[1] أيسر التفاسير؛ الجزائري (2 / 1651). [2] تفسير السعدي - رحمه الله تعالى (ص: 968).
وكذلك يجب عليه أن ينهاهم عن كلِّ ما يُغضِب اللهَ من الأقوال والأفعال، فينهاهم عن الفواحش والآثام، ما ظهر منها وما بطن الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٩ - الصفحة ٣٣٤. وبعدُ: فإنَّ الله أنْزَلَ هذا القرآنَ العظيم؛ لتدبُّرِه والعملِ به، قال تعالى: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الأَلْبَابِ} [ص:29]. وعملاً بهذه الآية الكريمة؛ فلْنستمعْ إلى آيةٍ من كتاب الله تعالى ولْنتدبَّر ما فيها من العِظات والحِكَم، قال الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6]. قوله تعالى: { قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} ؛ قال أميرُ المؤمنين عليٌّ رضي الله عنه: "أدِّبوهم وعلِّموهمُ الخيرَ" (تفسير ابن كثير [4/391]) ، وقال قتادةُ رحمه الله: "تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله، وتأمرهم به، وتساعدهم عليه، فإذا رأيتَ لله معصية؛ زجرتَهم عنها".
2 - عظم ما أعد الله لأَعدائه من العذاب والنكال، ففي هذه الآية أخبر تعالى أن حطب النار التي توقد بها: جثث بني آدم وحجارة من الكبريت الأسود، وأخبر في آية أخرى عن هولها وشدة عذابها فقال: {كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى * تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى * وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: 15 - 18]. وقال أيضًا: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ* لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ * َوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ} [المدثر: 27 - 29]. وقفة مع قوله تعالى: {يا أَيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وَأهليكمْ نارا}. وقال تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلاتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:30]. روى مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا» (¬8). وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قَالُوا: وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا» (¬9).
روى أبو داود في سننه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» (¬5). مع قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} - ملتقى الشفاء الإسلامي. قال الفقهاء: وهكذا في الصوم، ليكون ذلك تمرينًا له على العبادة، لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة والطاعة ومجانبة المعصية وترك المنكر (¬6). وكذلك يجب عليه أن ينهاهم عن كل ما يغضب الله من الأقوال والأفعال، فينهاهم عن الفواحش والآثام ما ظهر منها وما بطن، وعن قول الزور، وينهى نساءه وبناته عن التبرج والسفور، والخروج إلى الأسواق ومواقع الريب، وينهى جميع أهله ومن تحت يده عن مصاحبة الأشرار ومخالطتهم، والتشبه بالكفار والفساق، ويقطع عنهم الوسائل المفضية إلى غضب الله وسخطه، المشغلة عن رضاه وطاعته، كالقنوات الفضائية، والتلفاز، ونحوها من الوسائل التي تدعو إلى الرذائل ورديء الأخلاق. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنِ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ» (¬7).