ثم يسأل الله تعالى صلاح الأمور والأحوال ، فيقول: أصلح لي شأني كله أي: جميع أمري: في بيتي ، وأهلي ، وجيراني ، وأصحابي ، وعملي ، ودراستي ، وفي نفسي ، وقلبي ، وصحتي... أذكار الصباح والمساء. في كل شيء يتعلق بي ، اجعل يا رب الصلاح والعافية حظي ونصيبي. وذلك كله من فضل الله سبحانه وتعالى ، وليس باستحقاق العبد ولا بجاهه ، ولذلك جاء ختم الدعاء بالاعتراف بالفقر التام إليه سبحانه ، والاستسلام الكامل لغناه عز وجل ، فيقول: ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين: أي لا تتركني لضعفي وعجزي لحظة واحدة ، بل أصحبني العافية دائما ، وأعني بقوتك وقدرتك ، فإن من توكل على الله كفاه ، ومن استعان بالله أعانه ، والعبد لا غنى به عن الله طرفة عين. يقول ابن القيم رحمه الله: " مِن ههنا خذل مَن خُذل ، ووُفِّقَ مَن وُفق ، فحجب المخذول عن حقيقته ، ونسي نفسه ، فنسي فقره وحاجته وضرورته إلى ربه ، فطغى وعتا ، فحقت عليه الشقوة ، قال تعالى: كلا إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى وقال: فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى فأكمل الخلق أكملهم عبودية ، وأعظمهم شهودا لفقره وضرورته وحاجته إلى ربه ، وعدم استغنائه عنه طرفة عين.
فلا تكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ لا تتركني فأضيع، ولا تتركني طرفةَ عينٍ، يعني: لحظة، لا تُفوِّض أمري إلى نفسي قدر ما يتحرك البصر: طرفة عين ، وهذا يُعبّر به عن الزمان والوقت القليل جدًّا، فإنَّ العبدَ إذا وُكِلَ إلى نفسه ضاع. ولاحظوا هنا أنَّه يُعلن عجزه، وأنَّ نفسَه لا تقدر على قضاء مطالبه وحوائجه، وعقَّب ذلك بالفاء: فلا تكلني ، فهذه الفاء تدلّ على ترتيب ما بعدها على ما قبلها، يعني: كأنَّه يقول: أنا لا أتوجّه طالبًا الرحمة من أحدٍ سواك: فلا تكلني إذًا لا تكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ فأضيع، إلى مَن أتوجّه؟ أنا مُتوجّه إليك وحدك، وأطلب رحمتَك، وبناءً عليه: لا تكلني إلى نفسي طرفةَ عينٍ. وهذا يلزم منه التَّفويض الكامل؛ تفويض جميع الأمور إلى الله -تبارك وتعالى-، كأنَّه يقول: فإذا فوضتُ أمري إليك فلا تكلني إلى نفسي؛ لأني لا أدري ما صلاح أمري، وما فساده، ربما زاولتُ أمرًا، واعتقدتُ أنَّ صلاح أمري في ذلك، فانقلب ضرًّا وفسادًا، وكانت عاقبتُه وخيمةً، وكذلك العجز: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [البقرة:216].
98- " اللهم صل وسلم على نبينا محمد " (عشر مرات) [35] 1 - عن أنس يرفعه " لأن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من صلاة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة من ولد إسماعيل ، ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربعة " أبو داود برقم 3667، وحسنه الألباني ، صحيح أبو داود 2/ 698 2 - سورة البقرة ، آية 255 من قالها حين يمسي أجير منهم حتى يصبح أخرجه الحاكم 1/ 562وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 1/ 273 وعزاه إلى النسائي والطبراني وقال: وإسناد الطبراني جيد 3 - من قالها ثلاث مرات حين يصبح وحين يمسي كفته من كل شيء. أبو داود 4/ 322 والترمذي 5/ 567وانظر صحيح الترمذي 3/ 182 4 - وإذا أمسى قال: أمسينا وأمسى الملك لله 5 - وإذا أمسى قال: ربِّ أسألك خير ما في هذه الليلة وخير ما بعدها وأعوذ بك من شر ما في هذه الليلة وشر ما بعدها 6 - مسلم 4/ 2088 7 - وإذا أمسى قال: "اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير". 8 - الترمذي 5/ 466 وانظر صحيح الترمذي 3/ 142 9 - أقر وأعترف 10 - من قالها موقناً بها حين يمسي فمات من ليلته دخل الجنة ، وكذلك إذا أصبح أخرجه البخاري 7/150 11 - وإذا أمسى قال: اللهم إني أمسيت 12 - من قالها حين يصبح وحين يمسي أربع مرات أعتقه الله من النار.
