تم تفسير سورة المنافقون، ولله الحمد
وهذا يدل على أن الإيمان تصديق القلب ، وعلى أن الكلام الحقيقي كلام القلب. ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب. وقد مضى هذا المعنى في أول " البقرة " مستوفى وقيل: أكذبهم الله في أيمانهم وهو قوله تعالى: يحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم.
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ [المنافقون:3]، آمنوا أولاً، قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله، آمنا بهذا النبي الكريم، وبعد ذلك في اجتماعاتهم السرية والعلنية في بيوتهم وبساتينهم مجموعات ارتدوا -والعياذ بالله- قالوا: لن نؤمن، فلما ارتدوا وانتكسوا طبع الله على قلوبهم فوالله ما يهتدون ولا يؤمنون، لأنهم كفروا بعد إيمانهم، لو كانوا كافرين كما كانوا لآمنوا كغيرهم، لكن آمنوا ثم كفروا، فهذا الكفر ناتج عن فساد قلوب وعن أمراض وعن طمع وعن ماديات وعن أباطيل فبقوا في الكفر. تفسير سورة المنافقون من آية 9 إلى 11. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون:3]، والفقه فهم الأسرار ومعرفة عواقب الأشياء، لا فهم لهم أبداً، فلو كانوا يفقهون والله ما ارتدوا، ولو ارتدوا لعادوا إلى الإيمان وأسلموا، لكنهم لا يفقهون كالحيوانات، وهذا شأن الكافرين إلى يوم القيامة. هل الكافر يفقه؟ يفهم؟ لا. هل يعرف لماذا وجد هو؟ لو سئل الكافر: لم وجدت؟ لا يعرف! إذاً: اذهب إلى أهل العلم يعلمونك، يعرفونك لم وجدت، أنت وجدت لتذكر الله وتشكره بعبادته وطاعته، فإن رفضت ذلك عرضت نفسك لسخط الله وغضبه عليك، ثم لتعذيبه إياك وإدخالك جهنم.
ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء وقت موتها, وانقضى عمرها, والله سبحانه خبير بالذي تعملونه من خير وشر, وسيجازيكم على ذلك.
إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) سورة المنافقون. تفسير سوره المنافقون المعيقلي. مدنية في قول الجميع ، وهي إحدى عشرة آية بسم الله الرحمن الرحيم إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون قوله تعالى: إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله روى البخاري عن زيد بن أرقم قال: كنت مع عمي فسمعت عبد الله بن أبي ابن سلول يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فذكرت ذلك لعمي فذكر عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم; فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا; فصدقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذبني. فأصابني هم لم يصبني مثله ، فجلست في بيتي فأنزل الله عز وجل: إذا جاءك المنافقون إلى قوله: هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله إلى قوله: ليخرجن الأعز منها الأذل فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال: " إن الله قد صدقك " خرجه الترمذي قال: هذا حديث حسن صحيح.
يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ يقول رأسهم عبد الله بن أُبيّ: لئن عدنا إلى المدينة ليُخْرِجنّ الأعز -وهم أنا وقومي - منها الأذلّ؛ وهم محمد وأصحابه، ولله وحده العزة ولرسوله وللمؤمنين، وليست لعبد الله بن أُبيّ وأصحابه، ولكن المنافقين لا يعلمون أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين. يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُلۡهِكُمۡ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَلَآ أَوۡلَٰدُكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ وَمَن يَفۡعَلۡ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ يا أيها الذين آمنوا بالله وعملوا بما شرعه لهم، لا تشغلكم أموالكم ولا أولادكم عن الصلاة أو غيرها من فرائض الإسلام، ومن شغلته أمواله وأولاده عما أوجبه الله عليه من الصلاة وغيرها، فأولئك هم الخاسرون حقًّا الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة. وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقۡنَٰكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوۡلَآ أَخَّرۡتَنِيٓ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ وأنفقوا مما رزقكم الله من الأموال من قبل أن يأتي أحدكم الموت، فيقول لربه: ربّ هلاَّ أخرتني إلى مدّة يسيرة، فأتصدّق من مالي في سبيل الله، وأكن من عباد الله الصالحين الذين صلحت أعمالهم.