الخطبة الأولى: إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18]. أيها الناس: هل تأمل أهل الإيمان وهم يقرؤون القرآن مصير الغني المستكبر، والطاغي المتجبَّر، الذي وهبه الله -تعالى- أموالا ومتاجر، وثروات وذخائر، فضن بها وارتفع، وقال: ( قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي) [القصص: 78]؛ أي لولا رضا الله عني ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا المال"! (14) من قوله تعالى {فخرج على قومه في زينته} الآية 78 إلى قوله تعالى {تلك الدار الاخرة} الآية 83 - الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك. وسار في نعمته سيرة الفرح المغرور، والعاتي المخمور، قال تعالى: ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُوْلِي القُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُه لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ) [القصص: 76].
{ويكأنه لا يفلح الكافرون} أي: لا في الدنيا ولا في الآخرة. قال الله تعالى: { تلك الدار الآخرة نجعلها... } ، الآية.
كان هذا الغني المتجبر هو قارون بن يصهب كان من قوم موسى، وقد قيل: إنه كان من قرابته، وقد رزقه الله كنوزا كثيرة، وغصَّت خزائنه بالأموال، وقد كانت مفاتيحها، يثقل حملها على الفئام من الناس لكثرتها. فخرج على قومه في زينته شبه الجمله وقعت في محل - الجديد الثقافي. فبغى في هذه الكنوز، وجحدَ نعمةَ الله عليه، ولم يجعلها طريقا إلى الطاعة والاستقامة. وذات يوم خرج قارون في زينته، قال تعالى: ( فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) تقلد زينةً فخمْةً عظيمة، وتجمل بمراكب وملابس، قد علاها الكبر والتفاخر، واحتفت بها ألوان البهجة والتعالي من خدم وحشم وأعوان، فافتتن ضعاف النفوس وطلاب الدنيا بهذا المنظر الفتان، وهذه الأبهة الكبيرة فقالوا: ( يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [القصص: 79] تمنى المفتونون بالدنيا وزخارفها أن لو كان لهم مثل نعمته، وتمنوا جماله وغناه، وتمنوا زينته ومراكبه، فلقد أوتي من الدنيا حظا وافرا، ومالا كثيرا. ولكم أن تتصوروا هذا الموقف، وما فيه من الكبرياء والعظمة والتعاظم بالجاه والقوة والتعالي بالثراء والمحاسن، وما فيه من نسيان نعمة الله -تعالى-، والتنكر لآياته، وما فيه من احتقار الناس وربما التسلط على الضعفة والمساكين، وما فيه من كسر قلوب الجوعى والمعدمين وما فيه.
ارسل ملاحظاتك ارسل ملاحظاتك لنا الإسم Please enable JavaScript. البريد الإلكتروني الملاحظات
سورة القصص الآية رقم 79: إعراب الدعاس إعراب الآية 79 من سورة القصص - إعراب القرآن الكريم - سورة القصص: عدد الآيات 88 - - الصفحة 395 - الجزء 20.
- الشيخ: إلى هنا - القارئ: عفا اللهُ عنكَ - الشيخ: الحمد لله، تضمَّنَتْ هذه الآياتُ بقيَّةَ قصَّةِ قارون، يخبرُ تعالى أنَّه خرجَ ذاتَ يومٍ على الناسِ، خرجَ على الناس في زينته في أُبَّهةٍ، من لباسٍ ومركبٍ وهيئةٍ في زينتِه، {قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}، هذا صنفٌ من الناسِ يعني أكبرُ همِّهم الدنيا، المالُ الثراء الجاه المظهرُ كذا، مظاهرُ الدنيا وزخرفُ الدنيا. يقولون: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}، غبطوه حسدوه حسدَ الغبطةِ، {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ}، من المالِ والزينةِ والأُبّهةِ، ويؤكِّدون ذلك سبب التمني، ليش تمنَّوا؟ لأنَّ هذا حظٌّ عظيمٌ، {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ}، {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ}، محظوظٌ {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}. وفي الناسِ يعني لونٌ أخرُ على خلافِ فكرِ وتوجُّهِ هؤلاء، {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}، الَّذين آتاهم اللهُ العلمَ الَّذي يعرفون به الأمورَ وينزلون الأشياءَ منازلها، يعرفون حقارةَ الدنيا ومآلَ هذه الدنيا ويعلمون فضلَ الآخرةِ وأنَّها الدارُ الباقيةُ، {قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ}، ثوابُ اللهِ وكرامتُه في الآخرةِ خيرٌ من هذه الدُّنيا.