وقد بين " الرازي " وجه حصر الغنى والرحمة في اتصاف الرب بهما وحده على طريقة المتكلمين من الأشعرية والمعتزلة ثم قال: " واعلم يا أخي أن الكل لا يحاولون إلا التقديس والتعظيم ، وسمعت الشيخ الإمام الوالد ضياء الدين عمر بن الحسين رحمه الله قال: سمعت الشيخ أبا القاسم سليمان بن ناصر الأنصاري يقول: نظر أهل السنة على تعظيم الله في جانب القدرة ونفاذ المشيئة ، ونظر المعتزلة على تعظيم الله في جانب العدل والبراءة عن فعل ما لا ينبغي ، ولكن منهم من أخطأ ومنهم من أصاب ورجاء الكل متعلق بهذه الكلمة: ( وربك الغني ذو الرحمة) اهـ.
تفسير و معنى الآية 133 من سورة الأنعام عدة تفاسير - سورة الأنعام: عدد الآيات 165 - - الصفحة 145 - الجزء 8. ﴿ التفسير الميسر ﴾ وربك -أيها الرسول- الذي أمر الناس بعبادته، هو الغني وحده، وكل خلقه محتاجون إليه، وهو سبحانه ذو الرحمة الواسعة، لو أراد لأهلككم، وأوجد قومًا غيركم يخلفونكم من بعد فنائكم، ويعملون بطاعته تعالى، كما أوجدكم من نسل قوم آخرين كانوا قبلكم. ﴿ تفسير الجلالين ﴾ «وربُّك الغني» عن خلقه وعبادتهم «ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم» يا أهل مكة بالإهلاك «ويستخلف من بعدكم ما يشاء» من الخلق «كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين» أذهبهم ولكنه أبقاكم رحمة لكم. ﴿ تفسير السعدي ﴾ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ بالإهلاك وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ كَمَا أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ فإذا عرفتم بأنكم لا بد أن تنتقلوا من هذه الدار، كما انتقل غيركم، وترحلون منها وتخلونها لمن بعدكم، كما رحل عنها من قبلكم وخلوها لكم، فلم اتخذتموها قرارا؟ وتوطنتم بها ونسيتم، أنها دار ممر لا دار مقر.
(2) يقول عز ذكره: فلم أخلقهم، يا محمد، ولم آمرهم بما أمرتهم به، وأنههم عما نهيتهم عنه, لحاجةٍ لي إليهم، ولا إلى أعمالهم, ولكن لأتفضَّل عليهم برحمتي، وأثيبهم على إحسانهم إن أحسنوا, فإني ذو الرَّأفة والرحمة. (3) * * * وأما قوله: (إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء) ، فإنه يقول: إن يشأ ربُّك، يا محمد، الذي خلق خلقه لغير حاجة منه إليهم وإلى طاعتهم إياه = (يذهبكم) ، يقول: يهلك خلقه هؤلاء الذين خلقهم من ولد آدم (4) = (ويستخلف من بعدكم ما يشاء) ، يقول: ويأت بخلق غيركم وأمم سواكم، يخلفونكم في الأرض = " من بعدكم ", يعني: من بعد فنائكم وهلاككم = (كما أنشأكم من ذريَّة قوم آخرين) ، كما أحدثكم وابتدعكم من بعد خلق آخرين كانوا قبلَكم. * * * ومعنى " مِنْ" في هذا الموضع التعقيب, كما يقال في الكلام: " أعطيتك من دينارك ثوبًا ", بمعنى: مكانَ الدينار ثوبًا, لا أن الثوب من الدينار بعضٌ, كذلك الذين خوطبوا بقوله: (كما أنشأكم) ، لم يرد بإخبارهم هذا الخبر أنهم أنشئوا من أصلاب قوم آخرين, ولكن معنى ذلك ما ذكرنا من أنَّهم أنشئوا مكان خَلْقٍ خَلَف قوم آخرين قد هلكوا قبلهم. * * * و " الذرية " " الفُعْليّة " ، من قول القائل: " ذرأ الله الخلق ", بمعنى خلقهم، " فهو يذرؤهم ", ثم ترك الهمزة فقيل: " ذرا الله ", ثم أخرج " الفُعْليّة " بغير همز، على مثال " العُبِّيَّة ".