فجأة وقبل انتهاء الآذان، صعد شاب سعودي هائج إلى المنارة وخطف الميكروفون من يد الإمام وأزاحه جانباً، وأخذ يعلن أنّ اسمه جهيمان بن محمد بن سياف العتيبي، وأنه يدعو المسلمين للإطاحة بحكم آل سعود (... جهيمان بن محمد بن سيف العتيبي. ) وقد ترددت كلمات جهيمان عبر مكبرات الصوت الضخمة في أنحاء المسجد الكبير، ووصلت إلى أرجاء مكة فسمعها القاصي والداني من الحجاج والمصلين وسكان المدينة، وبالطبع وصلت تلك الكلمات سريعاً إلى آذان العالم". ويتابع الكتاب "أخذ أتباع جهيمان يطلقون النار من فوق منارات المسجد على وحدات الجيش التي كانت تحاول الدخول، بينما أعاقتها بوابات المسجد الخشبية الصلبة التي أغلقها رجال جهيمان على أنفسهم ومن داخل المسجد من مصلين، واضطر الجيش بذلك للتراجع، فوقع الملك خالد آل سعود في حيرة وحرج كبيرين، وقرر الاستعانة سراً برأي الخبراء الفرنسيين لاستعادة المكان المقدس الذي أقسم على حمايته، وفي تلك اللحظات كان آل سعود يواجهون أكبر محنة في تاريخهم منذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة في القرن العشرين". هذه الرواية التي يذكرها الكتاب، ويبيّن فيها أنّ المحنة انتهت على أيدي قوات فرنسية، تتناقض مع روايات أخرى تشير إلى مشاركة أردنية فعّالة في إنهاء الاقتحام؛ إذ لم تجد الحكومة السعودية من بديل سوى الاستعانة بقوات الصاعقة الأردنية؛ إذ قامت بإنزال مظلي على الحرم، غير أنّ الاقتحام الأرضي تمّ بقوات خاصة سعودية؛ فعملت على تطهير الحرم من المقاتلين، إلا أنهم انسحبوا وتحصّنوا في الطابق السفلي ومعهم زوجاتهم وأطفالهم وعلى رأسهم جهيمان.
قام جهيمان واتباعه بمبايعة "المهدي المنتظر"، وطلب من جموع المصلين مبايعته، وأوصد أبواب المسجد الحرام، ووجد المصلّون أنفسهم محاصرين داخل المسجد الحرام.. في نفس الوقت كانت هناك مجموعات اخرى من جماعة جهيمان.. تقوم بتوزيع منشورات ورسائل وكتيبات كان جهيمان قد كتبها.. في السعودية وبعض دول الخليج.. احتجز جهيمان وجماعته كل من كان داخل الحرم.. بما فيهم النساء والاطفال 3 ايام.. بالأسماء.. أمين الطائف يقر ترقية 81 موظفاً من الخامسة للعاشرة. من بعدها.. أخلى جهيمان سبيل النساء والأطفال.. وبقى كمّ لابأس به من المحتجزين في داخل المسجد.
وبعد ثلاثة أيام من الحصار، ولإنهاء العملية، تم تسريب المياه للطابق السفلي من الحرم وإلقاء صواعق كهربائية؛ لإجبار من ينجون من المتحصنين من الصعق بالكهرباء للاستسلام. وفي حين تؤكد روايات كثيرة المشاركة الفرنسية في إنهاء الاقتحام، ومن بينها كتاب صدر في الولايات المتحدة بعنوان حصار مكة ( (The Siege of Meccaإلا أنّ ذكر المشاركة الأردنية غير مثبت، مع أنّ بعض المراقبين يذكرون أنّ القائد العسكري تحسين شردم ترأس مجموعة من القوات الخاصة بينهم الضابط أحمد علاء الدين لمساعدة القوات السعودية على إنهاء الاقتحام الذي يقال إنه دام أياماً أو زهاء أسبوع.
المرجع: مجلة البحوث الإسلامية ج5 ص 321ـ324.
ووضعت خطة الحرب الغادرة ، على أن يهاجم جيش قريش وغطفان (المدينة) من خارجها ، بينما يهاجم بنو قريظة من الداخل ، من وراء صفوف المسلمين، الذين سيقعون آنئذ بين شقي رحى تطحنهم ، وتجعلهم ذكرى. وفوجىء الرسول والمسلمون يوما بجيش لجب يقترب من المدينة في عدة متفوقة وعتاد مدمدم. وسقط في أيدي المسلمين ، وكاد صوابهم يطير من هول المباغتة. وصور القرآن الموقف ، فقال: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) أربعة وعشرون ألف مقاتل تحت قيادة أبي سفيان وعيينة بن حصن يقتربون من المدينة ليطوقوها وليبطشوا بطشتهم الحاسمة كي ينتهوا من محمد ودينه وأصحابه. وهذا الجيش لا يمثل قريشا وحدها ، بل ومعها كل القبائل والمصالح التي رأت في الإسلام خطرا عليها. من فلسطين - واحد من فريق آي-فون إسلام - اي-فون إسلام. إنها محاولة أخيرة وحاسمة يقوم بها جميع أعداء الرسول ، أفرادا ، وجماعات ، وقبائل ، ومصالح. ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب. وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر. وطبعا أجمعوا على الدفاع والقتال ، ولكن كيف يكون الدفاع ؟؟ هنالك تقدم الرجل الطويل الساقين ، الغزير الشعر ، الذي كان الرسول يحمل له حبا عظيما ، واحتراما كبيرا.
عندما يدخل الناس في أعمال، ونكون قد قرأنا قول الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} (الحج: من الآية40) فيمر الناس بشدائد إذا لم تكن أنت قد رسخت في قلبك عظمة الله سبحانه وتعالى، وتنـزيه الله أنه لا يمكن أن يخلف وعده فابحث عن الخلل من جانبك: [أنه ربما نحن لم نوفر لدينا ما يجعلنا جديرين بأن يكون الله معنا، أو بأن ينصرنا ويؤيدنا] أو ابحث عن وجه الحكمة إن كان باستطاعتك أن تفهم، ربما أن تلك الشدائد تعتبر مقدمات فتح، تعتبر مفيدة جدًا في آثارها. وقد حصل مثل هذا في أيام الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في الحديبية، عندما اتجه المسلمون وكانوا يظنون بأنهم سيدخلون مكة، ثم التقى بهم المشركون فقاطعوهم فاضطروا أن يتوقفوا في الحديبية، ثم دخل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في مصالحة معهم، وكانت تبدو في تلك المصالحة من بنودها شروط فيها قسوة، لكن حصل في تلك المصالحة هدنة، هدنة لعدة سنوات كأنها لعشر سنوات تقريبًا.
(فقالت قريش وغطفان والله ان الذي حدثكم به نعيم لحق) فأرسلوا إليهم قائلين: لن نعطيكم رجلا واحدا من رجالنا، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا (فقالت قريظة فيما بينها: والله ان كلام نعيم لحقّ، هؤلاء هنا ان وجدوا فرصة انتهزوها والا تركوكم وذهبوا عنكم)، فأصر كل منهم على موقفه وكانت هذه الحيلة العبقرية سببا أساسيا في عدم اقتحام المدينة من الجهتين بعد لطف الله وتدبيره. فلا يحزنك تثبيط المتخاذلين عزيزي القارئ إنما هم يخذلون عن إخوانهم ما استطاعوا، فخذّل أنت عن أبطال فلسطين ما استطعت.