إســم الله المقيـت ورود الاسم في القرآن: الله جل في علاه سمى نفسه المقيت فى موضع واحد فى القرآن الكريم وهو قوله تعالى: { مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)} [النساء 85]. وورد هذا الاسم مطلقا منونا مقرونا بمعانى العلو والفوقية، و إنطبقت عليه الشروط التي وضعها أهل العلم فى إحصاء الأسماء فعلى هذا يكون هذا الاسم ثابت بالكتاب. معنى اسم الله المقيت: المقيت: من القوت، اسم فاعل للموصوف بالإقاتة. فعله: أقات، وأصله: قات يقوت قوتا. المقيت (أسماء الله الحسنى) - ويكيبيديا. Û والقوت في اللغة هو ما يمسك الرمق من الرزق، يقال: قات الرجل أي أعطاه قوته. ويطلق على الشيء المدخر المحفوظ الذي يقتات منه حين الحاجة فيسمى قوتا، كالطعام الضروري الذي تدخره في بيتك تأكل منه وأسرتك. أما الشيء الزائد عن الحاجة فلا يسمى قوتا. و بهذا يكون القوت على دربين: قوت للأبدان ، و قوت للأرواح. فالماء والطعام المتنوع قوت ضروري للبدن وبنسب محددة لو قلت هلك البدن، وكذلك القلب له قوته الضروري الذي بدونه يهلك ويموت. :: وقال بعض أهل العلم المقيت يأتي بمعني المقتدر، قال الزجاجي رحمه الله: "المقيت المقتدر على الشيء"، يقال: أقات على الشئ اذا إقتدر عليه وهو بذلك صفة ذات، أما إذا جاء بمعنى الذي يعطي القوت فيكون صفة فعل.
وقال عبد الرحمن السعدي رحمه الله: المقيتُ الذي أَوْصلَ إلى كلّ موجودٍ ما به يُقتات، وأوصلَ إليها أرزاقها، وصرّفها كيف يشاءُ بحكمتِه وحمده. من آثار الإيمان باسم الله "المقيت": 1- إنّ الله هو" المقيت" أي: القدير على كلّ شيء، ويأتي بسط الكلام على ذلك في اسم الله"القدير". معنى : المقيت. 2- إنَّ الله سبحانه هو المُعطي لأقوات الخلق كلّهم؛ صغيرهم وكبيرهم، قويهم وضعيفهم، غنيّهم وفقيرهم، قال تعالى: (ومَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ) (هود: 6). وقد قدَّر الله ذلك كلّه؛ عند خَلقه للأرض، قال تعالى: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ) (فصلت: 10). قال ابن كثير: وقدَّر فيها أقواتها، وهو ما يحتاج أهلها إليه؛ من الأرزاق، والأماكن التي تُزرع وتغرس. وقال القرطبي: معنى (قدَّر فيها أقواتها) أي: أرزاق أهلها؛ وما يصلح لمعايشهم، من التجارات والأشجار والمنافع في كلّ بلدة، ما لم يجعله في الأخرى، ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة والأسفار؛ من بلد إلى بلد.
3- ألا تطلب حوائجك إلا من الله لأن خزائن الأرزاق بيده. فعلى الإنسان أن يسأل ربه حاجته كلها لأنه سبحانه هو الذي يقيت هذا البدن وهذه النفس. اسم الله المقيت - ملتقى الخطباء. تأمل قوله تعالى: { للَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الروم:40]، المقام مقام امتنان، لهذا اختير معنى رزاق، فلم يقل: "الله الذي خلقكم ودبر أموركم وعلمكم وأعطاكم من فضله ونعمه"، بل ذكر الرزق لأنه يشمل هذا كله. ثم تأمل قوله تعالى: { ثُمَّ رَزَقَكُمْ}، ولم يقل: "يرزقكم"؛ لتعلم أن الرزق مقسوم، وأن قسمتك منه قد كتبت وحددت فستأتيك ستأتيك، فهو الذي يطلبك وما عليك إلا الأخذ بأسباب وصوله إليك. 4- أن يسعى العبد لقوت قلبه وروحه، فكما يغذي بدنه عليه تغذية قلبه، فإنه يجوع ويعطش كما يجوع البدن ويعطش، يقول عتبة الغلام: أنا العطشان من حبك لا أروى *** أنا الجائع الذي لم يشبع من حب ربي وأعظم الأقوات للقلب والروح الذكر.. فهو أعظم الأقوات التي توصل إلى معرفة الغايات وهي معرفة الله جل وعلا. فإذا فقد القلب هذا القوت أنهكته الأمراض النفسية من كآبة وضيق واختناق وهم وغيره.
