وقوله: { كما أنزلنا على المقتسمين} أي: كما أنزلنا العقوبة على المقتسمين على بطلان ما جئت به، الساعين لصد الناس عن سبيل الله. { الذين جعلوا القرآن عضين} أي: أصنافا وأعضاء وأجزاء، يصرفونه بحسب ما يهوونه، فمنهم من يقول: سحر ومنهم من يقول: كهانة ومنهم من يقول: مفترى إلى غير ذلك من أقوال الكفرة المكذبين به، الذين جعلوا قدحهم فيه ليصدوا الناس عن الهدى. وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح . [ الحجر: 85]. { فوربك لنسألنهم أجمعين} أي: جميع من قدح فيه وعابه وحرفه وبدله { عما كانوا يعملون} وفي هذا أعظم ترهيب وزجر لهم عن الإقامة على ما كانوا عليه ثم أمر الله رسوله ان لا يبالي بهم ولا بغيرهم وأن يصدع بما أمر الله ويعلن بذلك لكل أحد ولا يعوقنه عن أمره عائق ولا تصده أقوال المتهوكين، { وأعرض عن المشركين} أي: لا تبال بهم واترك مشاتمتهم ومسابتهم مقبلا على شأنك، { إنا كفيناك المستهزئين} بك وبما جئت به وهذا وعد من الله لرسوله، أن لا يضره المستهزئون، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة. وقد فعل تعالى فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به إلا أهلكه الله وقتله شر قتلة. ثم ذكر وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله، فإنهم أيضا يؤذون الله ويجعلون معه { إلها آخر} وهو ربهم وخالقهم ومدبرهم { فسوف يعلمون} غب أفعالهم إذا وردوا القيامة، { ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} لك من التكذيب والاستهزاء، فنحن قادرون على استئصالهم بالعذاب، والتعجيل لهم بما يستحقون، ولكن الله يمهلهم ولا يهملهم.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم اللهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنا مُحَمَّدِ الوَصْفِ وَالْوَحْي وَاٌلرِّسالَةِ وَالْحِكْمَةِ وَعَلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيماً العفو في القرآن العظيم قد يأتي بمعنى الترك (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) (15 المائدة)، (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير) (30 الشورى). وهذا المعنى للعفو ورد أيضاً في الآية الكريمة (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (من 22 النور).
[٥] [٦] ومن المصطلحات الأخرى المُرادِفة للعفو ما يأتي: [٧] الغُفران: وهو إسقاط العقاب، وإيجاب الثواب، ولا يستحقُّ الغفرانَ سوى المُؤمِن الذي يستحقُّ الثواب؛ لذلك لفظ الغفران نادراً ما يُستخدَم إلّا في حقِّ الله تعالى، فيُقال: غفر الله لك، ونادراً ما يُقال: غفر فُلان لك، أمّا العفو بما أنّه يتمّ إسقاط اللوم به، ولا يقتضي إيجاب الثواب، فإنّه يُستعمَل للعباد، فإذا قِيل: عفا فلان عنك، فلا يجب عليه إثابتك على ذلك. الذلّ: إنّ الذلّ أمر مذموم، وهو تَرْك الانتقام عَجْزاً، وخَوْفاً، ويُمكِن القول إنّ المُنتقِم في الحقّ أفضل حالاً ممّن يترك حقَّه خوفاً ومهانة، والذلّ مُخالِف للعفو؛ فالعفو تَرْك الانتقام مع القُدرة عليه، وينبُع من جُود النفس وكَرَمِها، وهو من مكارم الأخلاق. تعريف الصَفْح الصَّفح: هو مصدر الفعل صَفَحَ، فيُقال: صَفَحَ عنه يَصْفَح صَفْحًا: أي أنّه أعرض عن ذنبه، والصَّفوح: هو الكريم؛ فهو يصفح عمن أساء إليه، وقد ورد عن بعض أهل العِلم أنّ الصَّفح اشتُّق من صَفْحة العُنق؛ حيث إنّ الذي يصفح كأنّه يُولي بصفحة العنق، ويُعرِض عن إساءة الغير، ويُقال: استَصفَحَ زيدٌ فلاناً؛ بمعنى طلب منه الصَّفح عنه، واستصفحه ذنْبَه: أي طلب منه مَغفِرته له، أو استغفره إياه، والصفح اصطِلاحاً: هو تَرْك التأنيب، وإزالة أثر الذَّنْب من النفس بشكل كامل.
