فتبسم ضاحكًا من قول هذه النملة لفهمها واهتدائها إلى تحذير النمل, واستشعر نعمة الله عليه, فتوجَّه إليه داعيًا: ربِّ ألْهِمْني, ووفقني, أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والديَّ, وأن أعمل عملًا صالحًا ترضاه مني, وأدخلني برحمتك في نعيم جنتك مع عبادك الصالحين الذين ارتضيت أعمالهم. #أبو_الهيثم #مع_القرآن
وفي الآية دليل على شرف العلم, وارتفاع أهله. " { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} " وورث سليمان أباه داود في النبوة والعلم والملك, وقال سليمان لقومه: يا أيها الناس عُلِّمنا وفُهِّمنا كلام الطير, وأُعطينا مِن كل شيء تدعو إليه الحاجة, إن هذا الذي أعطانا الله تعالى إياه لهو الفضل الواضح الذي يُمَيِّزنا على مَن سوانا. " { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ} " وجُمِع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في مسيرة لهم, فهم على كثرتهم لم يكونوا مهمَلين, بل كان على كل جنس من يَرُدُّ أولهم على آخرهم; كي يقفوا جميعًا منتظمين. وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْما - مع القرآن - أبو الهيثم محمد درويش - طريق الإسلام. " { حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} " " { فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} حتى إذا بلغوا وادي النمل قالت نملة: يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يهلكنَّكم سليمان وجنوده, وهم لا يعلمون بذلك.
ألا ترى إلى ما فيه من الفخامة التي [ ص: 111] لا تخفى من الدلالة على عزة الربوبية وكبرياء الإلهية ، حيث جعلت الجبال منزلة منزلة العقلاء الذي إذا أمرهم أطاعوا وأذعنوا ، وإذا دعاهم سمعوا وأجابوا: إشعارا بأنه ما من حيوان وجماد وناطق وصامت ، إلا وهو منقاد لمشيئته ، غير ممتنع على إرادته وألنا له الحديد وجعلناه له لينا كالطين والعجين والشمع ، يصرفه بيده كيف يشاء من غير نار ولا ضرب بمطرقة. وقيل: لان الحديد في يده لما أوتي من شدة القوة. وقرئ: (صابغات) وهي الدروع الواسعة الضافية ، وهو أول من اتخذها وكانت قبل صفائح. وقيل: كان يبيع الدرع بأربعة آلاف فينفق منها على نفسه وعياله ، ويتصدق على الفقراء. وقيل: كان يخرج حين ملك بني إسرائيل متنكرا ، فيسأل الناس عن نفسه ، ويقول لهم: ما تقولون في داود ؟ فيثنون عليه ، فقيض الله له ملكا في صورة آدمي فسأله على عادته ، فقال: نعم الرجل لولا خصلة فيه فريع داود ، فسأله ؟ فقال: لولا أنه يطعم عياله من بيت المال ، فسأل عند ذلك ربه أن يسبب له ما يستغني به عن بيت المال ، فعلمه صنعة الدروع "وقدر " لا تجعل المسامير دقاقا فتقلق ، ولا غلاظا فتفصم الحلق. والسرد: نسج الدروع "واعملوا " الضمير لداود وأهله "و " سخرنا "لسليمان الريح " فيمن نصب: ولسليمان الريح مسخرة ، فيمن رفع ، وكذلك فيمن قرأ: الرياح بالرفع غدوها شهر جريها بالغداة مسيرة شهر ، وجريها بالعشي كذلك.