وبعض الناس يخطئون خطأ فاحشا عندما يحتجون بالقضاء والقدر على فعلهم للمعاصي وتركهم للواجبات ، ويقولون: هذا مقدر علينا ، ولا يتوبون من ذنوبهم كما قال المشركون: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء وهذا فهم سيئ للقضاء والقدر لأنه لا يحتج بهما على فعل المعاصي والمصائب ، وإنما يحتج بهما على نزول المصائب ، فالاحتجاج بهما على فعل المعاصي قبيح لأنه ترك للتوبة وترك للعمل الصالح المأمور بهما ، والاحتجاج بهما على المصائب حسن ؛ لأنه يحمل على الصبر والاحتساب. ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر أنه يدفع الإنسان إلى العمل والإنتاج والقوة والشهامة ، فالمجاهد في سبيل الله يمضي في جهاده ولا يهاب الموت ؛ لأنه يعلم أن الموت لا بد منه ، وأنه إذا جاء لا يؤخر ، لا يمنع منه حصون ولا جنود أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وهكذا حينما يستشعر المجاهد هذه الدفعات القوية من الإيمان بالقدر يمضي في جهاده حتى يتحقق النصر على الأعداء ، وتتوفر القوة للإسلام والمسلمين. وكذلك بالإيمان بالقدر يتوفر الإنتاج والثراء ؛ لأن المؤمن إذا علم أن الناس لا يضرونه إلا بشيء قد كتبه الله عليه ، ولا ينفعونه إلا بشيء قد كتبه الله له ، فإنه لن يتواكل ، ولا يهاب المخلوقين ، ولا يعتمد عليهم ، وإنما يتوكل على الله ، ويمضي في طريق الكسب ، وإذا أصيب بنكسة ولم يتوفر له مطلوبه فإن ذلك لا يثنيه عن مواصلة الجهود ، ولا يقطع منه باب الأمل ، ولا يقول: لو أنني فعلت كذا كان كذا وكذا ، ولكنه يقول: قدر الله وما شاء فعل ، ويمضي في طريقه متوكلا على الله مع تصحيح خطئه ، ومحاسبته لنفسه ، وبهذا يقوم كيان المجتمع ، وتنتظم مصالحه.
الصبر عند نزول المصائب فالمؤمن بالقدر لا يسيطر عليه الجزع، و الفزع ، ولا يستبد به السخط والهلع، بل ييستقبل مصائب الزمن بثبات، كثبات الجبال فقد استقر في أعماقه، قول الله تعالى:" مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ " (الحديد، آية: 22 ـ 23). فيعد الإيمان بالقدر من أعظم الأدوية التي تعين المؤمن على الشدائد والمصائب والبلايا، فهو ثمرة من أعظم ثمرات الإيمان بالقدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزز في نفوس أفراد الأمة الإسلامية هذا الإيمان ويرشدهم ويعلمهم كيف يتعاملوا مع المصائب والشدائد، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبياً لها أو ابناً لها في الموت، فقال للرسول: أرجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى. الرضا والقناعة بما قسمه الله رضا المؤمن بما قسم الله، وقناعته بما رزق الله ، وهذه ثمرات طيبة في نفسية المؤمن وحياته.
صيانة العقل من الأكاذيب والخرافات، فالمؤمن بالقضاء والقدر يعلم أنّ الغيب لا يعلمه إلا الله، فلا يُتعِب نفسَه وعقله بسماع أقوالِ وأكاذيبِ الكُهّان والعرّافين والمشعوذين. شكر الله -تعالى-، فالمؤمن بالقضاء والقدر يعلم أنّ النعم التي تغمره من الله -تعالى- وحده، وأنّ السوء الذي يُحيط به لن يدفعه ويصرفه عنه سواه سبحانه وتعالى، فيوقِنُ أنّه وحده -سبحانه- المُستحِق للحمْد والشكر، مما يؤدي إلى الثبات والاستقامة على الدِّين في السّراء والضّراء. من ثمرات الايمان بالقضاء والقدر مع الدليل. سيطرة مشاعر الرضا والفرح في القلب، أمّا الرضا فلِأنّ المؤمن بالقضاء والقَدَر يعلم أنّ الله -تعالى- لا يُقدّر له إلّا كل خيرٍ ونفعٍ له فيرضى بتدبيره له، وأمّا الفرح فبسبب الإيمان الذي منّ الله به عليه وحُرِم منه غيره لقوله -تعالى-: (قُل بِفَضلِ اللَّـهِ وَبِرَحمَتِهِ فَبِذلِكَ فَليَفرَحوا هُوَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ). [٢٥] امتلاء القلب ثقةً بانتصار الحقّ والمؤمنين، فالمؤمن بالقضاء والقدر يوقن بأنّ الغلبة والنصرَ مهما اشتدّت الظروف وعلا الباطل ستكون للحقِّ لا محالة.
قال عكرمة رحمه الله: " ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ، ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا ".
