ملخص المقال إن من أهداف الزواج استمرارية الخلافة وأعمار الأرض وهذا لا يكون إلا في ظل الأسرة التي هي أول لبنة في بناء المجتمع والأسرة تبدأ من اجتماع كل من الرجل توقفنا في مقالة سابقة عند حقيقة هامة وهي أن الخلافة والعمارة هي من أهداف خلق الله للإنسان وهي أيضًا من أهداف الزواج واليوم نتعرف على المعنى الحقيقي للخلافة كما ذكر في كتاب الله إني جاعل في الأرض خليفة: وهنا نتوقف عند معنى الخلافة التي أرادها الله عندما قال في سورة البقرة: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة} [البقرة: 30].
ولعل هذا أنجز لأهل القصص من خرافات الفرس أو اليونان فإن الفرس زعموا أنه كان قبل الإنسان في الأرض جنس اسمه الطَّم والرَّم ، وكان اليونان يعتقدون أن الأرض كانت معمورة بمخلوقات تدعى التِيتَان وأن زفس وهو المشتري كبير الأرباب في اعتقادهم جلاهم من الأرض لفسادهم.
وتخصيص اسم الزمان دون اسم المكان لأن الناس تعارفوا إسناد الحوادث التاريخية والقصص إلى أزمان وقوعها. " ثالثاً: تحقيق معنى (خليفة) في الآية "والخليفة في الأصل الذي يخلف غيره أو يكون بدلاً عنه في عمل يعمله ، فهو فعيل بمعنى فاعل والتاء فيه للمبالغة في الوصف كالعَلاَّمة.
يقول الأستاذ/ سيد قطب: الإنسان في عرف الإسلام هو الخليفة في الأرض، قال تعالى: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]. خلق ليعبد الله: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] والعبادة تشمل كل نشاط الإنسان في الأرض: { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 162]. قال اني جاعل في الارض خليفة. ومن بين العبادة المطلوبة هو عمارة الأرض { هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} [هود: 61]. ومن بينها السعي في الأرض وابتغاء فضل الله { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا} [الملك: 15]. وخلافه الله في أرضه إنما تكون بعمارتها وصناعة النهضة والحضارة فيها، ولكنها الحضارة الموصولة بالله تعالى، والتي ينشئها الإنسان في تعبيد الناس لرب العالمين، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يبين لنا هذا المفهوم العظيم، ويعقد الصلة بين الدنيا والآخرة، فيقول صلى الله عليه وسلم: « إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها، فليغرسها ».