الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته. اختيار هذا الخط
لا بد من مراجعة الأدبيات ومنتجات وسائل الإعلام والمناهج التربوية في العالم الإسلامي مراجعة دقيقة متأنية، فلا شك أن الخلل الذي يعتريها ينعكس بشكل جلي على ثقافة وسلوك الأفراد في مجتمعاتهم. ونحن لا نتحدث هنا عن القيم المغلوطة التي تسربت بسبب ظروف معينة إلى هذه المجتمعات وإنما نتحدث عن الشروخ التي تتواجد في القيم الإيجابية الأصلية والتي قد تشوه هذه القيم أو تحرفها عن غايتها الحقيقية. إن المجتمعات الإسلامية بفكرها الجماعي تمقت بل تقاوم كثيرًا من العادات والأفعال القبيحة، ويرجع ذلك إلى مقاومة الفكر الديني لهذه العادات والأفعال، وإن كانت بعض هذه العادات والأفعال متفشية بين الأفراد. موقع الشيخ صالح الفوزان. فإن هؤلاء الأفراد بذاتهم يرفضونها بل ينبذون من يتحلى بها أو يقوم بها. وإن كان هذا الجانب إيجابيا ويميز المجتمعات الإسلامية عن غيرها، إلا أن التعامل مع هذه العادات والأفعال لا يعالج هذه المشاكل ولا يلغي هذه العادات ولا يمنع تلك الأفعال، ولا شك أن الخلل في كثير من الأحيان إنما هو في ردود الأفعال أو ما يمكن أن نسميه بالعقوبة الجماعية التي ينزلها المجتمع بمن يفتضح أمره أو يهتك ستره من المخالفين. هذه النقطة التي تعامل معها الفكر الإسلامي الحقيقي ببراعة وحكمة متناهيين هي التي تتضمن القدر الأكبر من الخلل في الفكر الحالي للمسلمين، إذ أن كثيرًا من ردود الأفعال والعقوبات هذه لا مكان لها في أصول الإسلام ومرجع ذلك كله هو عادات ونعرات جاهلية أطلت برأسها بعد مرور أزمان.
{ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا} الأمم السابقة واللاحقة، كلهم سيجمعهم الله ليوم لا ريب فيه. { فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} من الشرائع والأعمال، فيثيب أهل الحق والعمل الصالح، ويعاقب أهل الباطل والعمل السيئ. { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزلَ اللَّهُ} هذه الآية هي التي قيل: إنها ناسخة لقوله: { فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}. Books المجهولين - Noor Library. والصحيح: أنها ليست بناسخة، وأن تلك الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم مخير بين الحكم بينهم وبين عدمه، وذلك لعدم قصدهم بالتحاكم للحق. وهذه الآية تدل على أنه إذا حكم، فإنه يحكم بينهم بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وهو القسط الذي تقدم أن الله قال: { وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ} ودل هذا على بيان القسط، وأن مادته هو ما شرعه الله من الأحكام، فإنها المشتملة على غاية العدل والقسط، وما خالف ذلك فهو جور وظلم. { وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} كرر النهي عن اتباع أهوائهم لشدة التحذير منها. ولأن ذلك في مقام الحكم والفتوى، وهو أوسع، وهذا في مقام الحكم وحده، وكلاهما يلزم فيه أن لا يتبع أهواءهم المخالفة للحق، ولهذا قال: { وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} أي: إياك والاغترار بهم، وأن يفتنوك فيصدوك عن بعض ما أنزل الله إليك، فصار اتباع أهوائهم سببا موصلا إلى ترك الحق الواجب، والفرض اتباعه.
ما الذي يستطيع أن يقوله، من ينحّي شريعة اللَّه عن حكم الحياة، ويستبدل بها شريعة الجاهلية. وحكم الجاهلية، ويجعل هواه هو، أو هوى شعبٍ, من الشعوب، أو هوى جيلٍ, من أجيال البشر، فوق حكم اللَّه، وفوق شريعة اللَّه؟ ما الذي يستطيع أن يقوله... الظروف؟ الملابسات؟ عدم رغبة الناس؟ الخوف من الأعداء؟... ألم يكن هذا كله في علم اللَّه، وهو يأمر المسلمين أن يقيموا بينهم شريعته، وأن يسيروا على منهجه، وألا يفتنوا عن بعض ما أنزله؟ قصور شريعة اللَّه عن استيعاب الحاجات الطارئة، والأوضاع المتجددة، والأحوال المتغلبة؟ ألم يكن ذلك في علم اللَّه، وهو يشدد هذا التشديد، ويحذر هذا التحذير؟. إن هذه الآية تربط الحكم بالإسلام، وتطبيق شريعته، بالإيمان باللَّه - تعالى - ربطاً لا انفصام له. ففي قوله - تعالى -: (وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللّهِ حُكمًا لِّقَومٍ, يُوقِنُونَ) نجد هذا الربط الإيماني واضحاً. أفحكم الجاهلية يبغون؟. فالذي يؤمن باللَّه رباً لا شريك له، يؤمن بأنه الخالق وحده، وأنه المشرع وحده، قال - تعالى -: (أَلَا يَعلَمُ مَن خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ) [الملك/14]. وإن حكم الجاهلية الذي يكتوي المسلمون بناره اليوم، جبراً عنهم، هو حكم الديمقراطية الذي يشرع بحسب أكثرية الناس، بحسب أهوائهم وشهواتهم ونظرتهم القاصرة للمصالح، والذي ظهر فساده لأهله قبل غيرهم.
