قوله تعالى: والأرض بعد ذلك دحاها أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها في هذه الآية الكريمة وصف الأرض بأن الله تعالى " دحاها " ، وجاء في آية أخرى أنه " طحاها " بالطاء ، وجاء في آية أخرى أنه بسطها ، وهي قوله تعالى: وإلى الأرض كيف سطحت [ 88 \ 20]. وقد اختلف في تفسير قوله: " دحاها " ، فقال ابن كثير: تفسيره ما بعده أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها [ 79 \ 31 - 32] وهذا قول ابن جرير عن ابن عباس. وقال القرطبي: " دحاها " أي: بسطها. والعرب تقول: دحا الشيء إذا بسطه. وقال أبو حيان: " دحاها " بسطها ومهدها للسكنى والاستقرار عليها ، ثم فسر ذلك التمهيد بما لا بد منه من إخراج الماء والمرعى ، وإرسائها بالجبال. [ ص: 423] ومما ذكر يتأتى السكنى والمعيشة حتى الملح والمأكل والمشرب ، وهذا هو كلام الزمخشري بعينه. والارض بعد ذلك دحاها - ملتقى أهل التفسير. وقال الفخر الرازي: " دحاها ": بسطها ، فترى أن جميع المفسرين تقريبا متفقون على أن دحاها بمعنى بسطها. وقول ابن جرير وابن كثير: إن " دحاها " فسر بما بعده لا يتعارض مع البسط والتمهيد ، كما قال أبو حيان: إنه ذكر لوازم التسكن إلى المعيشة عليها من إخراج مائها ومرعاها; لأن بهما قوام الحياة. ومما يستأنس به أن الدحو معروف بمعنى البسط ، قول ابن الرومي: ما أنس لا أنس خبازا مررت به يدحو الرقاقة وشك اللمح بالبصر ما بين رؤيتها في كفه كرة وبين رؤيتها قوراء كالقمر إلا بمقدار ما تنداح دائرة في صفحة الماء ترمي فيه بالحجر وقد أثير حول هذه الآية مبحث شكل الأرض أمبسوطة هي أم كروية مستديرة ؟ وإذا رجعنا إلى أمهات كتب اللغة نجد الآتي: أولا: في مفردات الراغب: قال " دحاها " ، أزالها من موضعها ومقرها.
وقيل: ما يوزن فيه الأثمان لأنه أجل قدرا وأعم نفعا مما لا ثمن له. ﴿ تفسير الطبري ﴾ يعني تعالى ذكره بقوله ( وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا) والأرض دحوناها فبسطناها( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) يقول: وألقينا في ظهورها رَوَاسِي، يعني جبالا ثابتة. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا). وقال في آية أخرى وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا وذُكر لنا أن أمّ القرى مكة، منها دُحيت الأرض ، قوله ( وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) رواسيها: جبالها. تفسير آية وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا. يقول: وألقينا في ظهورها رواسي، يعني جبالا ثابتة، وقد بيَّنا معنى الرسوّ فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادته. وقوله ( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) يقول: وأنبتنا في الأرض من كلّ شيء: يقول: من كلّ شيء مقدّر، وبحدّ معلوم. وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك:حدثنا المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) يقول: معلوم. حدثني محمد بن سعد، قال: ثنا أبي، قال: تني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) يقول: معلوم.
والمقام هنا مقام بيان كمال القدرة فمقتضاه تقديم ما هو أدل انتهى.
﴿ تفسير الوسيط ﴾ ثم انتقلت الآيات الكريمة من الاستدلال على قدرته - تعالى - عن طريق خلق السماء ، إلى الاستدلال على قدرته عن طريق خلق الأرض فقال: ( والأرض بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا). ولفظ " الأرض " منصوب على الاشتغال. واسم الإِشارة " ذلك " يعود إلى خلق السماء وتسويتها ورفعها وإغطاش ليلها.
إعراب آية "وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (30) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (31) وَالْجِبالَ أَرْساها (32) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (33) " من سورة النازعات: (والأرض) الواو استئنافيّة (الأرض) مفعول به لفعل محذوف على الاشتغال يفسّره ما بعده أي دحى. (بعد) ظرف منصوب متعلّق ب (دحى) المقدّر (منها) متعلّق ب (أخرج). (الجبال) مثل الأرض أي أرسى الجبال. (متاعا) مفعول مطلق لفعل محذوف أي متّعكم بذلك متاعا فهو نائب عن المصدر لأنه ملاقيه في الاشتقاق. (لكم) متعلّق ب (متاعا) ومثله لأنعامكم فهو معطوف عليه. جملة: دحى (الأرض) لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: (دحاها) لا محلّ لها تفسيريّة. وجملة: (أخرج) لا محلّ لها استئناف بيانيّ. وجملة: أرسى (الجبال) لا محلّ لها معطوفة على جملة (دحى) الأرض. وجملة: (أرساها) لا محلّ لها تفسيريّة. تفسير معنى الاية الكريمة: سورة النازعات من السور التي نزلت على الرسول في مكة المكرمة. ({والأرض بعد ذلكـ دحـاهـا (30) أخــرج منهـــا مــاءها ومـــرعاهــا}) بالتوثيق العلمى الرائع - منتديات كلمة سواء الدعوية للحوار الإسلامي المسيحي. عدد اياتها 46 أية. سبب نزول السورة هو بيان ان يوم القيامة لا يعلم به الا الله, وان على الرسول تبليع الناس بذلك وتذكيرهم بأهوال يوم القيامة وعظمة ذلك اليوم وان يستعدوا له. وتسمى السورة ايضاً بالساهرة او الطامة, ومعنى النازعات هي الملائكة التي تنتزع الروح.
وذكر بعض أهل العلم أن ((بعد)) في موضع ((مع)) كأنه قال: والأرض مع ذلك دحاها، كما قال تعالى: " عتل بعد ذلك زنيم" [ القلم:13] ومنه قولهم: أنت أحمق وأنت بعد هذا سيء الخلق، قال الشاعر: فقلت لها عني إليك فإنني حرام وإني بعد ذاك لبيب أي مع ذلك لبيب. وقيل: بعد: بمعنى قبل، كقوله تعالى: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر" [ الأنبياء:105] أي من قبل الفرقان، قال أبو خراش الهذلي: حمدت إلهي بعد عروة إذ نحا خراش وبعض الشر أهون من بعض وزعموا أن خراشاً نجا قبل عروة. وقيل: ((دحاها)) حرثها وشقها. قاله ابن زيد. وقيل: دحاها مهدها للأقوات. تفسير والارض بعد ذلك دحاها. والمعنى متقارب. وقراءة العامة ((والأرض)) بالنصب، أي دحا الأرض. وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون ((والأرض)) بالرفع، على الابتداء، لرجوع الهاء. ويقال: دحا يدحوا دحوا ودحى يدحى دحيا، كقولهم: طغى يطغى ويطغو، وطغي يطغى، ومحا يمحو ويمحي، ولحى العود يلحى ويلحو، فمن قال: يدحو قال دحوت ومن قال يدحي قال دحيت.