علم الله -تعالى- بعباده الذين سيدخلون الجنّة ويَغمرهم نعيمها، وعباده الذين سيدخلون النار وذلك كله قبل خَلْقهم وخَلْق السموات والأرض. علم الله -تعالى- بكذب الكفار الذين لن ينفكوا من تمنّي العودة إلى الدنيا يوم القيامة للإيمان به -سبحانه- وتصديق رسله لقوله -تعالى-: (وَلَو رُدّوا لَعادوا لِما نُهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكاذِبونَ). [٧] علم الله -تعالى- بإعراض الكافرين عن الهدى والإيمان حتى لو أسمعهم وأراهم براهين وحدانيته لقوله -تعالى-: (وَلَو عَلِمَ اللَّـهُ فيهِم خَيرًا لَأَسمَعَهُم وَلَو أَسمَعَهُم لَتَوَلَّوا وَهُم مُعرِضونَ).
وصدق الله حيث يقول: ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا. والحمد لله رب العالمين. المرجع: من كتاب شرح الأصول الثلاثة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان.
4- الإيمان بالقدر يبعث في القلوب الشجاعة على مواجهة الشدائد، ويقوّي فيها العزائم، فيثبت صاحبه في ساحات الجهاد ولا يخاف الموت؛ لأنه موقن أن الآجال محدّدة لا تتقدم ولا تتأخر لحظةً واحدة. 5- الإيمان بالقدر من أكبر العوامل التي تكون سبباً في استقامة المسلم، وخاصة في معاملته للآخرين، فحين يقصِّر في حقّه أحدٌ أو يسيء إليه أو يردّ إحسانه بالإساءة أو ينال من عرضه بغير حق تجده يعفو ويصفح لأنه يعلم أن ذلك مقدّر، وهذا إنما يحسن إذا كان في حقّ نفسه، أمّا في حقّ الله فلا يجوز العفو ولا التعلل بالقدر، لأن القدر إنما يحتج به في المصائب لا في المعايب. ص38 - كتاب عقيدة الإيمان بالقضاء والقدر عند السلف وأثرها على المؤمن - الفصل الرابع ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر - المكتبة الشاملة. 6- الإيمان بالقدر يغرس في نفس المؤمن حقائق الإيمان المتعدّدة، فهو دائم الاستعانة بالله، يعتمد على الله ويتوكل عليه مع فعل الأسباب، وهو يغرس أيضاً في نفس المؤمن الانكسار والاعتراف لله تعالى حين يقع منه الذنب، ومن ثم يطلب من الله العفو والمغفرة. 7- ومن آثار الإيمان بالقدر أن الداعي إلى الله يصدع بدعوته، ويجهر بها أمام الكافرين والظالمين، لا يخاف في الله لومة لائم، يبيّن للناس حقيقة الإيمان، ويوضح لهم مقتضياته، ويكشف الباطل وزيفه ودُعاته وحماته، ويقول كلمة الحقّ أمام الظالمين، ويفضح ما هم فيه من كفر وظلم، وإذا كان الأمر هكذا فكيف يبقى في نفس المؤمن الداعية ذرّة من خوف وهو يؤمن بقضاء الله وقدره؟!
وبديهي أن المصلي قد يضطر لتخفيف صلاته،فليس المراد المنع من ذلك مطلقاً،بل أن يكون التخفيف عند مايتعين مجرد أداء تنفيذي، مع الإدراك بيقين أن كل الحوائج بيد مالك الملك عز وجل. *.. ومواعيدك الصادقة … اللهم ومواعيدك الصادقة واياديك الفاضلة ورحمتك الواسعة، مواعيد الله تعالى هي مجموع ماوعد به عباده،ومنها سعة الرحمة،وغفران الذنوب جميعاً،وقبول التوبة بحيث تبدل السيئات حسنات،وأن يكون عند حسن الظن به ،سبحانه. وأن يذكر من ذكره، ويعفو عن الكثير ويقبل اليسير، ويصفح الصفح الجميل الذي ليس معه عتاب،وأن يستجيب الدعاء،وليس من صفاتك ياسيدي أن تأمر بالدعاء وتمنع العطية" وهذه الفقرة هي بمؤدى: إلهي لا أدعوك اتكالاً على عمل عملته، وإنما أدعوك اتكالاً على مواعيدك. أنت وعدتنا أن تغفر لنا الذنوب جميعا، ووعدتنا أن تستجيب لنا إذا دعوناك. يامن ارجوه لكل خير. إلهنا أنت عودتنا الكرم كم من أيادٍ لك عندنا؟ كم من نعمة أنعمت بها علين ا إلهنا وسعت رحمتك كل شيء،وأنا شيء فلتسعني رحمتك. وحول الرحمة الواسعة لله عز وجل يقال إن نبياً سأل الله عز وجل أن يريه شخصاً من أهل الجنة وشخصاً من أهل النار،فجاءه الأمر أن يقف عند الصباح بباب المدينة،وأول شخص يخرج من المدينة خارج السور فهو من أهل النار، ثم يرجع قبيل الغروب ويقف عند باب السور،وآخر من يدخل إلى المدينة يكون من أهل الجنة.
شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم