ذكرت سورة الهمزة الأغنياء من المشركين الذين كانوا يجمعون المال ويكدّسونه، ظنًّا منهم أنّ أموالهم وغناهم المادي الكبير سيجعلهم خالدين في الدنيا. ذكرت سورة الهمزة أنّ نار جهنّم قد أعدّها الله سبحانه، وهي المصير والقرار لكلّ من ظنّ أنّه سينجو بماله ويخلد به. ثمّ وصفت حال أهل النّار والأهوال التي يلاقونها في نار جهنم، ووصفت النار بهولها وشأنها العظيم، وكيف أنّ الناس والحجارة هم وقودها، وكيف ستكون معذّبةً للكفّار والمشركين المخلّدين فيها أبدًا. دروس مستفادة من سورة الهمزة تضمنت سورة الهمزة الكثير من الدروس والعبر التي من الضروري على المسلم استنباطها واستنتاجها وتعلّمها من هذه السورة المباركة، فهي تحمل وصفًا للصفات السلبية التي من واجب المسلم أن يبتعد عنها وأن يتحلّى بالصّفات الإيجابية والأخلاق الحميدة، ومع سبب نزول سورة الهمزة سيتمّ فيما يأتي ذكر الدروس المستفادة من سورة الهمزة: [9] إنّ الهمز واللمز من الصفات الخبيثة والأخلاق الذميمة التي من واجب الإنسان الإبتعاد عنها. الكثير من مرضى القلوب والنفوس من البشر يجمعون المال ويتعالون به على عباد الله وهذا من الأمور الخبيثة. تفسير سور (التكاثر والعصر والهمزة والفيل وقريش). أعد الله العذاب والعقاب الشديد لمن يهزأ بالنّاس ومن يعيبهم وينتقص منهم.
فهذا التأنيث للمبالغة بل الغاية في المبالغة، وهذا ما تدل عليه كلمة (هُمَزة) إذن نحن أمام صيغتين للمبالغة إحداهما تدل على المزاولة ، والأخرى على النهاية في الوصف... ها هو الفرق بينهما والسؤال الآن بعد أن عرفنا الفرق بينهما: لماذا اختار وضع هذه هنا وهذه هناك ؟ قال تعالى في سورة الهُمزة (" وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ. الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ. يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ. كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ. نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ. الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ. فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةٍ ") وقال في سورة القلم: ( ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ. مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ. سورة ويل لكل همزة لمزة. وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ. وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ. بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ. إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ. فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ. وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ. وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ.
ثم ذكر سبب عيبه وطعنه في الناس 2 الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ أي إن الذي دعاه إلى الحط من أقدار الناس وازدرائهم هو جمعه للمال وتعديده مرة بعد أخرى، شغفًا به وتلذذًا بإحصائه، لأنه يرى أن لا عزّ إلا به، ولا شرف بغيره، فهو كلما نظر إلى كثرة ما عنده ظن أنه بذلك قد ارتفعت مكانته، وهزأ بكل ذي فضل ومزية دونه، ثم هو لا يخشى أن تصيبه قارعة بهمزه ولمزه وتمزيقه أعراض الناس، لأن غروره أنساه الموت، وأعمى بصيرته عن النظر في مآله، والتأمل في أحواله. 3 يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ أي يظن هذا الهماز العياب أن ما عنده من المال قد ضمن له الخلود في الدنيا، وأعطاه الأمان من الموت، فهو لذلك يعمل عمل من يظن أنه باق حيّا أبد الدهر، ولا يعود إلى حياة أخرى يعاقب فيها على ما كسب من سيئ الأعمال. سورتان في القرآن بدأت ب الويل : 1- ويل للمطففين. 2- ويل لكل همزة لمزه. - هوامير البورصة السعودية. وبعد أن توعد من هذه صفاته بشديد العقاب، و أردفه ذكر السبب الذي حمله على ارتكاب هذه الخلال الممقوتة، من ظنه أن ماله يضمن له الأمان من الموت، أعقبه بتفصيل ما أعدّ له من هذا العذاب المحتوم في الآية التالية. 4 كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ أي ازدجر أيها العيّاب عما خيل إليك من أن المال يخلدك ويبقيك، بل الذي ينفع هو العلم وصالح العمل، فإنك والله مطروح في النار لا محالة، لا يؤبه لك ولا ينظر إليك.