د صالح بن غانم السدلان). 3 وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه لت(ابن باز). 4 مجلة البيان العدد 142 ص47 ذو القعدة 1420هـ. 5 وجوب تحكيم شرع الله ونبذ ما خالفه ل ـ (ابن باز). 6 كتاب اتخاذ القرآن الكريم أساساً لشؤون الحياة والحكم في المملكة لـ(أ. د صالح بن غانم السدلان).
{ فَإِن تَوَلَّوْا} عن اتباعك واتباع الحق { فَاعْلَمْ} أن ذلك عقوبة عليهم وأن الله يريد { أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ} فإن للذنوب عقوبات عاجلة وآجلة، ومن أعظم العقوبات أن يبتلى العبد ويزين له ترك اتباع الرسول، وذلك لفسقه. { وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} أي: طبيعتهم الفسق والخروج عن طاعة الله واتباع رسوله. { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} أي: أفيطلبون بتوليهم وإعراضهم عنك حكم الجاهلية، وهو كل حكم خالف ما أنزل الله على رسوله. افحكم الجاهليه يبغون الاستفهام مجازي. فلا ثم إلا حكم الله ورسوله أو حكم الجاهلية. فمن أعرض عن الأول ابتلي بالثاني المبني على الجهل والظلم والغي، ولهذا أضافه الله للجاهلية، وأما حكم الله تعالى فمبني على العلم ، والعدل والقسط، والنور والهدى. { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} فالموقن هو الذي يعرف الفرق بين الحكمين ويميز -بإيقانه- ما في حكم الله من الحسن والبهاء، وأنه يتعين -عقلا وشرعا- اتباعه. واليقين، هو العلم التام الموجب للعمل. أبو الهيثم 1 5, 895
إن كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون، فالمظلوم اليوم قد يكون ظالـمًا غدًا، فليعف وليصفح عسى أن يجد من يعفو ومن يصفح عنه إن أخطأ، كيف يمكن لمسلم ألاّ يعفو عن أخيه المسلم أو عن أخيه الإنسان وهو يعلم أنه في حدّ ذاته غير قادر على التخلص من أخطائه كليةً، لماذا لا يسأل نفسه: كيف لي أن أرميه بحجر وأنا لست خيرًا منه؟، إن الإنسان منذ خلقه الله على وجه هذه البسيطة خطاء ظالم كفار، وإن لم يكن هنالك أناس يخطئون ليتوبوا لاستبدل الله الناس بمن يخطىء ويتوب كما أخبر في الحديث القدسي. فإن كان بعضٌ لا يستطيعون احتمال هذه الدنيا بصالحيها ومخطئيها فليمددوا بسبب إلى السماء ثم ليقطعوا فلينظروا هل يذهبن كيدهم ما يغيظ، هذه هي حكمة الله منذ أن خلق السماوات والأرض، فمن يظن أنه لا يستطيع التكيف معها فلا مناص له.
أغراضها: والغرض منها تعليم النبي صلى الله عليه وسلم كلمات للتعوذ بالله من شر ما يُتَّقَى شره من المخلوقات الشريرة، والأوقاتِ التي يكثر فيها حدوث الشر، والأحوال التي يستر أفعال الشر من ورائها لئلا يُرمى فاعلوها بتبعاتها، فعلَّم الله نبيه هذه المعوذة ليتعوذ بها، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهذه السورة وأختها ويأمر أصحابه بالتعوذ بهما، فكان التعوذ بهما من سنة المسلمين. قال الصابوني: سورة الفلق مكية. وآياتها خمس آيات. بين يدي السورة: * سورة الفلق مكية، وفيها تعليم للعباد أن يلجأوا إلى حمى الرحمن، ويستعيذوا بجلاله وسلطانه، من شر مخلوقاته، ومن شر الليل إذا أظلم، لما يصيب النفوس فيه من الوحشة، ولانتشار الأشرار والفجار فيه، ومن شر كل حاسد وساحر، وهي إحدى المعوذتين اللتين كان صلى الله عليه وسلم يعوذ نفسه بهما. قال أبو عمرو الداني: سورة الفلق 113: مدنية هذا قول ابن عباس ومجاهد وعطاء وقال قتادة مكية. وقد ذكر نظيرتها في جميع العدد. وكلمها ثلاث وعشرون كلمة ككلم الفيل والمسد. وحروفها تسعة وسبعون كحروف الناس. سوره قل اعوذ برب الناس تفسير. وهي خمس آيات في جميع العدد ليس فيها اختلاف.. ورءوس الآي: {الفلق}. 1- {ما خلق}.
