أما مشروعية إخراج القيمة بدلاً عن الطعام أو الكسوة فلا تجوز إلا إذا دعت المصلحة الراجحة، وهو ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال في "مجموع الفتاوى " (25/ 82-83): "وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد - رحمه الله - قد منع القيمة في مواضع وجوزها في مواضع فمن أصحابه من أقرَّ النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه". اهـ. أما إعطاء الكفارة لمسكين واحد ففيه تفصيل ذكره ابن قدامة في المغني (9/ 543- 544): "(ومن لم يصب إلا مسكينًا واحدًا، ردد عليه في كل يوم تتمة عشرة أيام)، وجملته أن المكفر لا يخلو من أن يجد المساكين بكمال عددهم، أولا يجدهم، فإن وجدهم، لم يجزئه إطعام أقل من عشرة في كفارة اليمين، ولا أقل من ستين في كفارة الظهار وكفارة الجماع في رمضان ، وبهذا قال الشافعي ، وأبو ثور. حكم كفارة اليمين الغموس. وقال أصحاب الرأي: يجوز أن يرددها على مسكين واحد في عشرة أيام، إن كانت كفارة يمين، أو في ستين إن كان الواجب إطعام ستين مسكينا، ولا يجوز دفعها إليه في يوم واحد. وحكاه أبو الخطاب رواية عن أحمد؛ لأنه في كل يوم قد أطعم مسكينًا ما يجب للمسكين، فأجزأ، كما لو أعطى غيره؛ ولأنه لو أطعم هذا المسكين من كفارة أخرى، أجزأه، فكذلك إذا أطعمه من هذه الكفارة.
2- عن أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن حَلَف على يمينٍ فرأى غَيرَها خيرًا منها، فلْيَأتِ الذي هو خيرٌ، ولْيُكفِّرْ عن يمينِه)) [651] أخرجه مسلم (1650). وَجهُ الدَّلالةِ: في قَولِه: ((ولْيُكَفِّرْ عن يمينِه)) أنَّ الأمرَ يُفيدُ وُجوبَ الكفَّارةِ إذا حَنِثَ [652] يُنظر: ((التنوير شرح الجامع الصغير)) للصَّنعاني (10/206). ص82 - كتاب دروس للشيخ محمد المنجد - كفارة اليمين - المكتبة الشاملة. ثالثًا: مِنَ الإجماعِ نَقَل الإجماعَ على ذلك: الطَّبريُّ [653] قال الطَّبَري: (أجمع الجميعُ لا خِلافَ بينهم: أنَّ اليَمينَ التي تجِبُ بالحِنْثِ فيها الكفَّارةُ: تلزَمُ بالحِنْثِ في حَلِفِ مَرةٍ واحدةٍ وإنْ لم يكرِّرْها الحالِفُ مرَّاتٍ، وكان معلومًا بذلك أنَّ الله مؤاخِذٌ الحالِفَ العاقِدَ قَلبَه على حَلِفِه وإن لم يُكرِّرْه ولم يُردِّدْه). ((تفسير الطبري)) (8/617). ، وابنُ المُنذِرِ [654] قال ابنُ المنذر: (أجمع أهلُ العِلمِ على أنَّ مَن حَلَف، فقال: باللهِ أو تاللهِ، فحَنِثَ: أنَّ عليه الكفَّارةَ، وإذا حَلَف باسمٍ مِن أسماءِ اللهِ، فعليه الكفَّارةُ). ((الإقناع)) (1/276). ، وابنُ عبدِ البَرِّ [655] قال ابنُ عَبدِ البَرِّ: (فالذي أجمع عليه العلماءُ في هذا البابِ هو أنَّه مَن حَلَف باللهِ، أو باسمٍ مِن أسماءِ الله، أو بصفةٍ مِن صفاتِه، أو بالقُرآنِ، أو بشَيءٍ منه، فحَنِثَ: فعليه كفَّارةُ يَمينٍ على ما وَصَف اللهُ في كتابِه مِن حُكمِ الكفَّارةِ، وهذا ما لا خِلافَ فيه عندَ أهلِ الفُروعِ، وليسوا في هذا البابِ بخِلافٍ).
تجِبُ الكفَّارةُ على كُلِّ يمينٍ مَعقودةٍ، فيها حِنثٌ [649] يُنظَرُ في معنى اليمينِ المعقودةِ: الفصلُ الأوَّلُ مِنَ البابِ الثَّاني. ويُنظَرُ في معنَى الحِنثِ: الفصلُ الثَّاني مِنَ البابِ الثَّالثِ.
