آية أقول: هذه الثلاثة حسنة التناسق جدا; لما في مطالعها من المناسبة; لما بين الشمس والليل والضحى من الملابسة، ومنها سورة الفجر; لكن فصلت بسورة البلد لنكتة أهم، كما فصل بين الانفطار والانشقاق، وبين المسبحات; لأن مراعاة التناسب بالأسماء والفواتح وترتيب النزول، إنما يكون حيث لا يعارضها ما هو أقوى وآكد في المناسبة. سورة الشمس - سورة الليل. ثم إن سورة الشمس ظاهرة الاتصال بسورة البلد، فإنه سبحانه لما ختمها بذكر أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة، أراد الفريقين في سورة الشمس على سبيل الفذلكة، فقوله: [في الشمس] قد أفلح من زكاها "9" هم أصحاب الميمنة في سورة البلد، وقوله: وقد خاب من دساها "10" [في الشمس] ، هم أصحاب المشأمة في سورة البلد، فكانت هذه السورة فذلكة تفصيل تلك السورة; ولهذا قال الإمام: المقصود من هذه السورة: الترغيب في الطاعات، والتحذير من المعاصي. ونزيد في سورة الليل: أنها تفصيل إجمال سورة الشمس، فقوله: فأما من أعطى واتقى "الليل: 5" وما بعدها، تفصيل قد أفلح من زكاها "الشمس: 9"، وقوله: وأما من بخل واستغنى "الليل: 8" الآيات، تفصيل قوله: وقد خاب من دساها "الشمس: 10". ونزيد في سورة الضحى: أنها متصلة بسورة الليل من وجهين، فإن فيها: وإن لنا للآخرة والأولى "الليل: 13"، وفي الضحى: وللآخرة خير لك من الأولى "4"، وفي الليل: ولسوف يرضى "الليل: 21"، وفي الضحى: ولسوف يعطيك ربك فترضى "5".
الهموم لاتطول إذا توكلنا على الحي القيوم ألا ترى ظلمة الليل يتبعها نور النهار ﴿وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ﴾. 5. قرأ عمر بن عبدالعزيز سورةالليل،وبلغ{فأنذرتكم نارا تلظى}خنقته العبرةفسكت،ثم قرأ فنابه ذلك،فقرأ غيرها. ابن بطال 6. قال السعدي رحمه الله: هذه الآيات جمعت أسباب السعادة: فعل المأمور{أعطى}،وترك المحظور{واتقى}،وتصديق الوحي{وصدق.. }. 7. {ولسوف يرضى} وعداً حانياً من الرحمن يطمئن أرواحاً قلقة…يُثَبت قلوب تخشى الزيغ ومن أوفى بعهده من الله؟ 8. هل تريد أن تكون أمورك ميسرة؟ ج/ عطاء مع تقوى ويقين وبعدها أبشر {فأمامن أعطى واتقى*وصدق بالحسنى*فسنيسره لليسرى} 9. (الذي يؤتي ماله يتزكى) الصدقة سبب في النجاة من النار 10. (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ، ولسوف يرضى) يامُخلص أبشر بمايرضيك.. "رضي الله عن أبي بكر ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين" 11. "إن سعيكم لشتى" كل يغدوا لعمل هو عامله فمعتق نفسه أو موبقها فأي الغاديين.. أنت.. 12. الخلق يهونون عند الله إذا عصوه (ولايخاف عقباها) 13. سورة الشمس والليل والتين. لتتيسر لك أمور الدنيا والآخرة. هاك شروطا ثلاثة. ( فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى) 14. "قد أفلح من زكّاها" عليك بنفسك، زكّها من كلّ شائبة، طهّرها من ذنوبٍ وعيوب، اجتهد حتى تُصلحها لتنال فلاحًا في الدنيا والآخرة.
"فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب"المعنى فإن مع الأذى نفعا إن مع الأذى نفعا فإذا علمت فأطع أى إلى إلهك أنب ،يبين الله لنبيه (ص)أن مع العسر وهو الضرر يسرا أى نفعا وكرر نفس الحقيقة وهى أن الشر يأتى بعده الخير وقد طلب منه أن ينصب إذا فرغ والمراد أن يطع حكم الله إذا ترك حكم الهوى وفسر هذا بأن يرغب إلى ربه والمراد أن ينيب إلى دين الله.
ولما كانت سورة الضحى نازلة في شأنه -صلى الله عليه وسلم- افتتحت بالضحى، الذي هو نور، ولما كانت سورة الليل [نازلة في بخيل في قصة طويلة، افتتحت بالليل الذي هو ظلمة. قال الإمام: سورة الليل] سورة أبي بكر، يعني: ما عدا قصة البخيل، وكانت سورة الضحى سورة محمد، عقب بها، ولم يجعل بينهما واسطة ليعلم ألا واسطة بين محمد وأبي بكر.