ثم ذكر ما فيها من الأقوات الضرورية، فقال: { { فِيهَا فَاكِهَةٌ}} وهي جميع الأشجار التي تثمر الثمرات التي يتفكه بها العباد، من العنب والتين والرمان والتفاح، وغير ذلك، { { وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ}} أي: ذات الوعاء الذي ينفلق عن القنوان التي تخرج شيئا فشيئا حتى تتم، فتكون قوتا يؤكل ويدخر، يتزود منه المقيم والمسافر، وفاكهة لذيذة من أحسن الفواكه. { { وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ}} أي: ذو الساق الذي يداس، فينتفع بتبنه للأنعام وغيرها، ويدخل في ذلك حب البر والشعير والذرة والأرز والدخن، وغير ذلك، { { وَالرَّيْحَانُ}} يحتمل أن المراد بذلك جميع الأرزاق التي يأكلها الآدميون، فيكون هذا من باب عطف العام على الخاص، ويكون الله قد امتن على عباده بالقوت والرزق، عموما وخصوصا، ويحتمل أن المراد بالريحان، الريحان المعروف، وأن الله امتن على عباده بما يسره في الأرض من أنواع الروائح الطيبة، والمشام الفاخرة، التي تسر الأرواح، وتنشرح لها النفوس. ولما ذكر جملة كثيرة من نعمه التي تشاهد بالأبصار والبصائر، وكان الخطاب للثقلين، الإنس والجن، قررهم تعالى بنعمه، فقال: { { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}} أي: فبأي نعم الله الدينية والدنيوية تكذبان؟ وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة، فما مر بقوله: { { فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}} إلا قالوا ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فلك الحمد، فهذا الذي ينبغي للعبد إذا تليت عليه نعم الله وآلاؤه، أن يقر بها ويشكر، ويحمد الله عليها.
قال تعالى:"وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ﴿٦٨﴾ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿٦٩﴾" (سورة النحل) و مما يجدر ذكره أن عند إكتمال تلقيح النبات بهذه الطريقه فإنه يوقف إصدار الريحان, حتى يوجه الحشرات التي تحمل حبوب اللقاح إلى نباتات لم تلقح بعد. و قد أوردت اللينكات أدناه لمقالات تتحدث عن ألية التكاثر في النباتات: بعد أن وضحت مفهوم الحب ذو العصف و الريحان من تفصيل القراءن لنتدبر الأيه التاليه, و نحاول فهمها فهما ربانيا جديدا; قال تعالى:"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ﴿١﴾ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ ﴿٢﴾ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴿٣﴾ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴿٤﴾ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ﴿٥﴾" (سورة الفيل) من هنا المقصود ب ا لعصف المأكول!!! بعد أن وضحت مفهوم العصف في القراءن, يتضح لنا أن الله يصف لنا منظر الحجاره التي قذف بها أصحاب الفيل من قبل الطير الأبابيل.
أن تكون ريح طيبه تجري في إتجاه محدد, و في تلك الحاله يكون لدينا ريح عاصفه. فنبي الله سليمان قيض الله له ريح عاصفه تدفع فلكه في أي أتجاه محدد يقرره هو. قال تعالى:"فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴿٣٦﴾" (سورة ص) و مفردة " طيبة " في القراءن تعني الشيء محدد المعالم, تأمل قوله:" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ﴿٢٤﴾تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴿٢٥﴾ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ﴿٢٦﴾" (سورة ابراهيم) ب. أن تكون ريح غير طيبه و تجري في إتجاهات عشوائيه, و في تلك الحاله يكون لدينا ريح عاصف; ففي سورة يونس ءايه (٢٢) الوارد ذكرها أعلاه, يصف الله الريح العاصف بأنها ريح غير طيبه و لا تساعد على جريان الفلك وإنما تسبب في غرقها لأنها تأتي بالموج من كل مكان; و بالتالي هي ريح ذات عشوائيه في جريانها. وفي سورة إبراهيم ءاية (١٨)يشبه الله أعمال الكفار بالرماد الذي أشتدت به ريح عاصف فهي متعدده المسارات و ذات جريان عشوائي أدت إلى أستحالة اللحاق و الاستحواذ على أي جزء منه, لاحظ قوله "لَّا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَىٰ شَيْءٍ".