القول الثاني: التكرار في اليمين على فعلٍ واحد: يستوجب كفارةً لكل يمينٍ أي أن الكفارة تتعدد لتعدد اليمين، وإن كان المحلوف عليه واحداً وسواء كان في مجلس واحدٍ أو في مجلس متفرقة. وقال بهذا الحنفية. القول الثالث: إن قصد الحالف في تكراره والتأكيد فعليه كفارة واحدة، وإن قصد الاستئناف، فعليه كفارة بكل يمين؛ لأنهما أيمان حنث بها. وقال بهذا الإمام مالك والشافعي رحمهما الله. حكم التكرار في اليمين على أفعالٍ مختلفة: وإذا أقسم الحالف أيماناً كثيرةً على أشياء كثيرة فقال: والله لا آكل اليوم، ووالله لا أشرب اليوم، ووالله لا أخرج من البيت اليوم. فجاء الفقهاء بهذا الأمر بمسألتين وهما: – أنه عليه بكلِ يمينٍ كفارة إن حنث بها. حكم إخراج القيمة في كفارة اليمين وإعطائها لمسكين واحد - خالد عبد المنعم الرفاعي - طريق الإسلام. وبهذا قال الحنفية وابن حزم والصحيح في مذهب أحمد ومالك. – أنه قال هنا عليه كفارةً واحدة، وهذا مروي عن الإمام أحمد. وقال في أوجز المسالك: "لأنها كفارات من جنس واحد، فتدَاخلت مثل الحدود من جنسٍ واحد وإن اختلفت محالها، بأن يسرق من جماعة أو يزني بنساء. أقرأ التالي منذ يوم واحد قصة دينية للأطفال عن اللين والرفق في المعاملة منذ يوم واحد قصة دينية للأطفال عن النسيان منذ يوم واحد قصة دينية للأطفال عن اللغة العربية والتحدث باللغات الأخرى منذ يوم واحد دعاء الصبر منذ يوم واحد أدعية وأذكار المذاكرة منذ يوم واحد أدعية النبي عليه السلام وتعوذاته منذ يوم واحد دعاء النبي الكريم للصغار منذ يوم واحد حديث في ما يتعوذ منه في الدعاء منذ يومين قصة دينية للأطفال عن الربا منذ يومين قصة دينية للأطفال عن إكرام الضيف
حكم تكرار اليمين. حكم التكرار في الحلف على فعلٍ واحد. حكم التكرار في اليمين على أفعالٍ مختلفة. حكم تكرار اليمين: إن التكرار في حلف اليمين نوعان وهما: تكرار في الحلف على فعلٍ واحد، ومثاله: والله لا أدخل دار الفاسق، والله لا أدخل دار الفاسق. حكم كفارة اليمين الجزء. وأما الثاني تكرار في الحلف على أفعال مختلفةٍ في مجلسٍ واحد. ومن المثال عليه: والله لا أفطر هذه الليلة عند محمد، والله لا أتناول طعام الغداء عند محمود، والله لا أشرب الماء عند محمود. حكم التكرار في الحلف على فعل واحد: اختلف الفقهاء في حكم تكرار اليمين إلى ثلاثة أقوال: القول الأول: إن تكرار الحلف على فعلٍ واحد يُعتبر يميناً واحدة، وعليه كفارةٍ واحدة إن حنث. وبهذا قال الإمام الشافعي، بل هو الصحيح في مذهبه، وأحمد بن حنبل. وقال ابن حزم: فإن حلف أيماناً كثيرة على شيءٍ واحد في مجلسٍ واحد أو في مجلس متفرقة، وفي أيامٍ متفرقة، فهي كلها تقع يمينٌ واحدة، حتى وإن كررها ألف مرةٍ ومرة، وصنفٌ واحدة وكفارة واحدة ولا مزيد. ويستدل لهؤلاءِ بما رواه ابن حزم بإسناده عن مجاهد قال: زوج ابن عمر مملوكة جارية له، فأراد المملوك سفراً، فقال له ابن عمر: طلقها، فقال المملوك: والله لا أطلقها، فقال له ابن عمر: والله لتُطلقنها، وكرر ذلك ثلاث مرات، قال مجاهد لابن عمر: كيف تصنع، فقال: أكفرُ عن يميني، فقلت له: قد حلفت مراراً؟ فقال: كفارةً مرةً واحدة.
والحنابلة فصلوا فقالوا اليمين إما أن تكون واجبة أو مباحة أو مندوبة أو مكروهة أو حرام. [3] واليمين إما أن تكون لغوا أو منعقدة أو غموسا، واليمين اللغو هي أن يحلف المرء على شيء دون أن يقصد اليمين، أو يحلف المرء على أمر ثم يتبين له خلاف ما يعتقد. وعند الشافعية هي التي يسبق لها اللسان إلى لفظها دون قصد معناها، وعن حكم الكفارة فيها قال ابن قدامة في المغني: (مسألة: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن، فلا كفارة عليه، لأن هذا من لغو اليمين. وأكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها، قاله ابن المنذر…) أما اليمين المعقودة: فهي اليمين على أمرٍ في المستقبل غير مستحيلٍ عقلاً ، سواء أكان نفياً أم إثباتاً ، نحو: واللّه لا أفعل كذا أو واللّه لأفعلنّ كذا. هذا قول الحنفيّة. حكم كفارة اليمين نختار. وأفاد المالكيّة أنّ اليمين المنعقدة هي: ما لم تكن غموساً ولا لغواً… و اليمين الغموس هي اليمين الكاذبة وهي التي يقسم فيها صاحبها على شي وهم متعمد للكذب. واليمين المعقودة لها كفارة ذكرت في سورة المائدة في قول الحق سبحانه وتعالى فقوله تعالى: "لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" [المائدة:89].