■ مَنْهَل مشروع مكتبة إلكترونية، والمواد المنشورة فيه تعبر عن رأي كاتبها. ويحق للقارئ الكريم الاستفادة من محتوياته في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر. Powered by Dimofinf CMS v5. 0. 0 Copyright © Dimensions Of Information.
3- روي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما وقرأ {قل هو اللّه أحد} و {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده». يصنع ذلك ثلاث مرات. إعراب سورة الناس - مملكة المعلم التعليمية. قال أبو البقاء العكبري: سورة الناس: بسم الله الرحمن الرحيم لقد ذكرنا في أول سورة البقرة أن أصل ناس عند سيبويه أناس فحذفت فاؤه: وعند غيره لم يحذف منه شئ، وأصله نوس لقولهم في التصغير نويس. وقال قوم: أصله نيس مقلوب عن نسى أخذوه من النسيان وفيه بعد، و {الوسواس} بالفتح اسم، وبالكسر المصدر، والتقدير: من شر ذى الوسواس، وقيل سمى الشيطان بالفعل مبالغة، و {الخناس} نعت له، و {الذى يوسوس} يحتمل الرفع والنصب والجر. قوله تعالى: {من الجنة} هو بدل من شر بإعادة العامل: أي من شر الجنة، والنصب والجر. قوله تعالى: {من الجنة} هو بدل من شر بإعادة العامل: أي من شر الجنة، وقيل هو بدل من ذى الوسواس لأن الموسوس من الجن، وقيل هو حال من الضمير في يوسوس: أي يوسوس وهو من الجن، وقيل هو بدل من الناس: أي في صدور الجنة، وجعل {من} تبيينا وأطلق على الجن اسم الناس لأنهم يتحركون في مراداتهم، والجن والجنة بمعنى، وقيل من الجنة حال من الناس: أي كائنين من القبيلين، وأما {الناس} الأخير فقيل هو معطوف على ذى الوسواس: أي من شر القبيلين، وقيل هو معطوف على الجنة، والله أعلم.
سورة الفلق:. فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:. فصل في فضل السورة الكريمة: قال مجد الدين الفيروزابادي: فضل السّورة: فيه حديث عُقْبة أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَلاَّ أُخبرك بأَفضل ما تعوّذ به المتعوّذون؟» قال: قلت: بلى قال: « {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ». وقال: «يا عقبة أَلا أُعلمك سورتين هما أَفضل القرآن، أَو من أَفضل القرآن؟» قال قلت: بلى يا رسول الله قال: « {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} » وقال: فعلَّمني المعوّذتين، ثمّ قرأهما في صلاة الغداة، وقال لي: «اقرأهما كلَّما قمت ونمت». اهـ.. فصل في مقصود السورة الكريمة:. قال البقاعي: سورة الفلق مقصودها الاعتصام من شر كل ما انفلق عنه الخلق الظاهر والباطن، واسمها ظاهر الدلالة على ذلك. قل أعوذ برب الفلق .. سورة الفلق. قال مجد الدين الفيروزابادي:. بصيرة في: {قل أعوذ برب الفلق}: السّورة مَدَنِيّة. وآياتها خمس بالإِجماع. وكلماتها ثلاث وعشرون. وحروفها أَربع وسبعون. وفواصل آياتها (دبق). سمّيت سورة الفَلَق؛ لمفتتحها.. معظم مقصود السّورة: الاستعاذة من الشرور، ومن مخافة اللَّيل الدّيجور، ومن آفات الماكرين والحاسدين في قوله: {إِذَا حَسَدَ}.
أخرج الترمذي عن عائشة أنها قالت: إن رسول اللّه نظر إلى القمر فقال لها: «استعيذي باللّه من شر هذا فإنه الغاسق إذا وقب». والمراد منه، واللّه أعلم إذا خسف وسقط لأن هذا يكون يوم القيمة وهو جدير بان يتعوذ منه، وهناك أقوال بأنه الحية إذا انقلبت بعد اللسع وغير ذلك، وليست تلك الأقوال بشيء. سوره قل اعوذ برب الناس بالخط العربي. {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ} السواحر اللاتي يتفثن {فِي الْعُقَدِ 4} في الخيط الذي يرقين عليه، والنفث النفخ مع قليل من الريق وقيل بلا ريق، وقيل النفث في العقد إبطال العزائم وآراء الرجال بالحيل استعارة من عقد الحبال لأن حب النساء المتغلغل في قلوب الرجال صيرهن يتصرّفن من رأي إلى رأي ومن عزيمة إلى عزيمة فأمر رسول اللّه بالتعوذ من كيدهن ومكرهن. قال الإمام الفخر: هذا قول حسن لولا أنه على خلاف رأي أكثر المفسرين {وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ 5} أظهر حسده وعمل بمقتضاه.