وأما ما ليس بعامل فهو الاستفهام وقد التزم ظهور همزة الاستفهام في البدل من اسم استفهام ، نحو: أين تنزل أفي الدار أم في الحائط ، ومن ذا أسعيد أم علي. وهذا العيد الذي ذكر في هذه الآية غير معروف عند النصارى ولكنهم ذكروا أن عيسى عليه السلام أكل مع الحواريين على مائدة ليلة عيد الفصح ، وهي الليلة التي يعتقدون أنه صلب من صباحها. فلعل معنى كونها عيدا أنها صيرت يوم الفصح عيدا في المسيحية كما كان عيدا في اليهودية ، فيكون ذلك قد صار عيدا باختلاف الاعتبار وإن كان اليوم واحدا لأن المسيحيين وفقوا لأعياد اليهود مناسبات أخرى لائقة بالمسيحية إعفاء على آثار اليهودية. [ ص: 111] وجملة قال الله إني منزلها جواب دعاء عيسى ، فلذلك فصلت على طريقة المحاورة. وأكد الخبر بـ ( إن) تحقيقا للوعد. والمعنى إني منزلها عليكم الآن ، فهو استجابة وليس بوعد. وقوله: فمن يكفر تفريع عن إجابة رغبتهم ، وتحذير لهم من الوقوع في الكفر بعد الإيمان إعلاما بأهمية الإيمان عند الله تعالى ، فجعل جزاء إجابته إياهم أن لا يعودوا إلى الكفر فإن عادوا عذبوا عذابا أشد من عذاب سائر الكفار لأنهم تعاضد لديهم دليل العقل والحس فلم يبق لهم عذر. إسلام ويب - التحرير والتنوير - سورة المائدة - قوله تعالى قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا - الجزء رقم7. والضمير المنصوب في قوله لا أعذبه ضمير المصدر ، فهو في موضع المفعول المطلق وليس مفعولا به ، أي لا أعذب أحدا من العالمين ذلك العذاب ، أي مثل ذلك العذاب.
شاهد أيضًا: لماذا قال عز وجل في سورة يوسف امرأة العزيز ولم يقل زوجة العزيز لماذا سميت سورة المائدة بهذا الاسم سميت سورة المائدة بهذا الاسم، لأنها تحتوي على قصة المائدة، التي طلب سيدنا عيسى عليه السلام من الله عز وجل أن ينزلها إلى قومه، بعد أن طلب منه تلاميذه الحواريين وأصحابه أن يقوم بذلك، حتى تكون برهان على صدق دعوته وصدقه، وفي ذات الوقت ليكون هذا الحدث عيدًا لهم، وهي تُدعى كذلك بسورة العقود أو سورة المنقذة، وفي آيات هذه السورة، يتبين لنا عظيم لطف رب العالمين بعباده المؤمنين، وشدة عذابه للمنافقين والكافرين.
كما جعل الله تعالى أعياد المسلمين ومناسكهم مذكرا لآياته، ومنبها على سنن المرسلين وطرقهم القويمة، وفضله وإحسانه عليهم. { وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ} أي: اجعلها لنا رزقا، فسأل عيسى عليه السلام نزولها وأن تكون لهاتين المصلحتين، مصلحة الدين بأن تكون آية باقية، ومصلحة الدنيا، وهي أن تكون رزقا.
وقال سلمان الفارسي: يعنى يوما نصلى فيه. وقال سلمان الفارسي: تكون عظة لنا ولمن بعدنا. وقوله: وَآيَةً مِنْكَ معطوف على قوله عِيداً. أى: تكون هذه المائدة النازلة من السماء عيدا لأولنا وآخرنا، وتكون أيضا- دليلا- وعلامة منك- سبحانك- على صحة نبوتي ورسالتي، فيصدقونى فيما أبلغه عنك، ويزداد يقينهم بكمال قدرتك. ربنا أنزل علينا مائدة من السماء. وقوله: وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ تذييل بمثابة التعليل لما قبله. أى: أنزلها علينا يا ربنا وأرزقنا من عندك رزقا هنيئا رغدا، فإنك أنت خير الرازقين، وخير المعطين، وكل عطاء من سواك لا يغنى ولا يشبع. وقد جمع عيسى في دعائه بين لفظي «اللهم وربنا» إظهارا لنهاية التضرع وشدة الخضوع، حتى يكون تضرعه أهلا للقبول والإجابة. وعبر عن مجيء المائدة بالإنزال من السماء للإشارة إلى أنها هبة رفيعة، ونعمة شريفة، آتية من مكان عال مرتفع في الحس والمعنى، فيجب أن تقابل بالشكر لواهبها- عز وجل- وبتمام الخضوع والإخلاص له. وقوله تَكُونُ لَنا عِيداً صفة ثانية لمائدة، وقوله لَنا خبر كان وقوله عِيداً حال من الضمير في الظرف. قال الفخر الرازي: تأمل في هذا الترتيب، فإن الحواريين لما سألوا المائدة ذكروا في طلبها أغراضا، فقدموا ذكر الأكل فقالوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وأخروا الأغراض الدينية الروحانية.
