قال: (ما مِن قومٍ يَظهرُ فيهِمُ الرِّبا إلَّا أُخِذوا بالسَّنةِ وما مِن قومٍ يَظهرُ فيهم الرِّشا إلَّا أُخِذوا بالرُّعبِ)، حيث إنّ الحديث يُشير إلى أنّ أي قومٍ يتعاملون بالرّبا سيجدون أثر ذلك في نقص الزرع الذي هو الباب الأول للرزق، وستُنسَف البركة من أرزاقهم، وقد قال تعالى في معنى ذلك: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ).