"كبرت كلمة تخرج من أفواههم".. تفسير الشعراوي لسورة الكهف - 1 - YouTube
[الكهف: 5] مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا الجلالين الطبري ابن كثير القرطبي البيضاوي البغوي فتح القدير السيوطي En1 En2 ما لهم به) بهذا القول (من علم ولا لآبائهم) من قبلهم القائلين له (كبرت) عظمت (كلمة تخرج من أفواههم) كلمة تمييز مفسر للضمير المبهم والمخصوص بالذم محذوف أي مقالتهم المذكورة (إن) ما (يقولون) في ذلك (إلا) مقولا (كذبا وقوله " ولا لآبائهم " يقول: ولا لأسلافهم الذين مضوا قبلهم على مثل الذي هم عليه اليوم ، كان لهم بالله وبعظمته علم. وقوله " كبرت كلمةً تخرج من أفواههم " اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء المدنيين والكوفيين والبصريين " كبرت كلمة" بنصب كلمة بمعنى: كبرت كلمتهم التي قالوها كلمة على التفسير، كما يقال: نعم رجلاً عمرو، ونعم الرجل رجلا قام ، ونعم رجلاً قام. وكان بعض نحويي أهل البصرة يقول: نصبت كلمة لأنها في معنى: أكبر بها كلمة، كما قال جل ثناؤه " وساءت مرتفقا" وقال هي في النصب مثل قول الشاعر: ولقد علمت إذا اللقاح تروحت هدج الرئال تكبهن شمالاً أي تكبهن الرياح شمالاً فكأنه قال: كبرت تلك الكلمة.
النوع الثاني: مما ذكره الله في إبطاله ، قوله: ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم) وفيه مباحث: البحث الأول: قرئ: ( كبرت كلمة) بالنصب على التمييز وبالرفع على الفاعلية ، قال الواحدي: ومعنى التمييز أنك إذا قلت: كبرت المقالة أو الكلمة جاز أن يتوهم أنها كبرت كذبا أو جهلا أو افتراء ، فلما قلت: كلمة ميزتها من محتملاتها ، فانتصبت على التمييز ، والتقدير: كبرت الكلمة كلمة فحصل فيه الإضمار ، أما من رفع فلم يضمر شيئا ، كما تقول: عظم فلان ، فلذلك قال النحويون والنصب أقوى وأبلغ ، وفيه معنى التعجب ، كأنه قيل: ما أكبرها كلمة. البحث الثاني: قوله: ( كبرت كلمة) أي كبرت الكلمة ، والمراد من هذه الكلمة ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله: ( قالوا اتخذ الله ولدا) فصارت مضمرة في كبرت ، وسميت كلمة كما يسمون القصيدة كلمة. البحث الثالث: احتج النظام في إثبات قوله: أن الكلام جسم بهذه الآية ، قال: أنه تعالى وصف الكلمة بأنها تخرج من أفواههم والخروج عبارة عن الحركة والحركة لا تصح إلا على الأجسام. والجواب: أن الحروف إنما تحدث بسبب خروج النفس عن الحلق ، فلما كان خروج النفس سببا لحدوث الكلمة أطلق لفظ الخروج على الكلمة.
وقيل: من كلمة ، فحذف ( من) فانتصب ، " تخرج من أفواههم " أي: تظهر من أفواههم ، " إن يقولون " ، ما يقولون ، " إلا كذباً ". 5. " ما لهم به من علم "أي بالولد أو باتخاذه أو بالقول، والمعنى أنهم يقولونه عن جهل مفرط وتوهم كاذب ، أو تقليد لما سمعوه من أوائلهم من غير علم بالمعنى الذي أرادوا به ، فإنهم كانوا يطلقون الأب والابن بمنى المؤثر والأثر. أو بالله إذ لو علموه لما جوزوا نسبة الاتخاذ إليه. "ولا لآبائهم "الذين تقولوه بمعنى التبني. "كبرت كلمةً"عظمت مقالتهم هذه في الكفر لما فيها من التشبيه والتشريك ، وإيهام احتياجه تعالى إلى ولد يعينه ويخلفه إلى غير ذلك من الزيغ ، و"كلمة"نصب على التمييز وقرئ بالرفع على الفاعلية والأول أبلغ وأدل على المقصود. "تخرج من أفواههم "صفة لها تفيد استعظام اجترائهم على إخراجها من أفواهم، والخارج بالذات هو الهواء الحامل لها. وقيل صفة محذوف هو المخصوص بالذم لأن كبرها هنا بمعنى بئس وقرئ"كبرت"بالسكون مع الإشمام. "إن يقولون إلا كذباً". 5. (A thing) whereof they have no knowledge, nor (had) thee fathers. Dreadful is the word that cometh out of their mouths. They speak naught but a lie.
المسألة الثانية: الذين أثبتوا الولد لله تعالى ثلاث طوائف: أحدها: كفار العرب الذين قالوا: الملائكة بنات الله. وثانيها: النصارى حيث قالوا: المسيح ابن الله. وثالثها: اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله. والكلام في أن إثبات الولد لله كفر عظيم ، ويلزم منه محالات عظيمة قد ذكرناه في سورة الأنعام في تفسير قوله تعالى: ( وخرقوا له بنين وبنات بغير علم) ( الأنعام: 100) وتمامه مذكور في سورة مريم ، ثم إنه تعالى أنكر على القائلين بإثبات الولد لله تعالى من وجهين: الأول: قوله: ( ما لهم به من علم ولا لآبائهم) فإن قيل: اتخاذ الله ولدا محال في نفسه ، فكيف قيل: ما لهم به من علم ؟ قلنا: انتفاء العلم بالشيء قد يكون للجهل بالطريق الموصل إليه ، وقد يكون لأنه في نفسه محال لا يمكن تعلق العلم به. ونظيره قوله: ( ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به) ( المؤمنون: 117) واعلم أن نفاة القياس تمسكوا بهذه الآية ، فقالوا: هذه الآية تدل على أن القول في الدين بغير علم باطل ، والقول بالقياس الظني قول في الدين بغير علم ، فيكون باطلا ، وتمام تقريره مذكور في قوله: ( ولا تقف ما ليس لك به علم) ( الإسراء: 36) وقوله: ( ولا لآبائهم) أي ولا أحد من أسلافهم ، وهذا مبالغة في كون تلك المقالة باطلة فاسدة.
وثانياً: أنّه باجتهاده قام بتحريم ما أحلّه الكتاب والسنّة، ومن المعلوم أنّ اجتهاده - لو صحّت تسميته بالاجتهاد - حجّة على نفسه لا على غيره. وفي الختام نقول: إنّ الجهل بفقه الشيعة أدّى بكثير من الكتّاب إلى التقوّل على الشيعة، وخصوصاً في مسألة المتعة التي نحن في صدد الحديث عنها، بجملة منكرة من الآراء والأحكام تدلّ على جهل مطبق أو خبث سريرة لا يدمغ، ومن هذه الأقوال: إنّ من أحكام المتعة عند الشيعة أنّه لا نصيب للولد من ميراث أبيه، وأن المتمتَّع بها لا عدّة لها، وانّها تستطيع أن تنتقل من رجل إلى رجل إن شاءت. ومن أجل هذا استقبحوا المتعة واستنكروها وشنَّعوا على من أباحها. وقد خفي الواقع على هؤلاء، وانّ المتعة عند الشيعة كالزواج الدائم لا تتم إلّا بالعقد الدالّ على قصد الزواج صراحة، وانّ المتمتَّع بها يجب أن تكون خالية من جميع الموانع، وانّ ولدها كالولد من الدائمة من وجوب التوارث، والإنفاق وسائر الحقوق الماديّة، وانّ عليها أن تعتدّ بعد انتهاء الأجل مع الدخول بها، وإذا مات زوجها وهي في عصمته اعتدّت كالدائمة من غير تفاوت، إلى غير ذلك من الآثار. [3] على أنّ الأمر الذي ينبغي الالتفات إليه وإدراكه بوضوح، أنّ الشيعة ورغم إدراكهم وإيمانهم بحلّية زواج المتعة وعدم تحريمه - وهو ما يعلنون عنه صراحة ودون تردد - إلّا أنّهم لا يلجأون إلى هذا الزواج إلّا في حدود ضيّقة وخاصّة، وليس كما يصوّره ويتصوره البعض من كونه ظاهرة متفشية في مجتمعهم وبشكل مستهجن ممجوج.