32-سورة السجدة 11 ﴿11﴾ ۞ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّل بكم، فيقبض أرواحكم إذا انتهت آجالكم، ولن تتأخروا لحظة واحدة، ثم تُردُّون إلى ربكم، فيجازيكم على جميع أعمالكم: إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر. تفسير ابن كثير. ثم قال: ( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم) ، الظاهر من هذه الآية أن ملك الموت شخص معين من الملائكة ، كما هو المتبادر من حديث البراء المتقدم ذكره في سورة " إبراهيم " ، وقد سمي في بعض الآثار بعزرائيل ، وهو المشهور ، قاله قتادة وغير واحد ، وله أعوان. وهكذا ورد في الحديث أن أعوانه ينتزعون الأرواح من سائر الجسد ، حتى إذا بلغت الحلقوم تناولها ملك الموت. قال مجاهد: حويت له الأرض فجعلت له مثل الطست ، يتناول منها حيث يشاء. المَبحَثُ التاسِعُ: المَلائِكةُ السَّيَّاحون الذين يتَّبِعون مجالِسَ الذِّكرِ - الموسوعة العقدية - الدرر السنية. ورواه زهير بن محمد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه مرسلا. وقاله ابن عباس ، رضي الله عنهما. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي ، حدثنا يحيى بن أبي يحيى المقري ، حدثنا عمرو بن شمر عن جعفر بن محمد قال: سمعت أبي يقول: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا ملك الموت ، ارفق بصاحبي فإنه مؤمن ".
الخميس 5 جمادي الأولى 1430هـ - 30 ابريل 2009م - العدد 14920 تشخيص الحالة بحاجة إلى فريق طبي متخصص قبل إعلانها تخطيط المخ يستخدم في تشخيص الوفاة الدماغية أحد المواضيع التي يحيط بها الغموض، هو موضوع الوفاة الدماغية. فقد تعارف الناس منذ القدم أن الوفاة تعني توقف التنفس وتوقف القلب. أما في الإسلام فإن مفهوم الموت هو خروج الروح من الجسد بواسطة ملك الموت، قال الله تعالى (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) (السجدة 11). ولاشك أن الروح أمر من أمور الغيب قال تعالى (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) (الإسراء 85). ولذا فإن دخول الروح إلى الجسد أو خروجها منه لا نستطيع أن نعرفه إلا بعلامات تدل عليه يستدل بها الأطباء على وجود الحياة في الجسد. ومع التقدم العلمي ومعرفة الدورة الدموية تبين أن الموت هو توقف لا رجعة فيه في هذه الدورة الدموية. الباحث القرآني. وبما أن الدماغ لا يستطيع أن يبقى حيا سوى بضع دقائق عند انقطاع التروية الدموية عنه فإن خلايا المخ هي أول الخلايا تأثرا عند انقطاع الدورة الدموية. ومع تطور أجهزة الإنعاش الطبي أصبح بالإمكان المحافظة على التنفس وعمل القلب بصورة مرضية حتى لو كان الدماغ لا يعمل أو أن أعصاب الدماغ قد أصابها عطب دائم أو وفاة وتحلل كامل لخلاياها.
وذهب آخرون إلى: أن الذي يتولَّى قبض الأرواح هو ملك الموت نفسه، فقال ابن كثير في " تفسيره " (3/457): "والظاهر من هذه الآية، أن ملك الموت شخص معيَّن من الملائكة، وأن له أعوانًا كما هو المتبادر من حديث البراء بن عازب". فهو يدل على أن ملك الموت: هو الذي يلي قبض الأرواح، وينزل معه ملائكة آخرون، وورد عن قتادة أنه قال: تلي قبضها الرسل، ثم تدفعها إليه، وورد عن ابن عباس وإبراهيم النخعي: أن ملك الموت هو الذي يلي قبض الأنفس، وقد ردَّ العلامة الشنقيطي على إشكال، وفيه: أنه جاء في بعض آيات القرآن أن الذي يتوفَّى الأنفس هو رب العالمين، وجاءت آياتٌ أخرى تبيِّن أنه ملك الموت، وأخرى تقول: إنها الملائكة، فكيف نجمع بين هذه الآيات؟ • ففي قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ... ﴾ [السجدة: 11]، أسند الله تعالى في هذه الآية الكريمة التوفِّي إلى ملك واحد. • وأسنده في آيات أُخَر إلى جماعة من الملائكة؛ كقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ﴾ [النساء:97]، وقوله: ﴿ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ﴾، قال ابن عباس: أعوان ملك الموت، وقوله: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ ﴾ [الأنفال:50]، وقوله: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ ﴾ [الأنعام: 93].
• وأسنده في آية أخرى إلى نفسه - عز وجل - وهي قوله - تعالى -: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا... ﴾ [الزمر: 42]. والجواب عن هذا ظاهر، وهو: أن إسناده التوفِّي إلى نفسه - سبحانه - لأن ملك الموت لا يقدر أن يقبض روح أحد إلا بإذنه ومشيئته - تعالى -: ﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا ﴾ [آل عمران: 145]، وأسنده لملك الموت؛ لأنه هو المأمور بقبض الأرواح، وأسنده للملائكة؛ لأن ملك الموت له أعوان من الملائكة تحت رئاسته، يفعلون بأمره وينزعون الروح إلى الحلقوم، فيأخذها ملك الموت، والعلم عند الله تعالى؛ اهـ، بتصرف ( رفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب؛ للشنقيطي ص 236). تنبيهات: 1- قال القرطبي - رحمه الله - في " التذكرة " ص66: سُئل الإمام مالك بن أنس عن البراغيث، أملك الموت يقبض أرواحها؟ فأطرق مليًّا، ثم قال: أَلَهَا نفسٌ؟ قال: نعم، قال: ملك الموت يقبض أرواحها ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42]؛ اهـ. 2- قد تكون " توفى بمعنى استكمل أجله، واستوفاه "، وفي قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ﴾ [البقرة: 234] قراءتانِ بالبناء للمعلوم وللمجهول، وأنها على قراءة المبني للمعلوم ( يَتَوَفَّوْن) بمعنى ( استيفاء الأجل)؛ قاله ابن النحاس وغيره.
المَبحَثُ الرَّابِعُ: انقِطاعُ التوبةِ بحُضورِ المَوتِ.