ثالثًا: أن الله تعالى هو الذي يحفظ العبد من الشرور والآفات ، ويحفظه من عقابه وعذابه ،إن هو حفظ حدود الله واجتنب محارمه، قال تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]. اسم الله الحفيظ حازم شومان. فبحفظهن لدين الله، ولحفظهن بالغيب حقوق أزواجهن من عرض، أو مال، أو ولد، أو غير ذلك حفظهن الله، روى الترمذي في سننه من حديث عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ". أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم ا لخطبة الثانية ( اسم الله الحفيظ والحافظ) ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين العظيمين: رابعًا: مدح الله – سبحانه – الذين يحفظون حقوقه وحدوده، فقال بعدما ذكر بعضًا من صفاتهم: ﴿ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 112]. وقال تعالى: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 32، 33]. ومما يلزم المؤمن حفظه رأسه، وبطنه، وحفظ الرأس يدخل فيه حفظ السمع، والبصر، واللسان، من المحرمات، وحفظ البطن يتضمن حفظ القلب عن الإصرار على مُحَرَّمٍ، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235].
فالحفيظ الذي يفعل هذا الحفظ المعجِز يشير به الى إظهار التجلي الاكبر للحفيظية يوم الحشر الاكبر والقيامة العظمى. نعم، ان اظهار كمال الحفظ والعناية في مثل هذه الامور الزائلة التافهة بلا قصور، لهو حجةٌ بالغة على محافظة ومحاسبة ما له اهمية عظيمة وتأثير ابدي كأفعال خلفاء الارض وآثارهم، واعمال حملة الامانة واقوالهم، وحسنات عبدة الواحد الاحد وسيئاتهم.. { أيحسَبُ الانسانُ أنْ يُترَكَ سُدىً.. الحافظ (أسماء الله الحسنى) - ويكيبيديا. } (القيامة: 36) بلى إنه لمبعوثٌ الى الابد، ومرشّحٌ للسعادة الابدية او الشقاء الدائم، فيحاسَبُ على السَبَد واللَّبَد(1) فاما الثواب واما العقاب. وهكذا فهناك ما لا يحد ولا يُعد من دلائل التجلي لإسم الله الحفيظ، وشواهد حقيقة الآية المذكورة. فهذا المثال الذي تنسج على منواله ليس الاّ قبضة من صُبرة(2)، او غرفة من بحر، او حبة من رمال الدهناء، ونقطة من تلال الفيفاء(3)، وقطرة من زلال السماء، فسبحانه من حفيظ رقيب وشهيد حسيب. { سُبحَانَكَ لا عِلمَ لَنا إلاّ ما عَلمتَنا إنكَ أنتَ العَليمُ الحَكيم}(*) _________________________ (1) السَبَد: جمع أسباد: القليل من الشعر، يقال: »ما له سبدٌ ولا لَبَد« أي لا شعر ولاصوف، يقال:لمن لا شئ له (انظر مجمع الامثال للميداني).
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر: 41]. وهو - سبحانه - يحفظ عبده من المهالك ومن مصارع السوء كقوله تعالى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]. أي بأمره، ويحفظ على الخلق أعمارهم ويُحصي عليهم أقوالهم ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مُواقَعَةِ الذنوب ويحرسهم من مكائد الشيطان ليسلموا من فتنته وشرِّه [2]. ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين العظيمين: أولًا: أن الحافظ لهذه السماوات السبع والأرضين وما فيها هو الله وحده لا شريك له، وهو - سبحانه - يحفظ السماء أن تقع على الأرض، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]. معنى اسم الله الحفيظ. وقال - سبحانه -: ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [الحج: 65]. ثانيًا: أن الله - سبحانه - يحفظ أعمال عباده فلا يضيع منها شيئًا ويوافيهم بها يوم الحساب، وفي الحديث القدسي: "يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا" [3].