وذكر الغزالي أن الجليل هو الموصوف بنعوت الجلال، ونعوت الجلال هي الغنى والملك والتقديس والعلم والقدرة وغيرها من الصفات التي ذكرناها. فالجامع لها جميعاً هو الجليل المطلق، الموصوف ببعضها يكون جلاله. بقدر ما نال من هذه النعوت، والجليل المطلق هو الله تعالى فقط. واسم الجليل غير وارد في القرآن الكريم، ولكن ورد بمادته بمعنى الذي له الجلال، وقد ورد هذا مرتين في سورة الرحمن: فقال تعالى: "ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"، وقال في ختام السورة "تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام". والجليل من العباد هو من حسنت صفاته الباطنة التي تستلذها القلوب البصيرة. أما جمال الظاهر فإنه أقل قدراً، ويذكر الرازي أن حظ العبد من اسم الجليل، يتمثل في براءته من العقائد الباطلة، والأخلاق الذميمة، واتصافه بالمعارف الحقة والأخلاق الفاضلة.
المعاني الإيمانية التي نستخلصها من اسم الله المقيت: 1- ألا نأكل إلا الحلال الطيب، فالله يطعمنا الطيب ويسقينا الطيب وما أحل لنا إلا الطيب، ولن يقبل منا إلا الطيب.. فأطب مطعمك وكل الحلال. فالحلال الطيب من أعظم القربات عند الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن إلا الله فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» (صحيح مسلم:1599)، قال العلماء: "أن في هذا الحديث إشارة إلى أن طيب المطعم من أعظم أسباب تقوية القلب وزيادة رصيد الإيمان، وأن من أعظم مهلكات القلب ومفسدات أحوال الإنسان أكل الحرام"، لذا وجب على الإنسان التحري. وروي أن سفيان الثوري كان يتحرى الحلال من الرزق حتى عانى أولاده الفقر، فجاءه رجل بسرة مال ورجاه أن يقبلها منه، فقبلها سفيان وبعد قليل ردها إليه خشية الشبهة، فقال له أحد أولاده: "يا أبت أليس لك أولاد بحاجة لهذا المال؟: فقال سفيان: "أتريد أن تأكل وتتنعم ويُسأل أبوك يوم القيامة؟!
والمقيت -بمعني المقتدر- هو الذي يمد الإنسان بما يحتاجه من طعام ويهيئ له هذا الطعام بكيفية تتوافق مع طبيعة جسده وأجهزته الحيوية، وبما ييسر للجسد الانتفاع به، فسبحانه هو المقيت المقتدر علمًا وقوة، مقتدر علمًا: فيعلم ما الذي يفيدك ويرسله لك قوتًا ورزقًا لبدنك وروحك، ومقتدر قوة: يهيئ الأسباب لتقبل هذا القوت فتتقبله روحك ويتقبله جسدك. وبعضهم قال المقيت (الحافظ)، قال أبو عبيدة: "هو الحافظ أي الذي يحفظ لك الجسم بحفظه لما يقومه من طعام وشراب"، وهذا يتماشى مع اسمه القيوم الذي به قيام كل شيء. كذلك قالوا المقيت هو: "من شهد النجوى فأجاب وعلم البلوي فكشف واستجاب"، شهد همس القلب قبل أن ينطق اللسان فأجاب ولما نطق اللسان استجاب. ومن المعاني كذلك ما قاله الشيخ السعدي رحمه الله: "المقيت هو الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات، أوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف شاء بحكمته وحمده، هو المقيت تلخيصًا، هو القدير على كل شيء، المعطي الأقوات للخلق صغيرهم وكبيرهم قويهم وضعفيهم، غنيهم وفقيرهم، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:6]، قدر الله ذلك كله عند خلقه للأرض {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [غافر:10]".
وبهذا المعنى فالمقيت يكون بمعنى الرزاق، إلا أنه أخص منه؛ إذ الرزق يتناول القوت وغير القوت. أما المعنى الثاني لاسم الله المقيت فهو: المستولي على الشيء القادر عليه، وعلى هذا يكون معنى قول الله -عز وجل-: ( وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا) [النساء:85]؛ أي: مقتدرًا ومجازيًا، وهو من "أقات على الشيء" أي: قدر عليه، قال الزبير بن عبد المطلب: وذي ضغن كففت الشر عنه *** وكنت على إساءته مقيتًا أما المعنى الثالث لاسم الله المقيت فهو: الحافظ الحفيظ الذي أحاط بالعباد علمًا بأحوالهم وأفعالهم ونياتهم، القائم على جميع المخلوقات بالتدبير والتصريف، وهو المغيث لعباده في الشدائد إذا دعَوه، ومجيبهم ومخلّصهم، وعلاقة الحفيظ بالمقيت: أن المقيت مشتق من القوت، والقوت معناه: مقدار ما يحفظ الإنسان. عباد الله: إن مما يدعِّم المعاني السابقة في قلوبنا أن نوقن أن خزائن الأقوات والأرزاق عند الله -تعالى- مملوءة لا تنفد وخالدة لا تفنى، قال -جلا وعلا-: ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) [الحجر:21]، ومهما أنفق -سبحانه وتعالى- فإن ذلك لا ينقص شيئًا من تلك الخزائن الباقية، فعن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: " يد الله ملآى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار، وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات، والأرض؛ فإنه لم يغض ما في يده " (متفق عليه)، والسح هو الصب الدائم من الأرزاق والأقوات، ولم يغض أي لم ينقص.