حكمة بالغة- بـ: عظة وعبرة. حكمة بالغة: ﴿(حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ)﴾[سورة القمر، الآية:5]. الحكمة: (﴿يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ)﴾[سورة البقرة، الآية:129]. واللفظ في 151/ 231/ 251/ 269/ مكرر/ البقرة أيضا، و48/ 164/ آل عمران، و54/ 113/ النساء، و110/ المائدة، 125/ النحل، و34/ الأحزاب، و20/ ص، و63/ الزخرف، و2/ الجمعة"[7]. وأن الله تعالى أمر بالحكمة فقال: ﴿(ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾)[سورة النحل، الآية:125]. وقد اختلف المفسرون في تحديد معنى الحكمة في القرآن الكريم كما ذكر ابن كثير في تفسيره، في قوله تعالى: (﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ﴾)[سورة البقرة، الآية:269]. معنى كلمة الحكمة - ووردز. "قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله. وروى عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا (الحكمة القرآن). وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: يعني بالحكمة الإصابة في القول. وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد (﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ)﴾ ليست بالنبوة ولكنه العلم والفقه والقرآن.
فالحكمة إذن عامة لكل الناس الذين يحسنون ترتيب المبادئ الذهنية والاجتهادات العقلية، وفي ذلك قوله تعالى في حق لقمان: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ﴾، فلقمان لم يكن نبيا وإنما كان رجلا حكيما وقد خلد الله كلامه في القرآن في وصاياه العشر لابنه وهو يعظه. ص8 - كتاب الحكمة - معنى الحكمة - المكتبة الشاملة. ومن ذلك أيضا قوله تعالى عن الحكمة: (﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ، وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا، وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾). فالحكمة هي هبة إلهية للإنسان. ومن هنا نفهم أن العلم بالقرآن لا يحصل إلا بالحكمة التي تتحصل عن طريق التدبر والتفكر واستعمال العقل، وكذلك نخلص إلى أن القرآن الكريم كتاب يجعل من العقل أداة لفهمه وليس كما يدعي الجاهلون أن لا دخل للعقل في الحكم على النقل، وسمى المسلمون الأوائل الفلسفة بالحكمة إذ اعتبروا أن الفلسفة هي نشاط عقلي وترتيب ذهني ينتج عنه الحكم الصحيح لوضع الأشياء في موضعها المناسب، و(الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق الناس بها) كما في الأثر المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد "أطلِق لفظ الحكمة عند اليونانيين على العلم، ثم أطلق على إحدى الفضائل الأصلية، وهي: الحكمة، والشجاعة، والعفة، والعدالة، ثم أطلق بعد ذلك على العلم مع العمل"[18]، و"الحكمة أيضا هي الفلسفة، أي معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم"[19] وكذلك "قيل: الحكمة معرفة الحقائق على ما هي عليه بقدر الاستطاعة، وهي العلم النافع المعبر عنه بمعرفة ما للإنسان وما عليه، أو هي معرفة الحق لذاته، ومعرفة الخير لأجل العمل به"[20]، فالحكمة بهذا تكون هي إصابة الحقيقة، وكل ما يفيد العلم والعمل به.
الإنسان الحكيم لديه قدرة على التعامل مع مُختلف الأشخاص، كما ويستطيع فهم الشخصيات المختلفة من خلال التعامل معها. يبتعد الشخص الحكيم عن إصدار الأحكام على الأشخاص من مجرَّد رؤيتهم لأول مرة، بل يكوِّن عنهم صور واضحة وصحيحة من خلال التعامل المستمر معهم، وعادةً ما تكون أحكامه دقيقة بما يخُصّ الاَخرين. غالبًا ما تكون العلاقات التي يكوّنها الشخص الحكيم مع من حوله علاقات سليمة بعيدةً عن المشاكل؛ لأنه لديه قدرة على انتقاء الأشخاص المناسبين، كما أنه يتجنَّب دائمًا الشخصيات التي لا تناسبه بطرق ذكية.
والحكمة المسكوت عنها عند الصوفية هي أسرار لا يمكن التحدّث بها مع أيّ كان. والحكمة المجهولة عندهم تلك التي هي مستورة بغير الحكمة كما في ألم بعض الناس وحياة بعضهم وموت الأطفال وبقاء الهرمين والخلود في الجنة أو النار كذا نقل عن الشيخ عبد الرزاق الكاشي. التعريفات الفقهيّة الحِكمة: في الأصل هي إتقان الفعل والقول وإحكامُهما. معجم مقاليد العلوم الحكمةُ: اعْتِدَال الْقُوَّة النطقية. التوقيف على مهمات التعاريف الحكمة: إصابة الحق بالعلم والعمل، فالحكمة من الله معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات بها، والحكم أعم من الحكمة، فكل حكمة حكم ولا عكس، فإن الحكم له أن يقضي على شيء بشيء فيقول: هو كذا أو ليس بكذا، ومنه حديث "إن من الشعر لحكما" أي قضية صادقة، كذا قرره الراغب. وقال ابن الكمال: الحكمة علم يبحث فيه عن حقائق الأشياء على ما هي عليه في الوجود بقدر الطاقة البشرية فهي علم نظري غير آلي ويقال الحكمة أيضًا هيئة القوة العقلية العلمية.
انظر أيضا: من معاني الحِكْمَة. الترغيب في الحِكْمَة. أقوال السَّلف وأهل العلم في الحِكْمَة. فوائد الحِكْمَة.