ورغم كبر سن سمية رضي الله عنها إلا أنها ثبتت ثباتاً عجيباً أمام أبي جهل الذي كان يتولى تعذيبها، وأغلظت له القول فطعنها في قُبلها بحربة في يديه فماتت أمام زوجها وابنها، دون أن تتنازل لأبي جهل عن شيء من إسلامها، حتى قال جابر رضي الله عنه: "يقتلوها فتأبى إلا الإسلام". ولما كان يوم بدر قُتل أبو جهل الذي قتلها، قال ابن حجر في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة": "وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن مجاهد قال: أول شهيد في الإسلام سمية والدة عمار بن ياسر ، وكانت عجوزاً كبيرة ضعيفة، ولما قُتِل أبو جهل يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمار: قتل اللَّه قاتل أمّك ". لقد عذب المشركون من أسلم وأظهر إسلامه شديد العذاب ليرتدوا عن دينهم ويكفروا بالله وبما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا يطلبون منهم النطق بكلمة الشرك ليكفوا عن تعذيبهم، وإلا استمر تعذيبهم ما داموا على الإسلام، فمن أولئك المعذبين مَنْ أبَى أن يعطيهم شيئاً مما طلبوه كبلال رضي الله عنه، و سمية رضي الله عنها وغيرهما، ومنهم من أعطاهم ذلك - ظاهراً - ليخففوا عنه العذاب، وثبت على عقيدة التوحيد والإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم في باطنه، كعمار ، وفي ذلك فقه يتراوح بين العزيمة والرخصة, يحتاج من الدعاة أن يستوعبوه, ويضعوه في إطاره الصحيح, وفق معاييره الدقيقة دون إفراط أو تفريط.
أول شهيد في الإسلام إسلام ويب لقد سطرت الصحابية الجليلة سمية بنت خياط أم عمار لقب أول شهيدة في الإسلام، وكما سجل الحارث بن هالة أول شهيد في الإسلام، وهم أوائل من دخلوا في الإسلام واتبعوا النبي في دعوته التي جاء بها، وكانوا أول من صدقوا النبي في دعوته، وقد ألحق المشركون في بداية الدعوة العديد من التعذيب والاضطهاد لضعفاء المسلمين ولكنهم صبروا واحتسبوا كل هذا العذاب في سبيل الله ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم دائما يدعو لهم بالصبر والجنة موعدهم، وكان أبو جهل يعذب الصحابية سمية تعذيبًا شديدًا على مرأى الناس. من هو الحارث بن هالة صحابي جليل ومن السباقين في دخول الإسلام وهو ابن السيدة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد من زوجها الأول أبو هالة، وكان موقفه البطولي الشجاع عندما دافع عن النبي وتصدى لكفار قريش الذين هاجمهم وقاتلهم حتى استكثروا عليه بالعدد وقاموا بقتله، وقد سالت دمائه الطاهرة عند الركن اليماني في المسجد الحرام وكانت لحظة استشهاده حاسمة على بقية الصحابة الذين تجمعوا حول النبي ليوصيهم الرسول وتكون أول وصية في الإسلام.
تعريف الشَّهادة الشَّهادة لغةً الشهادة في اللغة أصله من شهد، الشِّين والهاء والدَّال أصلٌ واحدٌ دالٌّ على الحضور والعلم والإعلام، فالمشهد أي المحضر من النَّاس، وشهد يشهد شهادةً أي أَعلم بما عنده أو بما رأه أو سمعه، والشَّهيد هو القتيل في سبيل الله تعالى، وسُمِّي بذلك لأنَّ ملائكة الرَّحمة تَحضُره، وقيل: سُمِّي بذلك لأنَّ الشهيد يسقط حين يقتل على الأرض، والأرض في لغة العرب تُسمَّى الشَّاهدة.
[٧] المراجع ^ أ ب ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة ، صفحة 696. بتصرّف. ↑ علي بن الأثير، أسد الغابة ، صفحة 79. بتصرّف. ↑ أحمد البلاذري، أنساب الأشراف ، صفحة 66. بتصرّف. ↑ عبد الرحمن بن منده، المستخرج من كتب الناس للتذكرة والمستطرف من أحوال الرجال للمعرفة ، صفحة 201. بتصرّف. أول شهيد في الإسلام. ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الموجزة في التاريخ الإسلامي ، صفحة 673. بتصرّف. ↑ أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة ، صفحة 3361. بتصرّف. ↑ محمد بن سعد، الطبقات الكبرى ، صفحة 264. بتصرّف.