قوله تعالى: ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين). 530 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي ، حدثنا أبو [ ص: 137] اليمان قال: أخبرني شعيب ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه قال: لما حضر أبا طالب الوفاة ، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل ، وعبد الله بن أبي أمية ، فقال: " أي عم ، قل معي لا إله إلا الله [ كلمة] أحاج لك بها عند الله ". فقال أبو جهل ، وابن أبي أمية: يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لأستغفرن لك ما لم أنه عنك " ، فنزلت: ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم). روى البخاري ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، ورواه مسلم ، عن حرملة ، عن ابن وهب ، عن يونس ، كلاهما عن الزهري. 531 - أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري ، أخبرنا الحسن بن علي بن مؤمل ، أخبرنا عمرو بن عبد الله البصري ، حدثنا محمد بن عبد الوهاب ، قال: أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا موسى بن عبيدة قال: أخبرنا محمد بن كعب القرظي قال: بلغني أنه لما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فيها ، قالت له قريش: يا أبا طالب ، أرسل إلى ابن أخيك ، فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكرها تكون لك شفاء!
تاريخ الإضافة: 17/10/2017 ميلادي - 27/1/1439 هجري الزيارات: 27659 ♦ الآية: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾. ♦ السورة ورقم الآية: التوبة (113). ♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ ما كان للنبيِّ ﴾ الآية نزلت في استغفار النبيِّ عليه السَّلام لعمِّه أبي طالب وأبيه وأُمِّه واستغفار المسلمين لآبائهم المشركين نُهوا عن ذلك. ♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": ﴿ مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ﴾، اخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ.
الحمد لله. نعم يجوز تعزيتهم عند الوفاة، وعيادتهم عند المرض، ومواساتهم عند المصيبة. فعن أنس -رضي الله عنه- قال: ( كان غلام يهودي يخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرض، فأتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- يعوده ، فقعد عند رأسه، فقال له: ( أسلم) ، فنظر إلى أبيه وهو عنده، فقال له: أطع أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم- فأسلم ، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: ( الحمد لله الذي أنقذه من النار). أخرجه البخاري (1356). وعنه - رضي الله عنه - أن يهودياً دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى خبز شعير، وإهالة سنخة فأجابه. أخرجه أحمد (13201) بسند صحيح. وينبّه على أن المسلم إذا فعل ذلك فعليه أن ينوي بذلك دعوتهم، وتأليف قلوبهم على الإسلام، ويدعوهم بالطريقة المناسبة في الوقت المناسب. كما ينبّه أيضاً على أنه في حالة التعزية لا يدعى لميّتهم بالمغفرة وبالرحمة أو الجنة، لقوله تعالى: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أُولي قربى وإنما يدعى لهم بما يناسب حالهم بحثهم على الصبر، ومواساتهم، وتذكيرهم بأن هذه سنّة الله في خلقه. والله أعلم.
الثاني: أن مثل هذا الحكم مما يثبت بالسمع، وإبراهيم لم يعلم بالتحريم حتى أخبره الله به، وأما محمد صلى الله عليه وسلم، فإنما طلب التجاوز عن حقه كإنسان. الثالث: أن هذا القول صدر من النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل الحكاية عن نبي من الأنبياء، بدليل ما رواه مسلم والبخاري عن عبدالله، قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح بالدم عن وجهه ويقول: ((رب اغفر لقومي فإنهم لا يعملون)). الرابع: أنَّ الاستغفار الممنوع هو لمن تبيَّنت عداوته بأن مات على الشرك، أو أُوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه يموت على الشرك، أما الاستغفار للأحياء المرجو إيمانهم - فجائز، وإلى هذا ذهب كثير من أهل العلم؛ لقول ابن عباس: كانوا يستغفرون لموتاهم، فنزلت، فأمسكوا عن الاستغفار، ولم ينههم أن يستغفروا للأحياء حتى يموتوا. الأحكام: 1 - لا يجوز الاستغفار للمشرك إذا تبينت عداوته لله. 2 - جواز الحكم على الإنسان بأنه مات على الإسلام أو الكفر بما يظهر من آخر كلامه. 3 - وجوب البراءة من المشركين ولو كانوا أولي قربى.