كما أنّ الملك من حكام التاريخ الإسلامي الذي يتميز في تقوى الله، وخشيته له ويتميز الملك أيضاً بأنه على علم واسع في جميع أمور الدين والشريعة الأسلامية والمبادئ العامة التي يقوم عليها الدين الأسلامي لذلك وصف بأنه المختلف عن غيره من الحكام الذين تولوا العهد، فقد يقوم في إرشاد شعبه إلى الاهتمام في دينهم والمبادئ الذي يقوم عليها. ذكر المقربين من الملك والأشخاص الذين يقومون في خدمته وحراسته، بأنه ينام إلى ما قبل الفجر، ويقوم بعدها في قراءة القرآن ، والصلاة، حتى يقوم المؤذن في رفع الصلاة وبعد الصلاة يعود ويقرأ القرآن الكريم حتى شروق الشمس، فيسترح قليلاً، وعندما تشرق الشمس يقوم ويصلي ركعات عديدة من الصلاة لشكر الله أيضاً، فكانت كلماته وخطاباته في العديد من المناسبات تعبر صدقاً عن قوة إيمانه، وتوكله على الله، وكان يقوم في النصح لشعبه وتوجيههم إلى طاعة الله، فقد آتاه الله من العلم والدين حظاً وافراً. كان الملك عبد العزيز يفهم الإسلام فهماً صيحاً، مما جعل الكثير من الناس يحتاجونه في هذا الوقت، وبعد العديد من سنوات حكم الملك عبد العزيز قام بعض الجهلة في ادعاء الكذب بعدم قيامه بمراعاة الأحكام الشرعية فيما قام به من إصلاحات وعلاقات مع غيره، حيث كان في الحقيقة خادماً للحرمين الشريفين، وكان أيضاً إماماً للمسلمين في عهده حيث كان وقتها يحكم الحجاز ونجد، وكان حريصاً كل الحرص على الالتزام بكتاب الله وسنة نبيه وأتباع السلف الصالح.
قليلة هي الشخصيات التي يبقى ذكرها طيباً، وتخلد إلى مراحل وأجيال لاحقة، وشخصية الملك عبد العزيز آل سعود من الشخصيات الخالدة، والتي ستبقى خالدة لمدة طويلة؛ لأن هذه الشخصية استطاعت بناء دولة عظيمة على جميع المستويات، وتتبوأ الآن موقعاً متميزاً في جميع المحافل العربية، والإقليمية، والدولية، وهي رقم صعب بين دول العالم كافة، كل هذا يبرهن على المكانة الكبيرة للمملكة العربية السعودية التي أسسها الملك عبد العزيز ورعاها أبناؤه البررة من خلفه، وما زالت هذه الدولة تسير على الأسس والمبادئ التي وضعها.
نبذة عن إيمان الملك عبد العزيز وصف الملك عبد العزيز آل سعود لنفسه نبذة عن إيمان الملك عبد العزيز: كان الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله قوي الإيمان في الله ولا يشرك به أحد، فقد كانت هذه القوة في بعض المواقف تجعله يرتفع إلى مستوى عالي، كان يعتمد في كل أمور حياته على الله وحده، وكان على ثقة في نصره له، فحين قام الملك في استرداد الرياض، سار مع جشيه حتى اقترب من أبواب المدينة حيث استمر سيرهم لمدة ساعة ونصف، كما أنه كان في مقدمة جيشه، وكان عدد الجيش حينئذ يبلغ ستين رجلاً. لم يكن يخطط للهجوم على خصومه؛ وذلك لأن عدد الجيش الذي معه كان قليل جداً، فقام بتقسيم جيشه إلى مجموعتين كان هو وسبعة من الرجال في مجموعة، وأخاه محمد مع الباقين حيث قام الملك في توصيته إذا لم تأتي أخبار حتى يوم التالي، أعلم أننا قد تم القضاء علينا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. كان الملك عبد العزيز آل سعود في حياته اليومية كما ذكره بعض الكتاب منهم عبد الرحمن الخطيب والعديد غيره، فقال: إنّه يستيقظ من نومه يومياً قبل صلاة الفجر كان يبدأ يومه في الصلاة وقراءة القرآن الكريم، وكان لسانه دائماً رطباً في ذكر الله في كل الأوقات، كان يحمد الله في السراء والضراء، وعندما يبعث خطاباً لأي شخص يبدأه في ذكر الله، يشكر الله على جميع نعمه.
وقد كان الملك يحكم في الشرع في كل الأمور التي تتصل في الدين، ولم يمنع الملك التقدم والتطور في البلاد التي تؤدي إلى نفع أهلها، ولم يقم الملك عبد العزيز في حظر استخدام ما يجعل حياة المسلمين ميسرة، كان دليلاً على ذلك قوله " لقد قام المسلمون اليوم في الاستيقاظ من نومهم، فيجب عليهم أن يستحلوا في الأسلحة التي بين أيديهم، وهي نوعان: سلاح التقوى وطاعة الله، وثانيهما: الأسلحة المادية من طيارات وسيارات"، لذلك قام في استخدام هذه الأسلحة، وذلك لم يعجب بعض الجهله الذي أخذوا ذلك حجة لهم وقاموا في انتقاد الملك بأنّه لم يطبق أحكام الشريعة الأسلامية.
هذه الصفات التي كان يتمتع بها الملك عبد العزيز التواضع، وصفاء، النفس، والفكر من كل الشوائب والأحقاد. لذلك تمكن الملك عبد العزيز بمهارة نادرة من جذب مناوئيه، وكسب خصومه، وتحويلهم إلى أنصار وأعوان، وتوظيفهم في بناء الدولة الجديدة، وهذه القيادة الناجحة والعبقرية الفريدة. أمّا بخصوص السياسة الخارجية فقد أجتذب الملك عبد العزيز إلى ديوانه عدداً كبيراً من المستشارين الدهاة من مختلف البلدان العربية؛ كي يطلع من طريقهم على خطوط السياسة العالمية، غير أن ما ميزه أنه لم يكن يقبل كل ما يقوله المستشارون، بل كان يستمع بهدوء إلى كل واحد منهم، ويوازن هو بين أقوالهم، ثم يصدر حكمه بعد التروي، ولعل الصفة البارزة التي كان يتمتع بها انه لم يكن يحب من مستشاريه أن يؤيدوه في كل ما يقول، بل كان يريد منهم أن يصارحوه الرؤى، وهذه الميزة تفرد فيها الملك عبد العزيز عن غيره من الحكام الذين اعتادوا تقريب المداحين والمتلفين. وكان الملك عبد العزيز عطوفا حتى على الإبل، ويذكر الريحاني قصة مثيرة عن عطفه على الإبل حيث يقول: «كان (الملك عبد العزيز) يراقب قافلة أناخت عند خيمة الممونة تحمل إلينا الخضر والماء من الأحساء. فأمر أن يحضر قيمها، فسأله سؤالاً بخصوص جمل من الجمال، فقال القيم هو حرون (الذي يرفض الأكل والانقياد) يا طويل العمر، فأجابه السلطان: اتركه يرعى مع الجيش (تطلق على مجموعة الإبل من ركائب ومحملات) لا ترجعه معك.. جوانب من شخصية الملك عبد العزيز -رحمه الله-. وقال: العدل عندنا يبدأ بالبل-الإبل- ومن لا ينصف بعيره يا حضرة الأستاذ لا ينصف الناس».