اهـ. وأخرجه البيهقي في (الاعتقاد) وبيَّن هذه الألفاظ كلها، وبوب عليه: (باب طاعة الولاة، ولزوم الجماعة، وإنكار المنكر بلسانه، أو كراهيته بقلبه، والصبر على ما يصيبه من سلطانه). ويستفاد مما سبق، أن الإنكار بالقلب أصل لازم، ثم يصحبه الإنكار باللسان، بحسب الحال والمآل، فهو مشروع في الجملة، ولكن ينبغي النظر في كيفيته وآثاره. قال ابن الملقن في (التوضيح): إن قلت: الإنكار على الأمراء في العلانية من السنة؛ لما روى سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن طارق بن شهاب أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الجهاد أفضل؟ قال: "كلمة حق عند سلطان جائر". قلت: اختلف السلف في تأويله ـ كما قال الطبري ـ فقيل: إنه محمول على ما إذا أمن على نفسه القتل، أو أن يلحقه من البلاء ما لا قبل له به، وهو مذهب أسامة بن زيد، وروي عن ابن مسعود، وابن عباس، وحذيفة. وروي عن مطرف بن الشخير أنه قال: والله لو لم يكن لي دين، حتى أقوم إلى رجل معه ألف سيف، فأنبذ إليه كلمة؛ فيقتلني، إن ديني إذا لضيق. حل درس الأمر بالنعروف والنهي عن المنكر حديث 1 - حلول. وقيل: الواجب على من رأى منكرا من ذي سلطان، أن ينكره علانية، وكيف أمكنه، روي ذلك عن عمر، وأبي، واحتجوا بقوله عليه السلام: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده... الحديث.
(سورة آل عمران الآية 104). وتارك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اختياراً شريك للعصاة، والرضا بالكفر كفر، فلو عصى الله بالمشرق وأنت بالمغرب وجب عليك الإنكار بإحدى مراتبه إن استطعت. قال صلى الله عليه وآله وسلم: بعد أن ذكر لعن بني إسرائيل، إذ كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه: كلا والله لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم (رواه أبو داود) قوله: لتأطرنه: أي لتعطفنه ولتقصرنه: لتحبسنه. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فلبسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (رواه مسلم). والمنكر كل حرام مجمع على تحريمه، كالخمر، وأذية المسلم، وغير ذلك، وإذا خاف الضرر على نفسه إن أنكر فلا يجب، لكن الأفضل له الإنكار ويبيع نفسه إلى الله. قال صلى الله عليه وآله وسلم: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر (رواه أحمد). الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - YouTube. وقال صلى الله عليه وآله وسلم: سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب. ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله. (رواه الحاكم). ولا يجوز للإنسان أن يحضر عند أهل المنكر مطلقاً.
نقل الإمام النووي –رحمه الله- تعالى في كتابه رياض الصالحين في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن حذيفة رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُوْنَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ». رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن». الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد.. شؤم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: هذا الحديث حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه فيه بيان شؤم ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة على تغييره مما يؤذن بحصول العقوبات العامة كما قال تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25] أي لا تخص الذين عصوا الله –عز وجل- وحادوا شرعه وخالفوا أمره. قال –صلى الله عليه وسلم-: «لَتَأْمُرُنَّ بِالمَعْرُوفِ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ» هذا تأكيد للأمر بالمعروف وهو كل ما أمر الله تعالى به ورسوله وتأكيد للنهي عن المنكر وهو كل ما نهى عنه الله تعالى ورسوله.
انتهى. فتبين أن التغيير باليد واللسان يكون على قدر المستطاع، وأما إنكار القلب فيجب على كل أحد، ولا يسقط وجوبه بحال؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: مَنْ رَأَى مِنكُم مُنْكَراً فَليُغيِّرهُ بيدِهِ، فإنْ لَمْ يَستَطِعْ فبِلسَانِهِ، فإنْ لَمْ يَستَطِعْ فَبِقلْبِهِ، وذلك أَضْعَفُ الإيمانِ. رواهُ مُسلمٌ. ومن الأمور التي ينبغي على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر مراعاتها: العلم والرفق والحلم. قال شيخ الإسلام: وينبغي لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر أن يكون فقيها قبل الأمر، رفيقا عند الأمر؛ ليسلك أقرب الطرق في تحصيله، حليما بعد الأمر؛ لأن الغالب أن لا بد أن يصيبه أذى؛ كما قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. انتهى. وقال رحمه الله: فلا بد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور وحال المنهي. انتهى. ومن الأمور التي ينبغي مراعاتها تقدير المصالح والمفاسد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وليس لأحد أن يزيل المنكر بما هو أنكر منه، مثل أن يقوم واحد من الناس يريد أن يقطع يد السارق ويجلد الشارب، ويقيم الحدود؛ لأنه لو فعل ذلك لأفضى إلى الهرج والفساد، لأن كل واحد يضرب غيره ويدعي أنه استحق ذلك، فهذا ينبغي أن يقتصر فيه على ولي الأمر.