وإنكم معشر العرب ، كنتم تتبعون أذناب الإبل والشاء ، فبعث الله فيكم رسولا من أنفسكم ، تعرفون حسبه ونسبه ، وأخبركم على لسان نبيكم أنكم ستظهرون على العرب ، ونهاكم أن تكنزوا الذهب والفضة. وايم الله. لا يذهب الليل والنهار حتى تكنزوهما ، ويعذبكم عذابا أليما. 13012 - حدثنا الحسن بن قزعة البصري قال: حدثنا سفيان بن حبيب قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن عمار بن ياسر [ ص: 229] قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نزلت المائدة خبزا ولحما ، وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا ولا يرفعوا لغد ، فخانوا وادخروا ورفعوا ، فمسخوا قردة وخنازير. 13013 - حدثني محمد بن عبد الله بن بزيع قال: حدثنا يوسف بن خالد قال: حدثنا نافع بن مالك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في المائدة قال: كانت طعاما ينزل عليهم من السماء حيثما نزلوا. وقال آخرون: كانت المائدة تنزل وعليها ثمر من ثمار الجنة. 13014 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس بن عمرو ، عن عمار قال: نزلت المائدة وعليها ثمر من ثمر الجنة ، فأمروا أن لا يخبئوا ولا يخونوا ولا يدخروا ، قال: فخان القوم وخبئوا وادخروا ، فحولهم الله قردة وخنازير.
* (أَنْزِلْ) لا داعي للتأكيد، فقط دعاء عيسى بالإنزال ــــ ˮمختصر لمسات بيانية" ☍... آية (114): * هل البَدَل يفيد التوكيد؟(د. فاضل السامرائى) للبدل عدة أغراض منها:للإيضاح والتبيين أو يكون للمدح أو الذمّ أو يكون للتخصيص أو يكون التفصيل أوقد يكون للتفخيم أوقد يكون للإحاطة والشمول كما في قوله (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ (114) المائدة) وقد يكون للتوكيد أيضاً أو الاشتمال وغيره ــــ ˮفاضل السامرائي" ☍... (وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) سؤال عيسى ابن مريم خير من سؤالهم. (في المطبوع6/ 3464) ــــ ˮمحمد متولي الشعراوي" ☍... سؤال: يرد في القرآن الكريم ذكر المسيح, والمسيح ابن مريم, والمسيح عيسي ابن مريم. كما يرد ذكر عيسي ابن مريم أو ابن مريم من دون ذكر المسيح. فما الفرق ؟ الجواب: 1- كل ما ورد فيه ذكر ( المسيح) إنما هو في مقام تصحيح العقيدة, أو في مقام المدح والثناء عليه. وليس في سياق ذكر الرسالة أو إيتائه البينات أو التكليف.
وهي في مقام الثناء عليه, وتصحيح العقيدة. 2- لم يذكر ( ابن مريم) في مقام التكليف وإيتائه البينات, وإنما في مقام الثناء عليه. قال تعالي: { وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} [ المؤمنون: 50]. وقال: { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ [57] وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ [58] إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ} [ الزخرف: 57 – 59]. وهو كما تري في مقام الثناء عليه. 3- أما ذكر ( عيسي) فهو عام: أ- يرد في سياق التكليف وإيتائه اليينات, ولم يأت التكليف إلا مع اسمه العلم: ( عيسي). ب- ويرد في سياق الثناء عليه. ت- ولم يرد نداؤه إلا باسمه العلم: ( عيسي). قال تعالي: { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [ البقرة: 87]. وقال: { وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [ البقرة: 253].