وقوله ( وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وإن الساعة، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة لجائية، فارض بها لمشركي قومك الذين كذّبوك ، وردّوا عليك ما جئتهم به من الحقّ ، ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) يقول: فأعرض عنهم إعراضا جميلا واعف عنهم عفوًا حسنا وقوله ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ) يقول تعالى ذكره: إن ربك هو الذي خلقهم وخلق كلّ شيء، وهو عالم بهم وبتدبيرهم ، وما يأتون من الأفعال ، وكان جماعة من أهل التأويل تقول: هذه الآية منسوخة. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) ثم نسخ ذلك بعد، فأمره الله تعالى ذكره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، لا يقبل منهم غيره. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك ، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) ، فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ و قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ وهذا النحوُ كله في القرآن أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكون ذلك منه، حتى أمره بالقتال، فنسخ ذلك كله.
أمرَ اللهُ تعالى رسولَه الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يلزمَ الصفحَ فيعتمدَه منهاجاً في التعاملِ مع "الآخر" لا يحيدَ عنه أبداً: 1- (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (من 85 الحجر). 2- (فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (من 89 الزخرف). 3- (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (من 13 المائدة). فاصفح الصفح الجميل سورة الحجر. ولقد حبَّب اللهُ تعالى إلى عباده المؤمنين الصفحَ، وذلك بقوله لهم: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (من 22 النور)، (وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (من 14 التغابن). كما وأمرَ اللهُ تعالى عبادَه المؤمنين بملازمةِ الصفح، وذلك من بعد أن حبَّبه إليهم فيما تقدم ذكرُه من آياتٍ كريمة، وذلك بقوله: (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (من 109 البقرة). ولتبيانِ ما للصفحِ من عظيم قَدرٍ عند الله تعالى، فلقد ذَكَّرَ القرآنُ العظيم مُتَلقيه بأن الساعةَ آتيةٌ وأن اللهَ جامعُ الناسِ ليومٍ لا ريب فيه، وأتبَعَ هذا التذكيرَ بذكرِ أمرِ اللهِ تعالى لرسوله الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يصفحَ الصفحَ الجميل: (وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) من 85 الحجر.
الصياغة كانت بسيطة ورائعة، والأجمل فيها أنها عفوية، وهي تتحدث فيها بصيغة الرجل الذي يتحدث ويخرج مكامن مشاعره، ويكشف حقيقة نواياه لحبيبته التي جرحها. ثانياً: "ما لم يخبرني به أبي عن الحياة" كريم الشاذلي مجموعة من الخواطر والملاحظات لكاتبها كريم الشاذلي، والذي يقدم فيها للقارئ أفكاره الخاصة دون تصنيفات محددة، ودون أن يضع لها شروطاً محددة، كل ما فيها أنها تأملات وما حصل عليه من مواعظ في هذه الحياة، وتدبر للكون بأسلوبه الخاص، بالإضافة إلى المواقف التاريخية التي يقدم لها تفسيراً جديداً وعن مفهومه الخاصة لها. كتاب رائع ولطيف، ومسلٍّ سيغير الكثير من مفاهيمك للحياة، وقد تعتبره تجربة خاصة تود الاطلاع عليها. ثالثاً: "مهزلة العقل البشري" الدكتور علي الوردي في هذا الكتاب يطرح الدكتور علي الوردي مشكلة صراع الأجيال، ويرد على كل من هاجم كتابه "وعّاظ السلاطين"، ويحاول أن يوضح صورة الإسلام الحقيقي والأفكار المشرقية التي يجب أن تكون، كما يضع يده على وجع الأمة الإسلامية، وكيف أن صراع الأجيال أو الصراع الفكري الجديد بين ما هو قديم وجديد قد أثر على التطور الحضاري لها. رابعاً: "استمتع بحياتك" لمحمد العريفي يقدم دكتور محمد العريفي فكر الكتاب الشهير فن التعامل مع الناس للمؤلف دايل كارنيجي بوجهة نظر مفكر إسلامي؛ حيث يستبدل بالشخصيات التي قدمها الكاتب الأميركي شخصيات إسلامية ومواقف مشابهة، مستوحياً ذلك من سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وسيرة الصحابة.
دار الوراق مهزلة العقل الديني يا أمة ضحكت 46 ر. س. شامل ضريبة القيمة المضافة رقم الصنف 459836 رقم المنتج 0NA086 المؤلف: حسين علي الجبوري تاريخ النشر: 2015 تصنيف الكتاب: العلوم الاجتماعية والسياسية, الناشر: دار الوراق عدد الصفحات: 208 الصيغة: غلاف ورقي الصيغ المتوفرة: غلاف ورقي سيتم إرسال الطلب الى عنوانك 46 ر. inclusive of VAT لا توجد معارض متاحة
أقرأ المزيد... شارك الكتاب مع اصدقائك