أ. د. محمد خازر المجالي هي الحقيقة التي نواجهها في حياتنا بشكل عام، والعلمية الأكاديمية بشكل خاص؛ فالنص، مثلا، لا لبس فيه ولا تعقيد ولا يدل دلالات بعيدة، لكنه الفهم المعوج السقيم الذي قاد إلى الانحراف والخطأ. أبو الطيب المتنبي - وكم من عائب قولا صحيحا .. وآفته من الفهم السقيم ، ولكن... - حكم. فالمتّهم هو الفهم لا النص، سواء كان النص وحيا أو أي نص أو قول. يمكنني القول إن أدلة معظم الفرق الإسلامية عبر التاريخ هي من القرآن والسُنّة. لكن، هل دل القرآن والسُنّة على رأيها؟ كلهم يأتون بنصوص قرآنية دليلا لمعتقدهم، ولكن هيهات، فهو الفهم السقيم الذي قادهم للاستدلال الخطأ؛ وهو توظيف النصوص بطريقة تجعلها تابعة، والأصل أن تكون متبوعة؛ وهو ليّ أعناق النصوص لتكون موافقة للرأي. وهذه مؤامرة على النص واضحة، فلا يجوز أن آتي بأفهام مسبقة وأسقط النص عليها ليخدمها، بل النص هو الأصل. لقد بين المفسرون والمحدِّثون قواعد الفهم لنص الوحي؛ فلا يُفهَم القرآن بغير لغته وبغير أساليب العرب في لغتهم؛ ولا بد من الأخذ بمفهوم السياق، ولا بد من ربط الآية أو الآيات بمجموع السياق بل السورة؛ ولا بد من أخذ المعنى من ظاهر النص إلا إن كانت هناك قرينة تصرفه عن ظاهره. ولا يمنع هذا من الغوص في معان أخرى غير الظاهرة، لكن شريطة أن تحتملها اللغة وأن تكون متفقة مع أصول الدين عموما، ولا نحمِّل النص ما لا يحتمل.
موقع مـداد علمي شرعي ثقافي غير متابع للأخبار و المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
ومن الحكمة هنا ضبطُ النفس والانتظار وترك ديمة الاعتراض، وقد قال المتنبي أيضًا في نفس القصيدة: وكلُّ شَجاعَةٍ في المَرْءِ تُغني... ولا مِثلَ الشّجاعَةِ في الحَكيمِ...! ٨- الشغفُ بالزلات: وجمعها والعناية بها، لدرجة أنه لا يطالع سواها، ولا يسود الأوراق إلا من أجلها، حتى يبيت مُغرما ومغرىً بها، والله المستعان. ويتعمدون تجاهلَ المحاسن والإفادات والمباهج، وفيهم يقول الإمامُ الشعبي رحمه الله تعالى: "والله لو أصبتُ تسعاً وتسعين مرة، وأخطأت مرة، لعدّوا عليّ تلك الواحدة". فيبدأ أولا بزلات المقالات والتغريدات، إلى أن يتابع العلماء وكتبهم وفتاويهم، فيتتبع، ويراجع ويتعقب، ثم تتضخم هذه النائبةُ معه حتى تصبح معضلةً في قلبه وتفكيره..! ٩- التوجه الإقصائي: الضائقُ من كل مذهبٍ ومسلك دون مسلكه، فيهوَى النقد والتعقب، لأنّ طبيعته الإقصاء والاستفراد والاستبداد..! فلا حق إلا ملكُه، ولا نور إلا كلامه، ولا علمَ إلا علمُه وتحقيقه...! على ديدن المنهج الفرعوني الصارم المتجهم ( ما أريكم إلا ما أرى، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) سورة غافر. ومنه: انعدامُ الإنصاف بين أهل الفرق والمذاهب وعنايتهم بحقائق شيوخهم، وطرح أقوال مخالفيهم، وهذا خلاف قواعد الإسلام وقيمه، وفِي القرآن: (ولا يَجرِمنّكم شنآنُ قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى) [سورة المائدة].