ومن أهم السور في فضحهم: التوبة والنساء والمنافقون والبقرة وآل عمران والأحزاب والنور ومحمد. أما النوع الثاني، فهو ما يسميه العلماء بالنفاق الأصغر (نفاق العمل)، وهو الذي تحدثت الأحاديث أعلاه عنه. وهو خطر لا يُستهان به، إذ إن سلوكه ربما يؤدي إلى النفاق الأكبر الاعتقادي. ومثل هذا هو شأن الصغائر عموما، فلا يجوز أن يستهين بها الإنسان، لأن تكرار فعلها أو استصغار شأنها سيقود لا محالة إلى الكبائر، وهنا تكون الكارثة. وتهمني هنا خصلة الخيانة والغدر. فالحقيقة التي تنطق بها الأحاديث النبوية، ومن قبلها الآيات القرآنية عن أوصاف المنافقين، بأن النفاق وسيلة أكيدة إلى الغدر والخيانة. اذا ...وعد...أخلف - YouTube. وينبغي أن يعي الموجّهون والقائمون على الأوطان أن النفاق كارثة حقيقية. فأكثر ما يعصف بالبلدان وأمنها وسيادتها هو الغدر والخيانة، وهما صفتان من صفات المنافقين، لأنه لا يُعرَف لهم حقيقة، وليس لهم رادع، يدورون مع مصالحهم الخاصة، ومن هنا يسهل تجنيدهم للآخر، وبالتالي يكون لهم دورهم الخطر السلبي في الحياة عموما. للنفاق سببان رئيسان: طمع في شيء، أو خوف من شيء؛ هما اللذان يجعلان الإنسان متلوّنا متقلبا لا يثبت على حال. ومن هنا ذمّ النبي صلى الله عليه وسلم ذا الوجهين.
عدد الصفحات: 2 عدد المجلدات: 1 تاريخ الإضافة: 28/4/2015 ميلادي - 10/7/1436 هجري الزيارات: 38482 آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم الحمد لله الذي خلق الإنسان علمه البيان والصلاة والسلام على الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى أما بعد. فهذه فوائد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) رواه البخاري (33) ومسلم 59. معاني الكلمات: اية: علامة. حديث: آية المنافق ثلاث.... النفاق: مخالفة الظاهر للباطن وهو قسمان: نفاق في الاعتقاد وهو الأكبر وهو كفر ونفاق في الأفعال وهو الأصغر وهو الرياء والمنافق من اظهر الإسلام لاهله وابطن غيره.
ثانيا: لا يرتبط الوعد بالقسم ، فقد يعد الرجل وعدا ، ولا يقسم عليه ، فإذا وعد وعدا وأقسم عليه صار وعدا مؤكدا واجب الوفاء. قال ابن القيم رحمه الله: " وإخلاف الوعد مما فطر الله العباد على ذمه واستقباحه ، وما رآه المؤمنون قبيحاً فهو عند الله قبيح " انتهى من " إغاثة اللهفان " (2/ 47). واختلف العلماء في " الوفاء بالوعد ": هل هو واجب مطلقا ، ويحرم خلفه ، أو مستحب ، ويكره خلفه. قال النووي رحمه الله: " أجمعَ العلماءُ على أن مَن وعد إنساناً شيئاً ليس بمنهيّ عنه فينبغي أن يفي بوعده ، وهل ذلك واجبٌ ، أو مستحبّ ؟ فيه خلاف بينهم ، ذهب الشافعيُّ وأبو حنيفة والجمهورُ إلى أنه مستحبّ ، فلو تركه فاته الفضل ، وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة، ولكن لا يأثم. وذهبَ جماعةٌ إلى أنه واجب ، قال الإِمامُ أبو بكر بن العربي المالكي: أجلُّ مَن ذهبَ إلى هذا المذهب عمرُ بن عبد العزيز ، قال: وذهبتِ المالكية مذهباً ثالثاً: أنه إن ارتبط الوعدُ بسبب كقوله: تزوّج ولك كذا، أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا، أو نحو ذلك ، وجب الوفاء ، وإن كان وعداً مُطلقاً، لم يجب. واستدلّ مَن لم يوجبه بأنه في معنى الهبة ، والهبة لا تلزم إلا بالقبض عند الجمهور، وعند المالكية: تلزم قبل القبض " انتهى ، من " الأذكار" (ص 317).
فيا لله العجب! جاهليون يعظمون شأن الوعد ويحذرون إخلافه حتى يتمنى أحدهم الموت عطشا ولا يعرف بإخلاف وعده، وموحدون لله تعالى يعرفون الترهيب من إخلاف الوعد ومع هذا كله لا يقيم بعضهم للوعد وزنا! معاشر المسلمين، إن إخلاف الوعد من القرائن الدالة على سوء أخلاق من اتصف بها، وكيف لا يكون ذلك وقد كذب في قوله وفعله فلم يصدق فيما قال ولم يف بما وعد؟! قيل للإمام أحمد رحمه الله تعالى: كيف تعرف الكذابين؟ قال: بمواعيدهم. معاشر المسلمين، وإن مما يزيد المسلم ألما أن يشتهر غير المسلمين بضبط مواعيدهم وحرصهم على الوفاء بها حتى أصبح بعض المسلمين يَضرِب المثل بدقة عنايتهم بالمواعيد. إن هذا الشيء عجاب؛ جاهليون قبل الإسلام وكفار بعد الإسلام يعظمون شأن المواعيد، وكثير من المسلمين على النقيض من ذلك، إي والله إن هذا لشيء عجاب! ألا فليتق الله تعالى أولئك المخلفون لوعدهم، وليعلموا أنهم آثمون في فعلهم ذلك، وإذا تضرر بسبب إخلافهم واحد أو آحاد أو جماعة من الناس فإن دائرة الإثم تتسع بحسب عظم الضرر، وَمَا ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. اللهم اكفنا شر أنفسنا والشيطان. أقول قولي هذا، وأستغفر الله... الخطبة الثانية معاشر المسلمين، ومما ينبغي أن يعلم في أمر الوفاء بالوعد أن مخلف الوعد إما أن يكون متعمدا أو غير متعمد، فلو قدّر أنه نسي وعده أو عجز عن وفاء ما وعد به وما يتبع ذلك من الأمور التي يعذر الشرع بها صاحبها فلا حرج عليه، ومن باب أولى إذا كان الشرع يمنع منه كمن وعد صاحبه بمحرم قولي أو فعلي فلا يجب الوفاء هنا وهو مأجور على ذلك، لكن عليه أن يبادر ببيان عذره لمن وعده حتى لا يكون للشيطان نصيب، فإن رضي صاحبه فذاك، وإن سخط صاحبه على عدم وفائه بوعده فلا يضر إلا نفسه.