01:11 م الجمعة 09 مايو 2014 ثبت في الحديث أن أفضل كلمة قالها الناس قول: لا إله إلا الله؛ تلك الكلمة التي قامت عليها السماوات والأرض، وهي الكلمة الفصل بين الحق والباطل، وهي فيصل التفرقة بين الكفر والإيمان، إنها خير كلمة عرفتها الإنسانية، تلك الكلمة التي أخذها الله سبحانه عهداً على بني آدم، وهم في بطون أمهاتهم، وأشهدهم عليها، قال تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا}.. (الأعراف:172). ولأهمية كلمة التوحيد ودورها في حياة الأفراد والأمم، فقد ضرب الله لها مثلاً في القرآن، فقال سبحانه: {ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون *ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار}... (إبراهيم:24-26). يذكر المفسرون أن المراد بـ (الكلمة الطيبة) شهادة أن لا إله إلا الله، أو المؤمن نفسه، وأن المراد بـ (الكلمة الخبيثة) كلمة الشرك، أو الكافر نفسه. وهذا المثل القرآني جاء عقيب مثل ضربه سبحانه لبيان حال أعمال الكفار، وهو قوله تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف}.. (إبراهيم:18)، فذكر تعالى مثل أعمال الكفار، وأنها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، ثم أعقب ذلك ذكر مثل أقوال المؤمنين.
فهذه الشجرة شجرة مباركة، وعظيمة، ولها مكانة خاصة في قلوب الناس؛ خاصة من توجه إليهم الخطاب بادئ الأمر، لأنها تكثر في بيئتهم ويعلمون علم اليقين قيمتها وفائدتها، ولأجل ذلك لا غرو أن تصير مضرب المثل في مواضع ومواقف كثيرة؛ من ذلك هذا الموضع في كتاب الله تعالى، وفي السنة المطهرة أن الرسول الأكرم شبه بها أيضا المؤمن الصالح الكثير النفع. فـعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال: «إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المسلم حدثوني ما هي؟» فوقع الناس في شجر البادية، ووقع في نفسي أنها النخلة ، قال عبد الله فاستحييت، فقالوا: يا رسول الله أخبرنا بها، فقال رسول الله: «هي النخلة…» (رواه البخاري ومسلم). فبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها مستمرة في جميع أحوالها؛ وكذلك بركة المؤمن عامة في جميع أحواله، ونفعُه مستمر له ولغيره حتى بعد موته. ويكفي دليلا على قيمتها غِذاء ودواء أن الله أوحى إلى مريم عليها السلام وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فكانت لها دواء وشفاء وبلسما وذهابا لما تجده من وجع المخاض وهم الموقف. ولنا أن نتساءل عن المراد بالكلمة الطيبة التي ضربها الله مثلا، هل المقصود بهذه الكلمة الطيبة كلَّ كلام طيب ليس فيه إسفاف وليس فيه ما يمكن أن يمجه السمع أو يرفضه الطبع، أو المقصود بالكلمة الطيبة معنى خاصا هو ما يعنيه كتاب الله تعالى؟ ذهب جمهور من المفسرين(3) إلى أن المراد بـ"الكلمة الطيبة" كلمة التوحيد والإسلام وهي: (شهادةُ أن لا إله إلا الله) نقلا عن ابن عباس، و ذهب الشيخ الطاهر بن عاشور رحمه الله إلى أن المراد بها القرآن.
7 و 8 ـ: وهي كلمة عظيمة وكريمة على الله ومن جاء بها صادقاً أكرمه الله. روى البزار في مسنده عن عياض الأنصاري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « إن لا إله إلا الله كلمة كريمة لها عند الله مكان، وهي كلمة من قالها صادقاً أدخله الله بها الجنة، ومن قالها كاذباً حَقَنت ماله ودمه، ولقي الله غداً فحاسبه ». وهي كلمة عظيمة لا تقاومها السموات والأرض: روى النسائي وابن حبان عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال، قال موسى: ي ا ربِّ علِّمني شيئاً أذكرك به وأدعوك به، قال: قل: لا إله إلا الله، قال: يا ربِّ كل عبادك يقولون: لا إله إلا الله. قال: قل: لا إله إلا الله، قال: إنما أريد شيئاً تخصُّني به. فقال سبحانه: يا موسى لو أن السموات السبع والأرضين السبع، في كفة، ولا إله إلا الله في كفه، مالتْ بهنَّ لا إله إلا الله، أي: لعظمتها وقوتها وهيبتها. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
الكلمة الطيبة صدقة يجزى الله تعالى الإنسان عليها ويمنحه الفضل والثواب والأجر، وهى تجعل الانسان محبوب بين الجميع وتساعد على تقربه من الأخرين وتفتح له الأبواب المغلقة، وتجعله متفاؤل دائما وتمنحه الحماس الدائم للعمل والاجتهاد. الكلمة الطيبة انتصار على الشيطان الذي يحاول أن يرزع في نفوسنا كل كره وحقد بيننا، وبالتالى هى انتصار حقفيقى وفعلى لأنها تؤسس علاقات إنسانية على قيم اسلامية جميلة تمنح العبد كل إيمان وتقوى وتقرب الى الله تعالى. الكلمة الطيبة ولو بسيطة قد تنهى خلاف حاد وقد توقف نزاع وقد تزيل الخصومة وقد تقرب وجهات النظر، وقد تمنح القضايا الصعبة والمعقدة التنازلات اللازمة من كل الأطراف بما يسمح بحلها. الكلمة الطيبة توقف العنف وتمنع سفك الدماء وتزيل كل المشاعر السلبية المتواجدة بيننا ضد بعضنا البعض وتحمينا من شيطان النفس الذى يوسوس لنا الى الشر دائما. كما ان الكلمة الطيبة تحقق المغفرة وتمنح صاحبها الفوز بالجنة والابتعاد عن النار ويكسب الهداية دائما ويبتعد عن العصبية وعن القرارات الانفعالية الصعبة والتي قد تضر ولا تنفع. انتشار الكلمة الطيبة يجب ان يسعى الانسان الى نشر الكلمة الطيبة واستثمارها من خلال تأكيدها والحرص على استمرارها دوما والمناداة بين البشر باحب الكلمات واطيب الألفاظ، ويجب من خلالها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.