اقتباسات من كتاب تفسير التحرير والتنوير ج12 للكاتب محمد الطاهر بن عاشور PDF: ولك أن تجعل الختم والغشاوة تمثيلا بتشبيه هيئة وهمية متخيلة في قلوبهم أي إدراكهم من التصميم على الكفر وإمساكهم عن التأمل في الأدلة ـ كما تقدم – بهيئة الختم ، وتشبيه هيئة متخيلة في أبصارهم من عدم التأمل في الوحدانية وصدق الرسول بهيئة الغشاوة وكل ذينك من تشبيه المعقول بالمحسوس ، ولك أن تجعل الختم والغشاوة مجازا مرسلا بعلاقة اللزوم والمراد اتصافهم بلازم ذلك وهو أن لا تعقل ولا نحس ، والختم في اصطلاح الشرع استمرار الضلالة في نفس الضال أو خلق الضلالة ، ومثله الطبع ، والأكنة. والظاهر أن قوله وعلى سمعهم بمعطوف على قوله « قلوبهم ، فتكون الأسماع مختوما عليها وليس هو خبرا مقدما لقوله غشاوة فيكون « وعلى أبصارهم » معطوفا عليه لأن الغشاوة تناسب الأبصار لا الأسماع ولأن الختم يناسب الأسماع كما يناسب القلوب إذ كلاها يشبه بالوعاء ويتخيل فيه معنى الغلق والسد ، فإن العرب تقول: استك سمعه ووقر سمعه وجعلوا أصابعهم في آذانهم. والمراد من القلوب هنا الألباب والعقول ، والعرب تطلق القلب على اللحمة الصنوبر " ، وتطلقه على الإدراك والعقل ، ولا يكادون يطلقونه على غير ذلك بالنسبة للإنسان وذلك غالب كلامهم على الحيوان ، وهو المراد هنا ، ومقره الدماغ لا محالة ولكن القلب هو الذي يمده بالقوة التي بها عمل الإدراك.
♦ المجاز العقلي. ♦ خروج الكلام عن مقتضى الظاهر. ♦ القصر وأسراره البلاغية. المبحث الثالث: بلاغة الإيجاز والإطناب. الفصل الثالث: في علم البديع في تفسير ابن عاشور، وفيه مبحثان: المبحث الأول: المحسنات المعنوية. المبحث الثاني: المحسنات اللفظية. الفصل الرابع: توجيه القراءات القرآنية بلاغيًا عند ابن عاشور. الخاتمة: وفيها نتائج البحث وأهم التوصيات. حيث خلصت الكاتبة في بحثها إلى السعة العلمية والثروة اللغوية التي تمتع بها الشيخ الطاهر ابن عاشور في علوم اللغة والبلاغة، لذلك يعتبر تفسيره جملةً تفسيرًا بلاغيًا ودلاليًا. وأن تفسير ( التحرير والتنوير) يعتبر في الجملة تفسيرًا بلاغيًا بيانيًا لغويًا عقلانيًا، يعتمد فيه الشيخ الطاهر بن عاشور على تحليله العقلي، ولا يغفل المأثور ويهتم به. ومن الملاحظ في جميع أرجاء تفسيره أنه يعتمد على استقراء جميع جزئيات الموضوع ومسائله التي يتعرض لبحثه ودراسته، سواء كانت لغوية أو بلاغية أو فقهية أو اجتماعية وغير ذلك، وإخضاع كل ما له علاقة بالموضوع للشرح والتحليل والتفصيل، ليستنبط بعد ذلك النتيجة التي قاده إليها البحث. تقول الباحثة: "من خلال البحث وجدنا أنفسنا أمام إمام لغوي من أئمة اللغة، وفارس من فرسان البلاغة والفصاحة، بل ريانًا من علوم اللغة العربية وآدابها، ووقفاته أمام الإعجاز البياني لآي القرآن الكريم، وتحليلاته الرفيعة خير شاهد له بذلك، يعرض ويناقش، ويحلل ويعارض أكبر أئمة التفسير البلاغي؛ ليخرج برأي منفرد عن كل من سبقوه، وبالتالي أضاف آراء لغوية وبلاغية للمكتبة العربية".
