فلما تلاها أبو بكر رجع الناس إلى رشدهم، وعرفوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات حقا، وتلك سنة الله تعالى في خلقه: ﴿كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون﴾[2]، ﴿إنك ميت وإنهم ميتون﴾[3]، ﴿وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون، كل نفس ذائقة الموت﴾[4]، ﴿إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون﴾[5]، وكأن هذه الآيات وغيرها لم يتلونها قط من هول المصيبة.
لما أكمل الله الدين وأتم النعمة على المسلمين، أجرى الله على نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ سنته الماضية في خلقه: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} (آل عمران: 185)، فتُوفِّيَّ نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة، وله ثلاث وستون سنة، وقال ابن حجر: " وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الأول، وكاد يكون إجماعاً.. ثم عند ابن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه ". حزن الصحابة لوفاة النبي صلى الله عليه وسلم - موقع مقالات إسلام ويب. وهذا اليوم لم يُرَ في تاريخ الإسلام أظلم منه، فكما كان يوم مولده أسعد وأشرق يوم طلعت عليه الشمس، كان يوم وفاته أشد الأيام وحشة وظلاما ومصابا على المسلمين، بل والبشرية جمعاء، قال أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ: " ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ". وفي رواية أحمد قال أنس: ( لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء، وقال: ما نفضنا عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الأيدي حتى أنكرنا قلوبنا).
المصدر:
قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: " والله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزلها حتى تلاها أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ، فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر إلا يتلوها ". وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - YouTube. وقال عمر: " فوالله لكأني لم أتل هذه الآية قط ". قال ابن رجب: " ولما توفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ اضطرب المسلمون، فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية ". وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: ( أن أبا بكر ـ رضي الله عنه ـ دخل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه، ووضع يديه على صدغيه، وقال: ( وا نبياه، وا خليلاه، وا صفياه ، صدق الله ورسوله { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}(الزمر:30) { وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ}(الأنبياء:34)، { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}(آل عمران: من الآية185)) رواه أحمد. قال عثمان: توفي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فحزن عليه رجال من أصحابه حتى كان بعضهم يوسوس، فكنت ممن حزن عليه، فبينما أنا جالس في أطم من آطام المدينة - وقد بويع أبو بكر ـ إذ مَرَّ بي عمر فسلم عليَّ، فلم أشعر به لِمَا بي من الحزن ".
وفاة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - YouTube
1] – سورة آل عمران، الآية: 144. [2] – سورة العنكبوت، الآية:57. [3] – سورة الزمر، آية: 30. [4] – سورة الأنبياء، آية: 34-35. [5] – سورة نوح، آية:4. [6] – ديوان أبي بكر الصديق ص: 35_43 مع الإحالة في الهامش إلى المصادر فلتنظر. [7] – المعجم الكبير للطبراني (24 /320-321). [8] – ديوان حسان بن ثابت (1 /269-270). التفريغ النصي - وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم - للشيخ أحمد القطان. [9] – إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لابن عساكر (ص: 172). [10] – سورة القصص، آية: 88. ************** جريدة المراجع إتحاف الزائر وإطراف المقيم للسائر في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر الدمشقي، تحقيق: حسين محمد علي شكري، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى: 1417. إتحاف ذوي التشوف والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه لعبد الحفيظ (محمد الحفيد) بن عبد الصمد كنون الإدريسي، اعتناء: عبد الصمد العشاب، محمد عبد الحفيظ كنون، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة، المغرب، ابتداء من: 1421 /2000. إكمال المعلم بفوائد مسلم لأبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي السبتي، تحقيق: يحيى إسماعيل، دار الوفاء، مصر، الطبعة الأولى: 1426 /2005.