كشف كتاب "دراسات وأبحاث فى أدب معمر القذافى"، والصادر فى ثلاثة أجزاء ضخمة، عن اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام فى ليبيا، بعض كواليس النقد الأدبى لمؤلفات العقيد معمر القذافى، والتى عكف على توثيقها عدد كبير من الأدباء العرب فى دراستهم للمجموعة القصصية المعنونة بـ"القرية القرية، الأرض الأرض، وانتحار رائد الفضاء" للزعيم الليبى معمر القذافى، والتى ربما يكون قد تذكرها حين خاطب الثوار الليبيين وملاحقتهم متوعدًا إياهم: "بيت بيت، زنجة زنجة، شبر شبر". نصوص نثرية مميزة - منتدى القصيدة العربية. حول هذه المجموعة القصصية ومدى انبهار الكتاب العرب بها، يقول الكاتب اللبنانى ياسين الأيوبى: "كانت دهشتى كبيرة وأنا أطالع مجموعة الأديب معمر القذافى القصصية، من عمق الطرح الفكرى وتصوير المعاناة الخاصة والعامة، وطول باع الكاتب فى ميدان الكتابة والمعالجة السياسية والأدبية". وتضيف الليبية خليفة التليسى: "إننا أمام نصوص أدبية رفيعة المستوى عالية القيمة، عميقة الدلالة على العوامل الوجدانية لصاحبها معمّر القذافى، متميزة بالرهافة والشفافية الشعرية". وكما أثبت القذافى تألقه فى ملاحقة الثوار وقتالهم، أكدت السورية كوليت خورى أن "كتاب القذافى القصصى هو عمل إبداعى فعلى، وهو فى رأيى مجموعة أدبية غنية ضمّت القصة القصيرة والمقالة واللوحة القصصية، وكان الكاتب متألقاً فى كل هذه المجالات".
ليس سهلًا الدخول إلى نصوص الشاعر علي قادري؛ فهي تشبه المعدن الصقيل الناعم الّذي يصعب اختراقه، لكنّك تعرف أنّ داخله ما هو قيّم وثمين، وأنّ الشاعر الّذي تعرفه شخصيًّا، وتعرف مدى ثقافته واطّلاعه، ليس من النوع الّذي يرمي بالكلمات على عواهنها؛ فكلّ كلمة، بل كلّ حرف وفاصلة ونقطة خطّها، قطعة من مشاعره. تجريد في التجريد يتناول الشاعر الواقع، فيحطّم الجدران والأبواب وكلّ الصورة المألوفة، لا نكاد نصادف صورة واحدة مألوفة أو مرّت معنا من قبل، فهو يجتهد، إلى درجة مضنية، لابتكار الصور والاستعارات والتشبيهات الجديدة، يذلّل طريقًا وعرة غير مطروقة؛ ولهذا تحتاج قراءته إلى التركيز والتأنّي بين كلمة وأخرى، والتوقّف والاستراحة والتفكّر، ثمّ العودة بعزيمة لاختراق روح النصوص. إنّها ثلاثون خرابًا، ثلاثون عامًا بلغها الشاعر، يرى بالسنين خرائبَ حملتها جثّته. نصوص أدبية | تعلم العربية. المفردات في هذه النصوص، منزاحة إلى مسافات بعيدة عن أصولها، مركّبة، وفي بعضها مُغرِقة في التجريد، بل هي تجريد داخل تجريد؛ يجعل الولوج إلى عالمها مهمّة شاقّة، ولا سيّما لمن يتوقّع فهمًا سريعًا، وقراءة سريعة. في النصّ الأوّل، "ليلُ القرض"، يقول: النايُ صحارى منَ الاعترافْ وجهُ البحيرةِ اللامعُ في عينَيِ الناصريّ.
ويقول الجزائرى عز الدين ميهوبى فى نفس الكتاب: "حملت قصص القذافى استشرافات عميقة ذات دلالات واضحة وبيّنة"، ويوضح السورى عبد الله أبو هيف: "ينتمى كتاب القذافى إلى فن القصة، سرداً يعتمل فى خطابه من خلال تحفيز جمالى أو تأليفى يختزن الخبرة البشرية فى قصة فنية". ويلفت السورى ياسين رفاعية الانتباه إلى أن "معمّر القذافى ليس كاتباً رومانسياً، إنه كاتب واقعى وغاضب (... ) وتداعياته كتبت بأسلوب مختلف، فكانت إضافة جديدة كل الجدّة إلى أدبنا العربى المعاصر"، فيكشف المغربى إدريس الخورى "نصـوص القذافى عارية، خالية من التزويق والتنميق لأنها تريد أن تصل إلى القارئ مباشرة وبلا وسيط". وتأتى شهادة المغربى بشير قمرى لتكشف أن "معمّر القذافى ليس صوتاً معزولاً عن العالم، إنه صوت يصدر عن ذات متعالية وعن كائن يتجاوزان حدود «أنا» المتكلم الذى نعرفه"، ويضيف عليها المصرى سمير الجمل فيقول: "يفضح القذافى أحوال بعض المسلمين ممّن تمسكوا بتوافه الأمور وتركوا الجوهر". ويقول الليبى أحمد إبراهيم الفقيه: "لا شك أن القذافى صاحب قلم وله إسهام فى الكتابة والتأليف.. قلم متمرّس وصاحب تجربة متميّزة"، وتضيف السورية سمر روحى الفيصل: "لم يكن القذافى راغباً فى نقل الأفكار فحسب، بل فى التعبير عن أحاسيسه والتأثير فى المتلقى".
واستمع سلماوى والحاضرين إلى كلمة القذافى عن الثقافةِ باعتبارِها "الجمرةَ الوحيدةَ المتوهجةَ فى الأُمة العربية"، ثم عقَّب بأَنَّ الكلمةَ قد تكونُ موضوعاتِ ندواتٍ فى مؤتمراتِ الاتحاد المقبلة، وشاركه فى إطناب المديح لأفكار القذافى رئيس اتحاد الكتّاب العرب فى سورية، حسين جمعة. وفى الخيمة نفسها، أَلقى الشاعر الأُردنى محمد مقدادى قصيدة مدح فى العقيد، لا يجد فى هذه الأَيام حرجاً منها، إِذ يُصرِّح لصحيفة «الدستور» الأُردنية، (الأَحد 27 الجارى) بأَنها صدرت عن إِعجابه الشديد بتمزيقِ القذافى ميثاقَ الأمم المتحدة، ما يعتبرُه موقفاً شجاعاً فى وجهِ المؤسسات التى استخدمتها القوى الكبرى لممارسة عدوانِها على شعوبِنا العربية. إلا أنه ينبغى لهؤلاء المثقفين أن يتذكروا بأن توحش نظام القذافى وتسلطه ضد شعبه سابق للمجزرة الجديدة، وبأن أرشيف استبداده منذ ما يزيد من أربعين عاماً بانتهاكه لحقوق الإنسان كافة ومنها قتل 1200 سجين فى سجنٍ فى طرابلس فى 1996.