سورة الكوثر إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) إنا أعطيناك -أيها النبي- الخير الكثير في الدنيا والآخرة, ومن ذلك نهر الكوثر في الجنة الذي حافتاه خيام اللؤلؤ المجوَّف, وطينه المسك. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) فأخلص لربك صلاتك كلها, واذبح ذبيحتك له وعلى اسمه وحده. إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (3) إن مبغضك ومبغض ما جئت به من الهدى والنور, هو المنقطع أثره, المقطوع من كل خير.
ولأن الصلاة تتضمن الخضوع [في] القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به. {إِنَّ شَانِئَكَ} أي: مبغضك وذامك ومنتقصك {هُوَ الْأَبْتَرُ} أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر. فقد عيروه بعدم بقاء نسل له من الذكور وأما محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو الكامل حقًا، الذي له الكمال الممكن في حق المخلوق، من رفع الذكر، وكثرة الأنصار، والأتباع ـ صلى الله عليه وسلم.
عن الموسوعة نسعى في الجمهرة لبناء أوسع منصة إلكترونية جامعة لموضوعات المحتوى الإسلامي على الإنترنت، مصحوبة بمجموعة كبيرة من المنتجات المتعلقة بها بمختلف اللغات. © 2022 أحد مشاريع مركز أصول. حقوق الاستفادة من المحتوى لكل مسلم
وحاصله ذكر الشيء ومقابله. وأما ذكر الشيء ونظيره فذاك التشابه ، كما سنوضحه إن شاء الله ؛ فلهذا قال تعالى: ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار) فوصفها بأنها تجري من تحتها الأنهار ، كما وصف النار بأن وقودها الناس والحجارة ، ومعنى ( تجري من تحتها الأنهار) أي: من تحت أشجارها وغرفها ، وقد جاء في الحديث: أن أنهارها تجري من غير أخدود ، وجاء في الكوثر أن حافتيه قباب اللؤلؤ المجوف ، ولا منافاة بينهما ، وطينها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والجوهر ، نسأل الله من فضله [ وكرمه] إنه هو البر الرحيم. وقال ابن أبي حاتم: قرئ على الربيع بن سليمان: حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا ابن ثوبان ، عن عطاء بن قرة ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنهار الجنة تفجر من تحت تلال - أو من تحت جبال - المسك. تفسير سورة الكوثر - منتدى الرقية الشرعية. وقال أيضا: حدثنا أبو سعيد ، حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق ، قال: قال عبد الله: أنهار الجنة تفجر من جبل مسك. وقوله تعالى: ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) قال السدي في تفسيره ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة: ( قالوا هذا الذي رزقنا من قبل) قال: إنهم أتوا بالثمرة في الجنة ، فلما نظروا إليها قالوا: هذا الذي رزقنا من قبل في [ دار] الدنيا.
وقد استدل بعض المشككين في السنة النبوية وفي عصمة نبينا صلى الله عليه وسلم برأيه صلوات الله وسلامه عليه في تلقيح المسلمين النخل بالمدينة المنورة وعدم الصواب فيه، فعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: (قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يأبرون النخل (يُلقِّحون النخلَ) فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه، قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرا، فتركوه فنفضت، فذكروا ذلك له فقال: إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأى فإنما أنا بشر) رواه مسلم. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ بقومٍ يُلقِّحون فقال: لو لم تفعلوا لصلَح، قال فخرج شِيصاً (تمراً رديئاً). فمرَّ بهم فقال: ما لنخلِكم؟ قالوا: قلتَ كذا وكذا، قال: أنتم أعلمُ بأمرِ دنياكم) رواه مسلم. قل انما انا بشر مثلكم يوحى. وفي رواية عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن كان ينفعهم ذلك فلْيصنَعوه، فإني إنما ظننتُ ظنًّا، فلا تؤاخذوني بالظنِّ، ولكن إذا حدَّثتُكم عنِ اللهِ شيئًا فخُذوا به، فإني لن أكذبَ على الله عز وجل) رواه مسلم.
وفي الحَديثِ: أنَّ البَشَرَ لا يَعْلَمون ما غُيِّب عنهم. وفيه: أنَّ التَّحرِّيَ جائزٌ في أداءِ المَظالِمِ. وفيه: أنَّ الحاكمَ له الاجتهادُ فيما لم يَكُنْ فيه نَصٌّ. وفيه: التحذيرُ الشَّديدُ عن الدَّعوى الباطِلةِ التي يرادُ منها أكلُ أموالِ النَّاسِ بالباطِلِ؛ لِما تؤدِّي إليه مِنَ النَّارِ، وبئسَ القِرارُ! وفيه: أنَّ إثمَ الخَطَأِ مَوضوعٌ عن القاضي، إذا كان قد وَضَعَ الاجتِهادَ مَوضِعَه.
{ { وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هم كَافِرُونَ}} أى: لا يؤمنون بالبعث، ولا بالجنة والنار، فلذلك لما زال الخوف من قلوبهم، أقدموا على ما أقدموا عليه، مما يضرهم في الآخرة. ولما ذكر الكافرين، ذكر المؤمنين، ووصفهم وجزاءهم، فقال: { { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا}} بهذا الكتاب، وما اشتمل عليه مما دعا إليه من الإيمان ، وصدقوا إيمانهم بالأعمال الصالحة الجامعة للإخلاص، والمتابعة. يدل قوله صلى الله عليه وسلم "إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ،فإذا نسيت فذكروني" على - كنز الحلول. { { لَهُمْ أَجْرٌ}} أي: عظيم { { غَيْرُ مَمْنُونٍ}} أي: غير مقطوع ولا نافد، بل هو مستمر مدى الأوقات، متزايد على الساعات، مشتمل على جميع اللذات والمشتهيات. #أبو_الهيثم #مع_القرآن 4 0 12, 149