الطريقة الثانية: وهي التزام قراءة تأليف معين أو من الأمالي السابقة أو من الشروح، وهي الطريقة التي شاعت واستقرت فيما بعد. الطريقة الثالثة: طريقة السؤال والجواب، مثل طريقة سحنون في تلقيه عن عبد الرحمن ابن القاسم أقوال مالك في المدونة. وأما عن صفة الدروس فكانت حلقا فيجتمع الطلبة إلى الشيخ ليقرأ عليهم كتابه أو كتاب غيره، ويفسر لهم ما غمض من ألفاظه ومضامينه، وكان الطلبة يكتبون ما يسمعون ويقيدونه في أوراق، وكانوا يميلون كل الميل إلى الحفظ إذ كان العلم كما يعتقدون مرادفا للحفظ، ولم يكن هناك سن لانتهاء الطلب فكان كل طالب وما يشعر في قرارة نفسه، وقد استمر هذا النظام متبعا قرونا طويلة حتى أدركه الشيخ بن عاشور في زمن الطلب بالجامع الزيتوني في نهايات القرن التاسع عشر. دواعي تأخر التعليم الإسلامي يذكر الشيخ ابن عاشور أن البحث انتهى به إلى وجود أربعة أسباب عامة لتأخر التعليم: الأول: انعدام المراقبة الذي لم يسمح بوضع نظام مراقبة يمكن من تمييز الصالح من غيره، وهو يفسر غياب المراقبة لدى المتقدمين بأنهم رأوا أن التعليم في نشأته محتاجا إلى الحرية بأكثر من احتياجه إلى المراقبة، وقد أدى فقدان المراقبة على المدرس والطالب إلى إضعاف التعليم في العصور اللاحقة.
والثالث: أنه على الرغم من أن فصولا عديدة من هذا الكتاب قد أصبحت جزءا من التاريخ؛ فإن كثيرا من الرؤى والأفكار التي طرحها ابن عاشور ما تزال قيمتها العلمية ثابتة، وجدارتها الفكرية قائمة، إن لم نقل إن هذا الحكم يصدق على نجاعتها العلمية وصلاحيتها التطبيقية. صفة التعليم ومناهجه وأساليبه بدأ التعليم الإسلامي في عهد الرسول صلوات الله عليه إذ كان يجلس للتدريس في المسجد، وكان تعليمه الناس على طريقتين: أن يملي على حاضري مسجده من القرآن والتربية الخلقية والمواعظ، وأن يجيب على أسئلة السائلين، وكانت دراستهم مقتصرة على الازدياد من حفظ القرآن وضبط وجوه قراءته، وبعد وفاته تصدى أصحاب رسول الله لبث العلوم ورواية سننه وإفتاء الناس. وفي العصور الأولى كان التعليم على درجتين: إحداها التعليم الابتدائي أو التأديب ويسمى صاحبه المؤدب وموضعه في الكتاب لخشيتهم أن يشوش الصبية على المصلين وأن ينجسوا المسجد، ويتلقى فيه الصبي حروف الهجاء ويلقن سور القرآن، وكان الصبية يكتبون في ألواح فإن أتم الصبي حفظها محاها، وتسهيلا للحفظ مالوا إلى نظم العلوم في أراجيز وكان الأندلسيون أول من عني بذلك وتبعهم المغاربة. أما الدرجة الثانية وهي التعليم فوق الابتدائي فكان يمارس في المسجد، وفيها يتم تلقي العلوم بالفهم وشرح المتون التي حفظت في التعليم الابتدائي، وكانوا يرتقون في دراستها من الكتب البسيطة إلى المعمقة، وكانت هناك ثلاث طرق للتعليم: الطريقة الأولى: كان كل عالم مختص بفن من الفنون يملي على الناس من غير مطالعة ولا مراجعة بفضل تضلعه في العلم، وهذا نهج المتقدمين الذي وضعوا "الأمالي".